كارثة التسونامي تتفاقم.. وانفجار محطة نووية يدق ناقوس الخطر

1800 قتيل ومفقود > انقطاع المعلومات عن مدينة ساحلية بكاملها > حادث فوكوشيما واحد من أسوأ 3 انفجارات نووية

سيارة غارقة وسط الحطام والأوحال في مدينة سينداي بعد الزلزال أمس (أ.ب)
TT

تفاقمت كارثة الزلزال العنيف الذي أعقبه تسونامي في اليابان بارتفاع حصيلة الضحايا، وحدوث انفجار في مفاعل نووي اعتبره خبير أميركي واحدا من ثلاثة انفجارات نووية في التاريخ. وحتى مساء أمس، ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 1800 قتيل ومفقود حسب تعداد للشرطة وتقارير إعلامية، فضلا عن 10 آلاف شخص آخر في مدينة ساحلية قالت السلطات إنها لم تحصل على معلومات بشأنهم.

ووقع الانفجار في المفاعل الأول في محطة فوكوشيما النووية بشمال شرقي اليابان، في الساعة الثالثة و36 دقيقة، أمس، مما أدى إلى انهيار قسم من المبنى الموجود فيه المفاعل. ولم تعمل أنظمة التبريد في محطتين نوويتين بعد الزلزال العنيف الذي بلغت قوته 8.9 درجات على مقياس ريشتر، وأعقبته أمواج تسونامي ضربت المدن الساحلية، جارفة كل ما كان في طريقها.

وقال خبير نووي أميركي إن هذا الانفجار يعد من أسوأ ثلاثة انفجارات نووية في التاريخ، وأنه قد يتحول إلى «كارثة شاملة» في حال انهيار المفاعل. وقال جوزيف سيرنسيوني، مدير منظمة «بلوشيرز فاند»، التي تعنى بالحد من انتشار الأسلحة النووية في حديث مع شبكة «سي إن إن»: «في حال وقفت الأمور عند هذا الحد يبقى هذا الانفجار من أسوأ ثلاثة انفجارات في التاريخ»، إلى جانب انفجار مفاعل تشرنوبيل في أوكرانيا عام 1986، ومفاعل ثري مايل ايلاند في الولايات المتحدة عام 1979. وانتقد السلطات اليابانية على تقديمها معلومات متناقضة وناقصة حول مسار الحادث، متخوفا من انبعاث مادة السيزيوم المشعة.

وقال إن وجود مادة السيزيوم في محيط المحطة يعني أن عملية انصهار جزئية جارية، وأن هذا يعني أن «قضبان الوقود معرضة، وأن مستوى الماء أصبح أدنى من مستوى القضبان، وأنها بدأت تنصهر وتصدر السيزيوم المشع».

وفور وقوع الانفجار، دعا رئيس الوزراء الياباني، ناوتو كان، سكان المنطقة إلى الهدوء. وأفادت تقارير بأن دخانا تصاعد فوق محطة فوكوشيما النووية، على بعد 250 كلم شمال شرقي طوكيو، بعد وقوع انفجار فيها، مما أدى إلى إصابة عدد من الموظفين بجروح. ونقلت وكالة أنباء «كيودو» عن لجنة الأمن النووي اليابانية قولها إن نشاطا إشعاعيا سجل في الموقع. كما ذكرت وكالتا «كيودو» و«جيجي» قبل الانفجار أن «انصهارا نوويا قد يكون حصل في المحطة»، في حين ذكرت محطة أن «إتش كاي» التلفزيونية العامة أن وكالة الأمن النووي قالت إن أنابيب معدنية تحتوي على اليورانيوم قد تكون ذابت. وتضرر نظام التبريد في المحطة جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة، أول من أمس، مما حمل السلطات، أمس، على توسيع المنطقة التي يجب إخلاؤها من السكان حول محطتي فوكوشيما النوويتين إلى 20 كلم.

وتعرضت قضبان وقود في المفاعل النووي رقم واحد لفترة قصيرة للهواء، أمس، بعد انخفاض مستوى تبريد المياه. وصرح متحدث باسم شركة «طوكيو» للطاقة الكهربائية، التي تشغل الموقع: «نحاول رفع مستوى المياه». ونصح الخبراء والصحافيون في محطة التلفزيون اليابانيين بالبقاء في بيوتهم وإغلاق نوافذهم، في دائرة أوسع من المنطقة التي تم إخلاؤها، وأيضا الأفراد المتواجدين في الخارج إلى حماية جهازهم التنفسي بفوطة مبللة، وتغطية جسدهم إلى أقصى حد، لتجنب تعرض جلدهم مباشرة إلى الهواء.

وقالت وكالة «كيودو» إن الإشعاعات، التي يتلقاها فرد على موقع الانفجار، توازي تلك التي يمكن لفرد تلقيها خلال عام، تحت طائلة تعريض صحته للخطر.

وأكدت الحكومة اليابانية وقوع الانفجار، إذ قال المتحدث باسمها، يوكيو أدانو، إنه «بُلّغ بوقوع انفجار» في الموقع، و«إننا نقوم بكل ما في وسعنا لنكون على اطلاع بما يحصل. ندرس النشاط الإشعاعي بعناية فائقة». وتابع أن السلطات تتخذ «كافة التدابير لضمان سلامة السكان». وكان مقررا إرسال فرق إطفاء خاصة مدربة على التعامل مع الحالات الطارئة إلى المحطة للمساعدة.

وظهرت مشكلات في درجات الحرارة، وسلم سلاح الجو الأميركي المحطة النووية سائل تبريد الليلة الماضية. وتلقت شركة «طوكيو» للطاقة الكهربائية تعليمات بفتح صمامات المفاعل، لبعث بخار إشعاعي، وتخفيف الضغط الداخلي المرتفع بشكل غير طبيعي. وحاولت السلطات تقييم حجم الكارثة النووية الناجمة عن أمواج التسونامي، التي أعقبت الزلزال الأعنف الذي يضرب اليابان.

وأدى الزلزال العنيف والتسونامي إلى سقوط أكثر من 1800 قتيل ومفقود، بحسب حصيلة مؤقتة، استنادا إلى أرقام الشرطة وتقارير إعلامية. كما لم تتوافر للسلطات في مياغي معلومات عن 10 آلاف شخص من سكان مدينة ميناميسانريكو، غداة التسونامي، كما ذكر الموقع الإلكتروني لشبكة «إن إتش كاي» الإخبارية، أمس. وأضافت الشرطة أن أكثر من 215 ألف شخص توجهوا إلى ملاجئ، في حين دمر أكثر من 3400 مسكن. ويتوقع أن يكون عدد المنكوبين أكبر بكثير، لأن الشرطة لم تتلق بعد التقارير الكاملة عن الأشخاص المتضررين. وقال رئيس الوزراء الياباني بعد تفقد الأضرار من مروحية: «لم تعد معظم المناطق السكنية في غالبية المدن الساحلية موجودة، والحرائق لا تزال مشتعلة فيها».

وجرفت أمواج التسونامي معها حاويات الشحن والسيارات وحطام منازل وأبنية إلى شوارع سينداي وحقولها، وكونت أكواما من الوحول. وكانت عملية إغاثة جارية لنقل 50 ألف جندي ومسعف، مع 190 طائرة، وعشرات السفن، في المناطق المنكوبة.

وفي مقاطعة مياغي، حدد موقع سفينة جرفتها أمواج التسونامي، وقامت مروحيات بإنقاذ ركابها الـ81. وكتبت وكالة «جيجي» أنه عُثر على ركاب قطارين فقدا، الجمعة، في مقاطعتي مياغي وايواتي، سالمين. وانقطع التيار الكهربائي عن 5.6 مليون منزل، وحذرت شركة الكهرباء اليابانية من انقطاع الكهرباء أيضا، في العاصمة وضواحيها. وحرم مليون منزل من مياه الشفة.

ووضعت قوات الدفاع الذاتي (الجيش الياباني) في حال تأهب لتنظيم أعمال الإغاثة بكل الوسائل المتوفرة. وطلب من الجيش الأميركي المساعدة لنقل جنود وآليات جوا، ويتوقع أن تشارك سفن من الأسطول السابع في عمليات البحث والإنقاذ في البحر، إلى جانب البحرية اليابانية.

وقال وزير المالية الياباني، يوشيهيكو نودا، أمس، إنه سيكون من الصعب إعداد ميزانية طارئة قبل نهاية شهر مارس (آذار) الحالي. وقال نودا إن الأمر سيستغرق وقتا لتقدير تكلفة الأضرار، وهو شرط أساسي لتحديد حجم ميزانية طارئة. وفي موسكو، نقلت وكالات أنباء روسية عن إيغور سيتشين، نائب رئيس الوزراء الروسي، قوله، أمس، إن اليابان طلبت من روسيا زيادة إمدادات الطاقة بعض تضرر محطة كهرباء نووية. ونقلت وكالة «ايتار تاس» عن سيتشين قوله إن روسيا تستطيع زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال 150 ألف طن، في حين ستدرس شركة «ميتشيل» للتعدين، وشركة «فحم سيبيريا» هذا الأسبوع إمكانية زيادة إمدادات الفحم ما بين ثلاثة وأربعة ملايين طن.