أشتون تطالب بإجراءات «فورية» لحماية المتظاهرين.. وصالح يشكل لجنة تحقيق

اليمن: 100 جريح في قمع لاعتصام «ساحة التغيير» بصنعاء

أحد المحتجين اليمنيين يضع قناعا واقيا من الغازات التي تطلقها قوات الحكومة خلال المظاهرات المطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

واصلت قوات الأمن اليمنية محاولاتها الحثيثة لتفريق المعتصمين في «ساحة التغيير» بالعاصمة صنعاء، وقد سقط جرحى في هذه المحاولات، في الوقت الذي أعلنت فيه شخصيات حكومية وبرلمانية بارزة التحاقها بـ«ثورة الشباب»، بعد تقديم استقالاتهم من مناصبهم ومن الحزب الحاكم.

وقالت مصادر طبية في المستشفى الميداني بـ«ساحة التغيير» في صنعاء، إن المستشفى استقبل أكثر من 100 حالة إصابة في محاولة قوات الأمن ومسلحين بلباس مدني أو من يوصفون بـ«البلطجية»، تفريق الاعتصام من جهة شارع العدل، وذكرت أن قرابة 20 حالة أصيبت بالرصاص الحي وبقية الحالات أصيبت بالاختناقات، وذكرت أن بعض الحالات حرجة وجرى نقلها إلى مستشفيات أخرى، هذا في الوقت الذي يواصل رجال الأمن و«البلطجية» محاصرة ساحة الاعتصام من مختلف المنافذ، وبحسب شهود عيان، فإن كل من يغادر الساحة يتعرض للاعتداء بالضرب، في كثير من الأوقات، إضافة إلى منع من يحاول الدخول إليها.

وفي بقية المحافظات، تواصلت المظاهرات والاعتصامات المطالبة بإسقاط النظام، وفي عدن، قام محتجون، لليوم الثاني على التوالي، بإحراق قسم شرطة دار سعد، بعد أن سقط قتلى برصاص قوات الأمن في قمع المظاهرات، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد القتلى الذين سقطوا بلغ 5 أشخاص، وبذلك يرتفع عدد المتظاهرين الذين سقطوا في قمع المظاهرات، أول من أمس، في جميع المحافظات، إلى 9 قتلى.

وقال الدكتور عبد الباري دغيش، عضو مجلس النواب (البرلمان) والممثل لدائرة دار سعد، إن قوات الأمن المركزي قامت، أمس، بإطلاق النار وسط شوارع المدينة بصورة «عشوائية واستعراضية»، دون وجود متظاهرين، وأكد أن مواطنا يدعى صدام ثابت زيد، أصيب بطلق ناري في بطنه وهو يتعاطى القات بداخل محله الخاص لبيع الفاصوليا، وإزاء ما يتعرض له أبناء دائرته وغيرهم من ساحات الحرية والتغيير في مختلف المدن اليمنية، قال دغيش لـ«الشرق الأوسط» إنه جمد عضويته في البرلمان، وذلك بعد أيام على استقالته من عضوية حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم. وأضاف: «أعلن دعمي الكامل وانضمامي لمطالب ثورة الشباب في التغيير والحرية والحياة الجديدة».

هذا وقد انعكست سياسة قمع المظاهرات والاعتصامات، سلبا على الحزب الحاكم باليمن، فقد تواصلت الاستقالات في صفوفه من قبل شخصيات برلمانية وحزبية وحكومية، وآخر المستقلين، الدكتور محمد الحاوري، وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الذي استقال من منصبه ومن الحزب، وكذلك فعلت حورية مشهور، نائبة رئيس اللجنة الوطنية للمرأة التي استقالت، أيضا، من عضوية اللجنة الرئاسية الخاصة بتقصي الحقائق في أحداث العنف في عدن، مؤخرا، وقالت مشهور لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا فائدة من البقاء في مواقعي إن لم أستطع أن أفعل شيئا»، وأكدت أنها وعددا من الناشطات منعن من إدخال كمية رمزية من الأدوية إلى المستشفى الميداني بـ«ساحة التغيير» في صنعاء، من قبل «البلطجية»، ليس ذلك فحسب، بل قالت إنهم تلفظوا عليها ورفيقاتها بألفاظ نابية وإن أحدهم لكم إحدى الناشطات في وجهها.

وأعلن عدد آخر الاستقالة من حزب المؤتمر الحاكم، منهم النائب ورجل الأعمال شوقي عبد السلام شمسان، الذي أعلن استقالته من وسط «ساحة التغيير» في صنعاء، كما أعلن انضمامه إلى «شباب الثورة»، واحتجاجا، أيضا، على قمع المتظاهرين، استقال القاضي عبد الملك عبد الله المروني، عضو المحكمة العليا، من منصبه، وفي محافظة تعز تقدم 15 أستاذا جامعيا باستقالة جماعية من عضوية الحزب الحاكم، وذلك احتجاجا على «ما تمارسه السلطات من أعمال البلطجة واستخدام الذخيرة الحية بحق المعتصمين سلميا»، حسب تعبيرهم.

هذا وتتواصل الإدانات المحلية والدولية لعمليات قمع المتظاهرين في اليمن، فبعد إدانة أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، صدرت إدانة شديدة اللهجة عن الممثلة العليا للشؤون الخارجية وسياسات الدفاع في الاتحاد الأوروبي، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، كاثرين أشتون، التي قالت في بيان صادر عنها: «أدين استخدام القوة من قبل الحكومة اليمنية ضد المتظاهرين هذا اليوم (الأحد) في صنعاء والمدن اليمنية الرئيسية وأشعر بالأسى والحزن لفقدان الأرواح وحدوث الكثير من الإصابات»، ودعت أشتون الرئيس علي عبد الله صالح إلى «الالتزام بتعهداته التي أعلن عنها في 10 مارس (آذار)»، وقالت في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن على الرئيس صالح أن يقوم و«بشكل فوري باتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان حماية المتظاهرين وكفالة حقهم في التجمع بحرية»، لأن «الحكومة مسؤولة عن حالة وسلامة مواطنيها». وأضافت أن هناك «حاجة الآن لإجراءات عاجلة وملموسة وذات مصداقية لتلبية تطلعات الشعب اليمني»، كما دعت أشتون من وصفتهم بـ«الفاعلين السياسيين اليمنيين»، إلى «ضبط النفس والبدء بحوار جاد وحقيقي».

من جانيه، أمر الرئيس اليمني بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت أمام جامعة صنعاء بـ«ساحة التغيير»، وقد ضمت اللجنة عددا من القضاة ومشايخ القبائل، في ذات السياق، تواصل السلطات اليمنية نفيها استخدام «غازات محرمة دوليا»، وقالت مصادر رسمية إن وزير الصحة والسكان اليمني، الدكتور عبد الكريم راصح، سلم «ممثل منظمة الصحة العالمية بصنعاء الدكتور غلام بوبال رباني، اليوم (الأحد) رسالة موجهة إلى المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية تتضمن طلب الحكومة اليمنية إيفاد خبراء من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية من أجل الفحص والتحري حول القنابل الدخانية التي استخدمت لفض الاشتباكات وأعمال الشغب بين متظاهرين ومجموعة من المواطنين في الأحياء المحيطة بجامعة صنعاء أمس، وفي الأيام السابقة وذلك تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بهذا الخصوص»، وحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، فقد حددت الرسالة «الخبراء المطلوب إيفادهم بخبير في مجال الطب الشرعي والسموم، خبير في مجال أمراض الأعصاب، وخبير في مجال القنابل الدخانية المستخدمة لفض الشغب».