المسيحيون يفضون اعتصامهم بعد وعود نائب رئيس الوزراء بتحقيق مطالبهم

القوات المسلحة تشرع في بناء كنيسة أطفيح

TT

وافق غالبية المسيحيين المعتصمين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) بالعاصمة المصرية القاهرة على فض اعتصامهم أمس وبدأوا بمغادرة المكان، وذلك عقب لقاء الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، بهم. ووعد الجمل المعتصمين ببناء وترميم الكنائس التي تحتاج إلى ترميم وإعادة فتح الكنائس التي تم إغلاقها في عهد النظام السابق. يأتي هذا في الوقت الذي بدأت فيه القوات المسلحة صباح أمس أعمال إعادة بناء كنيسة الشهيدين «مار جرجس ومار مينا» بقرية صول بمركز أطفيح التابع لمحافظة حلوان جنوب القاهرة، التي تعرضت للحرق والهدم منذ أسبوعين على يد شبان مسلمين في القرية، وأدت إلى أعمال عنف طائفية، نتج عنها اعتصام المسيحيين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون لتسعة أيام متتالية.

وقرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعادة بناء الكنيسة على نفقته الخاصة، بعد نجاح المجلس العرفي، الذي أقامه، في الوصول إلى اتفاق يرضي طرفي الأزمة مساء أول من أمس. وأكد المجلس أن القوات المسلحة سوف تعيد بناء الكنيسة على أن تنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بـ«نفس المساحة ونفس الهيئة، لا ينقص منها ولا يزيد».

وقال شهود عيان من أهالي القرية لـ«الشرق الأوسط» أمس: إن سيارات تابعة للقوات المسلحة وصلت إلى القرية بالفعل، على متنها مهندسون بالقوات المسلحة وجنود، بجانب سيارات أخرى محملة بمواد البناء.

وقد عُقدت جلسة المصالحة العرفية بين مسلمي القرية ومسيحييها تحت رعاية الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسان، والدكتور صفوت حجازي، والدكتور حنا عزيز، منسق ملف الكنيسة بين ثوار «25 يناير»، ومجلس الوزراء، وبحضور مدير الأمن بحلوان، عابدين يوسف. وشهد سرادق الصلح حضورا جماهيريا مكثفا، إلى جانب انتشار أمني كبير، وشهد السرادق لافتات تؤكد دعم أهالي القرية للوحدة الوطنية.

وقال الشيخ حسان، في جلسة الصلح: «إن قضية هذه البلدة ليست أمرا خاصا بها وحدها، لكنها أمر خاص بمصر كلها، وواجب على كل مسلم وكل مواطن، يعيش على أرض هذا البلد الأبي الزكي، أن يحمي بروحه ودمه مقدرات هذا البلد ومكتسباته».

وأصدر حسان، عقب الجلسة النهائية، بيانا وقَّع عليه أكثر من 20 داعية إسلاميا، نص على أن «حل المشكلات المتجددة بين المسلمين والمسحيين لا يتم ولن يتم بين المشايخ والقساوسة أو برفع الصليب مع الهلال، في صور مسكنات للتصوير الإعلامي ولدغدغة المشاعر والعواطف، من دون حل جذري لهذه المشكلات بالعدل والحق».

ودعا البيانُ المسلمين والمسحيين إلى أن «يغلبوا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة للخروج ببلدنا من هذه الأزمة الراهنة، وعدم الاستقواء بالخارج؛ لأن تدخل الخارج يشعل نار الفتنة ولا يطفئها».

وناشد البيان الجميع «الالتزام بأحكام القضاء في أي نزاع وقع، أو سيقع، بين الطرفين، مع وقف الابتزاز السياسي بالضغط على الدولة في هذه الظروف الحرجة لتحقيق بعض المكاسب السياسية أو الطائفية».

وطالب بعودة المسيحيين، الذين خرجوا من قرية صول، إلى بيوتهم، وختم البيان بأنه من أخطأ يتحمل وحده وبمفرده مسؤولية خطئه سواء أكان من المسلمين أم المسيحيين، وفقا للقانون، من دون أن يحمل جماعته أو غيره نتيجة هذه الأخطاء.

وعقب إتمام اتفاق المصالحة أدى مجموعة من قساوسة القرية صلاة شكر في موقع الكنيسة المهدمة بالقرية، بينما قابل الأهالي من المسلمين والمسيحيين الاتفاق بارتياح كبير وتجمع عدد منهم ورددوا شعارات من بينها: «الفتنة نائمة ملعون من أيقظها»، و«الشعب يريد الوحدة الوطنية.. مسلم ومسيحي إيد واحدة».

وأكد محمد عبد العليم غيث، عمدة قرية صول، أن الفتنة الطائفية ليست بعيدة عن البطالة والجريمة ونقص الخدمات الأساسية. وأضاف أهالي القرية سببا آخر وهو التدخلات الأمنية التي تؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي.

وقال محامي الكنيسة الأرثوذكسية رمسيس النجار لـ«الشرق الأوسط»: إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة «شرفنا بإصدار قراره بإعادة بناء الكنيسة على نفقته، وهذا شعور طيب يثبت أن الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن جميع مواطنيها، فضلا عن أن وعده بتقديم الجناة للمحاكمة يمثل ردعا لكل من تسول له نفسه في المستقبل الاعتداء على المقدسات المسيحية أو الإسلامية، ويعني أن العدالة بدأت تشرق على وجه مصر».

وأوضح النجار أنه تقدم بطلب إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لإعادة فتح 5 كنائس كان قد تم إغلاقها في عهد النظام السابق، وهي: كنيسة مار مرقس بقرية سلوانة بالمنوفية، وكنيسة العذراء والأنبا بيشوي، وكنيسة القديس بطرس وبولس بـشبين الكوم، التي تم حرقها عام 2009، وكنيسة العذراء والقديسة دميانة بمحافظة المنيا، وكنيسة أبو مقار بنجع القصيرية بسوهاج.

في السياق ذاته، استقبل الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، أمس، عددا من شباب السلفيين الذين تظاهروا أمام المجلس للمطالبة بالإفراج عن كاميليا شحاتة، وهي سيدة مسيحية قيل إنها أسلمت وتحتجزها الكنيسة. وقد وعد شرف السلفيين بالنظر في الأمر ومحاولة حله. وإثر ذلك قرر السلفيون عدم تنظيم مظاهرات أو اعتصامات خلال تلك الفترة حفاظا على مصلحة البلاد، وقالوا: «ننتظر جهود السيد رئيس الوزراء لحل القضية سريعا».