سواحل اليابان تحولت إلى خراب.. و100 ألف جندي يسعفون الناجين

ربع مليون منكوب انتقلوا إلى ملاجئ.. و69 دولة بدأت بإيصال المساعدات

TT

خصصت اليابان، أمس، 100 ألف جندي، لمساعدة الناجين من الزلزال والتسونامي، في حين قدم العالم المساعدات للبلد المنكوب، وبدأت طائرات أميركية بنقل المواد الغذائية.

وأمر رئيس الوزراء الياباني، ناوتو كان، بمضاعفة عدد الجنود على الأرض، بعد اكتشاف حجم الكارثة الناجمة عن الزلزال العنيف، الذي أعقبه تسونامي اجتاح الساحل الشمالي الشرقي لليابان. وقال كان خلال اجتماع للحكومة للحالات الطارئة: «أطلب بذل قصارى الجهود لإنقاذ أكبر عدد من الأرواح». لكن مستوى التحدي الذي سيواجهه عمال الإنقاذ اتضح أمس، مع إعاقة جهود إسعاف الناجين بسبب انهيار البنى التحتية في المنطقة المنكوبة،7 حيث سويت مدن بكاملها بالأرض.

وقال وزير الدفاع، توشيمي كيتازاوا، إن 100 ألف جندي، أي 40 في المائة من القوات المسلحة، سينشرون خلال يومين. وأضاف: «هناك عدد كبير من الأشخاص المعزولين الذين ينتظرون المساعدة. وهذا هو الواقع».

وتأتي تصريحاته وسط حديث عن ارتفاع حصيلة القتلى، إذ قالت الشرطة في مياجي، المنطقة الأكثر تضررا من الزلزال، إن عدد القتلى هناك سيزيد عن 10 آلاف. وفي مناطق أخرى أفادت قوات الشرطة والجيش بأنها عثرت على مئات الجثث على طوال الساحل الذي ضربه التسونامي.

وانقطع التيار الكهربائي عن مدينة سنداي، وبدأ مخزون الوقود والمواد الغذائية ينفد فيها. وتواجه عدة مناطق في البلاد أزمة إنسانية متنامية، بعدما تركت الكارثة ملايين الناس بلا مياه أو كهرباء أو منازل أو تدفئة. وقال ماسارو كودو، وهو واحد من 100 ألف جندي أرسلوا للمساعدة في جهود الإنقاذ، بينما كان يتفقد الدمار في قرية ريكوزينتاكاتا التي سواها الزلزال بالأرض تقريبا في أقصى شمال مقاطعة ايوات: «أميل إلى الاعتقاد بأنه لا يزال هناك ناجون». وبعد يومين من الكارثة، غمرت الأمواج مناطق بأكملها وابتلعت ما يقدر بخمسة آلاف منزل. وريكوزينتاكاتا هي إحدى البلدات والمدن الكثيرة التي تواجه ارتفاعا سريعا في عدد القتلى وتناقصا في إمدادات الغذاء والمياه والوقود. وقال فوتوشي توبا، رئيس بلدية ريكوزينتاكاتا: «الماء والطعام والبنزين والكيروسين - جميعها تشهد نقصا». وقالت وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية إن 8.1 مليون أسرة في أنحاء البلاد بلا طاقة و4.1 مليون بلا كهرباء.

وبعدما غمرتها المياه والأوحال، اختفت مدينة ميناميسانريكو الساحلية في شمال شرقي البلاد، بشكل شبه كامل. فلا أخبار عن أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 17500 نسمة، بينما تم إجلاء الآخرين. ولم يعد صامدا سوى المستشفى المؤلف من خمسة طوابق وقليل من المباني. وبالنسبة للمحظوظين، مثل بعض سكان مدينة كامايشي، دوت صفارات الإنذار إيذانا بالإجلاء في وقت مبكر، مما سمح لهم بالوصول إلى المرتفعات، تماما قبل أن يشاهدوا بهلع مياه البحر تلتهم منازلهم وتجرف معها كل شيء. وروت سيدة مسنة: «حاولت الهرب مع زوجي، لكن سرعان ما طوقتنا المياه، مما اضطرنا للجوء إلى الطابق الثاني من منزل لا أعرف سكانه». وأضافت: «إن المياه ارتفعت إلى الطابق الثاني، وحملت معها أمام أنظارنا مالك المنزل وزوجته. ولم نتمكن قطعا من تحريك ساكن».

كما جرفت الأمواج المتدفقة معها أيضا السيارات كما لو أنها لعب من ورق، وقلبت الشاحنات. وباتت جاثمة في شوارع مدينة سنداي الكبيرة، حيث كانت صفارات الإنذار تدوي بين الحين والآخر ليل السبت - الأحد وسط الصقيع. وباتت حاويات كانت مكدسة في المرفأ مبعثرة على الشاطئ، فيما انتشرت جبال من النفايات في حقول الأرز المجاورة.

وعلى طول الساحل، واصل عناصر الشرطة والجنود، أمس، عمليات التفتيش بين الأنقاض، علهم يعثرون على ناجين وسط كوم الحطام. لكن في معظم الأحيان لم ينتشلوا سوى جثث وضعوها في أكياس من القماش الأخضر. وفي كبرى مدن المنطقة الغارقة في الظلمة، بدا مستشفى سنداي تيشين، الذي يعمل بفضل مولد كهربائي أشبه بمنارة. فأنواره جذبت نحو خمسين ناجيا لجأوا إلى بهو مدخله هربا من برد الليل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، في تقرير لها عن متحدث باسم المستشفى، قوله: «كثيرون منهم لا يقيمون في مدينة مياجي. بل كانوا يزورون مرضى أو جاءوا للعلاج قبل أن يأخذهم الزلزال على حين غرة».

وانتقل أكثر من 215 ألف شخص إلى ملاجئ، في حين هرع سكان يقيمون قرب محطة نووية متضررة لشراء الأغذية والبنزين. ولجأ هؤلاء إلى مدارس واستادات رياضية فرارا من درجات الحرارة التي تكاد تصل إلى التجمد. وعرضت محطات تلفزيونية لقطات مكررة لأشخاص ينامون تحت البطاطين في مراكز إجلاء مؤقتة؛ فعلى سبيل المثال أجلي نحو 140 ألف شخص من مناطق حول محطة الطاقة النووية في كورياما بمقاطعة فوكوشيما. وجرى فحصهم لمعرفة مدى تعرضهم للإشعاع المتسرب من المحطة لدى دخولهم مراكز الإيواء. وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء أن 20820 منزلا، إما دمرت أو تعرضت لأضرار شديدة.

وعرضت دول العالم مساعدة على اليابان، وأيضا من الصين وروسيا، على الرغم من النزاعات حول الأراضي مع طوكيو. وقدمت بكين التعازي من رئيس الوزراء، وين جياباو، ووزير الخارجية، يانغ جياشي، وبعثت فريقا من 15 مسعفا إلى اليابان. كما قالت روسيا إن اليابان طلبت إمدادها بالطاقة بعد أن أدى التسونامي إلى وقف عمل بعض المحطات النووية. وقال رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، إن موسكو ستقوم بكل ما في وسعها لمساعدة جارتها التي طلبت زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال. وقال بوتين، خلال اجتماع، مساء أول من أمس: «إن دولة مجاورة لنا تواجه مأساة ووضعا حزينا»، مشددا على أن كل أشكال المساعدة ستقدم على الرغم من «المشكلات التي ورثناها من الماضي».

وذكرت وزارة الخارجية اليابانية أن 69 دولة ومنطقة وخمس منظمات إنسانية دولية عرضت، أمس، تقديم المساعدة، بينها نيوزيلندا التي ضربت هزة أرضية مدينة كرايستشرش فيها الشهر الماضي. وعاد فريق من 66 يابانيا أمضوا أكثر من أسبوعين في مدينة كرايستشرش لرفع الأنقاض بحثا عن ناجين، إلى اليابان لتقديم المساعدة.

وكان متوقعا، أمس، أن تقلع طائرة عسكرية أسترالية تحمل كلابا مدربة ومسعفين عاد بعضهم قبل أيام من نيوزيلندا، إلى اليابان. وقال المسعف باري لووداي: «لا أظن أن ما شاهدناه في كرايستشرش يمكن مقارنته بما حل باليابان». كما قال مين دونغ - سوك، نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية، التي تقيم علاقات متوترة مع الدولة المستعمرة سابقا، إن بلاده سترسل طائرة تنقل فريقا طبيا يضم 102 شخص. وقدم الرئيس الكوري الجنوبي، لي ميونغ – باك، التعازي في اتصال هاتفي مع كان، صباح أمس. وقال لي لكان إنه تأثر «نتيجة الهدوء الذي أظهره اليابانيون أمام فداحة حجم الكارثة الطبيعية».

كما وصلت فرق إغاثة مع كلاب مدربة من ألمانيا وسويسرا، وأرسل مسعفون من بريطانيا وفرنسا. وفي مطار ناريتا في طوكيو كان 25 مسعفا تايوانيا ينتظرون أوامر من طوكيو للتحرك، بعد أن وصلوا إلى العاصمة اليابانية قبل ست ساعات. وقال عضو في الفريق: «حتى الآن ننتظر أن تكلفنا الحكومة اليابانية بمهمة».

وطلبت اليابان من حاملة الطائرات الأميركية «رونالد ريغن» مساعدة لتزويد مروحياتها وناقلات الجنود بالوقود للوصول إلى المناطق المنكوبة. وقالت السفارة الأميركية إن المروحيات على متن السفينة قامت بعشرين رحلة ذهابا وإيابا إلى سفينة يابانية لنقل أغذية ومعدات إلى ثلاث مدن. ووصل فريق يضم 150 عنصرا من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع 12 كلبا مدربا للانضمام إلى العمليات على الأرض. وإضافة إلى المسعفين اقترحت أستراليا إرسال خبراء نوويين للمساهمة في معالجة الأضرار في محطة نووية.