نيودلهي تجلي رعاياها.. وعشرات الهنديات فضلن «جحيم» ليبيا على «أمان» الهند

ممرضة هندية لـ «الشرق الأوسط»: لست سعيدة بالعودة.. وتركت جميع مدخراتي في مصرف ليبي

TT

في الوقت الذي وصلت فيه الحكومة الهندية إلى المرحلة الأخيرة من عملية ترحيل الهنود الموجودين داخل ليبيا، رفض البعض العودة إلى أرض الوطن، وفضلوا حالة الفوضى و«الجحيم» داخل ليبيا على الشعور بالأمن في أرض الوطن. ورفض العشرات من الشابات الهنديات ركوب طائرات للعودة إلى الهند لخوفهن من خسارة الوظائف ومن الأزمة الاقتصادية في الهند.

وقال الدكتور مبين، الذي عاد من ليبيا على متن رحلة جوية خاصة نظمتها نيودلهي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الكثير من الفتيات الهنديات في المرحلة العمرية ما بين 24 و30 عاما رفضن ركوب الطائرة مع العائدين.

وأضاف الدكتور مبين، الذي ظل هناك لخمسة أعوام يعمل داخل مستشفى في بنغازي: «قلن إن الأزمة الاقتصادية في أرض الوطن أسوأ من الاضطراب السياسي داخل ليبيا». وأشار إلى أن الحياة كانت آمنة في ليبيا قبل بدء الأزمة مؤخرا. وأردف: «كان السكان المحليون جيدين معنا. لقد رحلت لأن الوضع يزداد سوءا وأصبح لا يمكن تحمله لأنه لم تكن هناك مياه ولا طعام لأيام. عندما رحلت كان هناك أكثر من 12 ممرضة يعملن معي، وكان نصفهن مترددات في العودة. آمل أن يكن بخير».

ولم يبد الكثيرات ممن عدن سعادة بالعودة إلى عائلاتهن، عندما قابلتهن «الشرق الأوسط» في دلهي. وقالت سمية توماس، التي كانت تعمل في مستشفى داخل مدينة سبها: «نعرف أن آباءنا كانوا يشعرون بالقلق، وكانوا ينتظرون بشغف، ولكن كيف أعود من دون وظيفة. سأقيم مع أحد أقاربي في دلهي وأبحث عن وظيفة هنا». وأضافت: «لقد تركت كل مدخراتي في مصرف ليبي».

وقالت جينا جون (24 عاما)، وهي ممرضة أخرى كانت في نفس مجموعة العائدين، إنها قررت العودة لأن والديها بكيا في التليفون بينما كانا يطلبان منها العودة. وأضافت: «كيف أترك وظيفتي؟ والدي عامل، وحصلت على قرض من أحد المصارف قيمته نصف مليون روبية من أجل الحصول على دورة في التمريض وتأشيرة سفر وتذكرة طيران إلى ليبيا. من سيدفع ذلك؟».

وتعيش ماري روز في ليبيا منذ عامين، وعندما كانت ذاهبة إلى العمل داخل حافلة، قام المتظاهرون بإطلاق النيران على الحافلة بالقرب من المستشفى. وترك السائق الحافلة وهرب بعيدا، وترك الفتيات في الداخل لساعات طويلة. وفي النهاية جاء شخص إلى المستشفى وأخذهن إلى مكان آمن.

وتقول: «أرجأت العودة لقرابة شهر، حيث كان الدافع إلى البقاء أني كنت أعمل في وظيفة حكومية. ولكن بعد أعمال العنف، شعرت بالرعب الشديد. وكان المحتجون يستهدفون المستشفى لأنه تحت إدارة الحكومة». وأضافت أنه جاء إلى المستشفى الكثير من الأشخاص الذين أصيبوا بأعيرة نارية.

واضطر المئات من الممرضات الهنود في ليبيا إلى الرحيل بشكل مفاجئ من دون الرواتب أو المدخرات حيث أغلقت المصارف داخل الدولة بعد بدء الاضطرابات. وعاد معظم الممرضات إلى أرض الوطن من دون أن تكون معهن أموال تساعدهن على العيش.

ووفقا لما أفادت به وزارة الشؤون الخارجية الهندية، يوجد الكثير من الهنود داخل ليبيا رفضوا العودة على الرغم من أن الأغلبية قد عادت إلى أرض الوطن. وقال مسؤول بوزارة الشؤون الخارجية: «مهمتنا في ليبيا هي الاهتمام بمن قرروا البقاء هناك، ومعظمهم أطباء وممرضات أو من يعملون في خدمات ضرورية».

وقد بدا الرعب على وجوه الممرضات اللاتي عدن، لأنهن تعاملن مع ضحايا أعمال العنف. وتقول بينا مستذكرة ما حدث: «كان يأتي 10 - 14 ضحية كل يوم إلى المستشفى الذي أعمل به، وكانوا في الأغلب شبابا، ولكن كان هناك أيضا أطفال ورجال كبار في السن ونساء. كان أمرا مريعا، وكان يطلق عليهم الرصاص في الرأس والصدر».

وقالت ممرضة أخرى رفضت ذكر اسمها: «في أحد الأيام، قام عدد من الجنود بالهجوم على المستشفى وقاموا بطعن وجرح المرضى في الأسرة».

وقالت نسرين، التي عادت تحت ضغط من العائلة: «من رفضن العودة ربما يجدن صعوبة أكبر خلال الأيام المقبلة، مع تفاقم الاحتجاجات. ولا أعتقد أن سائق تاكسي سيكون مستعدا لأخذهن إلى المطار من الفندق الذي يعشن فيه». وأشارت إلى أنه توجد 3 فتيات في الفندق الذي كانت تقيم فيه داخل طرابلس رفضن العودة.

وتقول شامريلا، وهي عائدة أخرى، إن 32 ممرضة من ولاية كيرالا ما زلن في فندق طرابلس، 22 منهن لم يستطعن العودة لأن جوازات السفر كانت مع أصحاب العمل واختار 10 البقاء. وذكرت أنه ربما يكون هناك المزيد داخل ليبيا رفضن العودة بالطائرات.

ومعظم المهاجرات شابات، ويعملن كممرضات، وجئن من عائلات من الطبقة الوسطى داخل كيرالا. وتعتمد عائلاتهن على التحويلات التي يرسلنها إلى العائلة كل شهر، ومعظمهن غير متزوجات. ولكن هناك الكثير من المتزوجات يعشن وحدهن داخل ليبيا لأن أزواجهن وعائلاتهن في الهند.