انقسام مبكر بين المصريين بشأن التصويت على تعديل مواد بالدستور

المؤيدون: الرفض سيعود بنا إلى نقطة الصفر * المعارضون: الحل في دستور جديد

فتاة مصرية تبيع علم بلادها على كورنيش النيل بالقرب من وسط العاصمة المصرية أمس (أ.ف.ب)
TT

تزايد الجدل في الشارع المصري بين مؤيدي التعديلات الدستورية المقترحة ومعارضيها، والتي تقرر إجراء الاستفتاء الشعبي عليها يوم السبت المقبل. وأشارت الاستطلاعات المبدئية إلى انقسام الرأي العام بعد أن وحدته تقريبا ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك، منذ نحو شهر.

وقام عدد من القانونيين ضمن لجنة مشكلة من المجلس العسكري الذي يدير البلاد، بإعادة صياغة 8 مواد بالدستور تيسر من شروط الترشح لانتخابات الرئاسة وتلزم بالرقابة القضائية على الانتخابات. لكن غياب الرؤية المستقبلية في حال الرفض الشعبي للتعديلات، أصبح الشغل الشاغل لغالبية المصريين.

وفي حين ضم الجناح المعارض للتعديلات معظم الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية وبعض الكوادر التي أعلنت ترشحها للرئاسة مثل عمرو موسى والدكتور محمد البرادعي.. ضم الجناح المؤيد للتعديلات جماعة الإخوان المسلمين وأتباع الجماعات السلفية والحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا).

وشهد الشارع المصري نشاطا واضحا من الفصيلين على مدار الأيام الماضية، حيث حاول كل جناح أن يقنع الناخبين بوجهة نظره سواء للتصويت بـ«نعم» أو بـ«لا» في الاستفتاء، الذي يستوجب الترجيح فيه الحصول على نسبة 50% زائد واحد من نسبة الأصوات الصحيحة، إما لإقراره أو لرفضه.

ويرى المؤيدون للتعديلات الدستورية المقترحة أن رفضها سيؤدي إلى عودة الحياة السياسية المصرية إلى نقطة الصفر. وقال صبحي صالح، عضو لجنة تعديل الدستور، إنه «في حال رفض التعديلات ستكون الكرة في ملعب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي سيرى في حينه الأصلح للتنفيذ».

وعن الاحتمالات التي سيتخذها المجلس، قال صالح لـ«الشرق الأوسط» إنها «احتمالات مفتوحة، فإما أن يتخذ المجلس قرارا بمد الفترة الانتقالية (لحكم البلاد)، أو العودة إلى الدستور القديم وإعلان الانتخابات، أو إسناد مشروع دستور جديد إلى جمعية تأسيسية».

وينقسم المصريون الرافضون للتعديلات الدستورية إلى ثلاثة قطاعات تقريبا، منها القطاع المنتفع من الإبقاء على مواد الدستور كما هي، وقطاع آخر مع تأسيس دستور شامل جديد، وقطاع ثالث يعترض على بعض النصوص في المواد المعدلة الجديدة.

وقال صالح إن الداعين إلى دستور شامل جديد لم يطلعوا على التعديلات المقترحة بصورة جيدة، والتي احتوت على إضافة هامة في «المادة 189 مكرر» التي تقضي باختيار جمعية تأسيسية لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخاب مجلسي الشعب والشورى (البرلمان).. مما يعني أن من سيصوتون بـ«لا» في هذه الحالة سيقومون بالتصويت ضد أنفسهم.

وأضاف صالح: أما عن المعترضين على متن أو محتوى بعض النصوص، فسوف يخسرون الكل مقابل الجزء، لأن هذه التعديلات انتقالية لحين انتهاء الانتخابات وبعدها سيتم إعداد دستور جديد.

وعن ارتباط التعديلات المقترحة كحزمة واحدة، أكد صالح أن «التعديلات مرتبطة ببعضها بعضا، وعليه فعلى من يريد أن يحصل على ضمانات حول شفافية الانتخابات القادمة أن يصوت بنعم، أما من يرى غير ذلك فعليه أن يصوت بلا»، مشيرا إلى أن كل الاستفتاءات السابقة كانت تتم بإجابة واحدة حول موضوع الاستفتاء أيا كان عدد المواد التي يتم الاستفتاء عليها.

وفي المقابل، قال الدكتور بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إنه لا يقبل التعديلات المقترحة، ودعا المواطنين إلى رفضها في الاستفتاء. وقال حسن لـ«الشرق الأوسط» إن «المخاوف الخاصة بحالة رفض التعديلات لا أساس لها، لأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة دعا لجنة التعديلات الدستورية للانعقاد، عن رغبة صادقة، لإجراء تغييرات جذرية وإصلاحية شاملة، تتوافق مع رغبات المواطنين».

وأضاف حسن أن رفض التعديلات المقترحة سيسفر حتما عن اختيار من اثنين، إما تشكيل لجنة لوضع دستور جديد، أو تشكيل لجنة أخرى لاقتراح تعديلات على الدستور القديم تتجنب الثغرات والصياغات غير المنضبطة في التعديلات الحالية.

وأضاف: كان من الأولى تكوين هيئة تأسيسية لوضع برلمان جديد بدلا من لجنة التعديلات، كما أن الأخذ بالتعديلات يعني إجراء خمسة انتخابات في مصر في ظرف نحو 18 شهرا، واحدة رئاسية واثنان برلمانيان (لغرفتي البرلمان) قبل الدستور الجديد، ثم اثنان برلمانيان آخران بعد إقرار الدستور «حيث يعتبر المجلسان في حكم المنحل في هذه الحالة»، إضافة إلى استفتاءين على التعديلات الحالية والدستور الجديد.

وعن مدى صعوبة ذلك، قال حسن: «يجب أن نضع في الاعتبار أن الحالة الأمنية في مصر لم تستتب تماما بعد الثورة، وفي ظل حالة من الترصد ما بين الشرطة والمواطنين، إضافة إلى ما هو متوقع من صدامات قبلية أو عشائرية أو سياسية تحدث غالبا في أثناء الانتخابات المختلفة وخاصة البرلمانية منها.. يمثل مثل هذا الوضع عبئا كبيرا على مصر في هذه المرحلة. ولكن الأفضل هو البدء بالدستور الجديد، والذي سيوفر فعاليات إجراء انتخابين برلمانيين واستفتاء، إضافة إلى أن الضوابط الجديدة ستيسر من شأن الرقابة والإشراف».

وأضاف حسن أن هناك العديد من التناقضات الموجودة بين نصوص التعديلات وبعض المواد الأخرى في الدستور، والتي لم تلتفت إليها اللجنة، مثل المادة 190 التي تنص على أن فترة الرئاسة مدتها 6 سنوات، بينما التعديل يشير في المادة 77 إلى أنها 4 فقط.

كما أن هناك تعديلات لا تتفق مع المنطق في بعض البنود، فالمادة 93 أعطت للمحكمة الدستورية حق البت في صلاحية عضوية مجلس الشعب، علما بأن هذا يشكل عبئا على المحكمة الدستورية التي تتكون من 19 قاضيا فقط، بينما محكمة النقض لديها 400 قاض.. وهو ما قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتصحيحه واستدراكه لاحقا.

وأكد حسن أنه لا يشكك في صدق نوايا اللجنة، لأن «الوقت الذي أتيح أمامها (أسبوعين) كان ضيقا جدا، في مواجهة دستور متشعب وغير متناسق ومهلهل للغاية، وبه الكثير من المشكلات التي لا يحلها أي رتق أو تعديل».