فرنسا تأمل في تحريك مواقف المعارضين بشأن إقامة منطقة حظر جوي في ليبيا

الأزمة الليبية وزلزال اليابان على رأس جدول أعمال وزراء خارجية دول الثماني في باريس

TT

ينتظر أن تحمل نتائج اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني التي سيكشف عنها بداية بعد ظهر اليوم في مؤتمر صحافي بحضورهم جميعا، مؤشرا على المسار الذي ستسلكه الأزمة الليبية في شقها الدبلوماسي وتحديدا لجهة معرفة ما إذا كانت هناك فرصة لاستصدار قرار في مجلس الأمن يفرض منطقة حظر جوي في السماء الليبية.

ويعقد الوزراء الثمانية جلسة رسمية ثانية صباح اليوم لاستئناف المناقشات التي بدأوها مساء أمس حول مأدبة عشاء في مقر وزارة الخارجية بعد لقاء جماعي مساء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي استضافهم في قصر الإليزيه.

وكان الأخير قد عقد اجتماعا منفردا مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حضره الوزير ألان جوبيه في محاولة قالت عنها مصادر دبلوماسية إنها تهدف لإقناع الولايات المتحدة بالسير في مشروع إنشاء منطقة الحظر الجوي. وحتى الآن، تبدو واشنطن مترددة في تحديد خياراتها الأمر الذي فهم في باريس على أنه «سعي لكسب الوقت من أجل لمعرفة تطور الأمور ميدانيا». ولم تدل كلينتون عقب انتهاء لقائها بساركوزي بأي تصريح.

وتعي باريس، كما تقول المصادر الفرنسية، أن «لا إمكانية عمليا في التوصل إلى استصدار قرار من مجلس الأمن، وفي تطبيقه لاحقا من غير مشاركة أميركية». من هنا أهمية وجود كلينتون في العاصمة الفرنسية.

وتعول باريس التي تتزعم مع بريطانيا الفريق «المتشدد» إزاء نظام العقيد معمر القذافي على وجود وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف لسبر غور الموقف الروسي ومعرفة ما إذا كانت ثمة فرصة بأن تقبل موسكو قرارا دوليا بإقامة منطقة الحظر أو أن تمتنع على الأقل عن معارضته في مجلس الأمن.

ويأتي اجتماع الوزراء الثمانية على خلفية ما يشبه التسابق بين سعي نظام القذافي لإعادة احتلال المناطق التي خرجت عن سيطرته شرق ليبيا والجهود الدبلوماسية الهادفة لمنعه من ذلك. وتؤكد مصادر فرنسية أنه إذا نجح القذافي في مساعيه وسحق المعارضة المسلحة، فإن الجهود الدولية ستفرغ من معناها.

واستبق جوبيه وصول نظرائه السبعة بتصريح أكد فيه أن فرنسا «ستكثف جهودها في الساعات القادمة بالتعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، ومجلس الأمن والمجلس الوطني الليبي المؤقت» من أجل التوصل إلى اتفاق على منطقة الحظر. ونوهت باريس بقرار الجامعة العربية التي دعت مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في هذا المجال.

ويشكل قرار الجامعة العربية استجابة لأحد الشروط الثلاثة التي وضعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للسير بهذا المشروع فيما الشرطان الآخران هما قرار واضح من مجلس الأمن وطلب الحماية من المجلس الوطني الليبي.

وكانت كلينتون قد وصلت إلى باريس حيث ستمضي يوما ونصف يوم قبل أن تنتقل منها بعد ظهر اليوم إلى تونس وبعدها إلى مصر.

وانطلقت محادثات الثمانية يوم أمس على خلفية وجود انقسامات حادة حول جدوى وإمكانية القيام بعمل عسكري في ليبيا ومن ضمنه منطقة الحظر الجوي.

ويطال الانقسام الدول الأوروبية نفسها حيث تنقسم إلى معسكرين كما بدا في قمة بروكسل الأخيرة: فرنسا وبريطانيا من جهة، وهما تدفعان إلى الإسراع في إقامة منطقة الحظر وربما ابعد من ذلك. والثاني تتزعمه ألمانيا التي تحذر من الانزلاق إلى حرب في أفريقيا الشمالية وتجاريها في الموقف إيطاليا واليونان ولوكسمبورغ ودول أوروبية أخرى، فضلا عن ذلك، ثمة انقسام إضافي لجهة التعامل مع المجلس الوطني المؤقت حيث اعترفت فرنسا به ممثلا شرعيا وحيدا لليبيا فيما الدول الأوروبية الأخرى امتنعت عن الذهاب بعيدا واكتفت بقبول اعتباره «محاورا سياسيا» ليس إلا. أما واشنطن، فإنها ما زالت تتساءل عما إذا كان «من الحكمة» فرض مثل هذه المنطقة مثلما قال وزير الدفاع روبيرت غيتس أول من أمس.

وتشارك في اجتماع باريس فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وكندا وروسيا واليابان. ولا تغيب عنه، من ضمن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن سوى الصين، الطرف الآخر المعارض لأي عمل عسكري في ليبيا. وإلى جانب الملف الليبي، تفرض الكارثة النووية في اليابان نفسها على المجتمعين. وأكدت الخارجية الفرنسية في بيان لها أمس أن اجتماع الثماني سيعالج موضوع تطورات الأوضاع في العالم العربي والسلام في الشرق الأوسط والسودان والصومال وساحل العاج فضلا عن التحضير لقمة الثماني التي ستنعقد في مدينة دوفيل الفرنسية «شمال غرب» في شهر مايو (أيار) القادم.