وزير الداخلية المصري يلغي «أمن الدولة» ويستبدل به «الأمن الوطني»

النائب العام يفرج مؤقتا عن عدد من ضباط الجهاز «المنحل»

TT

استجابة لأحد المطالب الرئيسية لثورة «25 يناير»، أصدر اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية المصري، أمس، قرارا بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، متضمنا جميع إداراته وفروعه ومكاتبه بجميع محافظات الجمهورية، وإنشاء قطاع جديد بالوزارة باسم «قطاع الأمن الوطني»، بينما قرر النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود الإفراج، بصورة مؤقتة، عن مجموعة من الضباط والأفراد العاملين بجهاز مباحث أمن الدولة المنحل، فرع مدينة السادس من أكتوبر، وذلك لحين انتهاء قاضي التحقيق المنتدب من مباشرة التحقيقات في وقائع حرق وثائق ومستندات مباحث أمن الدولة، واستجواب جميع من وردت أسماؤهم في هذا الأمر. ويختص «قطاع الأمن الوطني» بالحفاظ على الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته. وقال العيسوي، في بيان له أمس: إنه سيجري اختيار ضباط القطاع الجديد خلال الأيام القليلة المقبلة ليؤدي هذا الجهاز دوره في خدمة الوطن من دون تدخل في حياة المواطنين أو ممارستهم لحقوقهم السياسية.

ولاقى القرار ترحيبا مشوبا بالحذر من قبل الناشطين السياسيين والحقوقيين الذين أبدوا تخوفاتهم من تغيير الاسم فقط مع الإبقاء على السياسات القديمة التي كان ينتهجها جهاز أمن الدولة الذي كان يعتبره المصريون الرقيب الدائم على كل تصرفاتهم وشؤونهم اليومية.

من جانبه، رأى حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن القرار يعتبر الأهم الذي اتخذه وزير الداخلية الجديد بعد توليه المنصب، وقال: «إلا أن الأهم من اتخاذ القرار هو تفعيله بالصورة التي تمثل الضمانة الحقيقية للحفاظ على حقوق المواطن المصري بأن يكون خاضعا للقانون والدستور».

وأضاف أبو سعدة لـ«الشرق الأوسط» أنه يتعين أن يكون جهاز الأمن الوطني الجديد، الذي أعلنت وزارة الداخلية إنشاءه كبديل لجهاز أمن الدولة، خاضعا للإشراف القضائي والسياسي من جانب النيابة العامة، ممثلة في النائب العام وأيضا من خلال البرلمان، وأن يسمح بالتفتيش القضائي على مقراته ومكاتبه في أي مكان في الجمهورية من أعضاء النيابة العامة، وهو ما ينقل شعورا بالطمأنينة لدى المواطنين بأنهم لن يتعرضوا للتعذيب أو الاحتجاز غير القانوني، كما كان يحدث في السابق.

وأشار إلى أنه يجب ألا يتبع الجهاز الجديد أسلوب التنصت على المواطنين والتدخل في حياتهم اليومية ولا التدخل في الموافقة أو عدمها على شغل الوظائف المختلفة، من خلال التقارير حول نشاط الشخص السياسي أو من خلال مواقفه وتوجهاته، ولفت أبو سعدة إلى أن الداخلية ستستعين في الجهاز الجديد بالضباط الذين كانوا ينتمون إلى جهاز مباحث أمن الدولة، إلا أنه أكد أن ذلك يجب أن يكون في إطار الضباط الذين لم يثبت في حقهم التورط في وقائع تعذيب أو انتهاك لحقوق الإنسان خلال فترة عملهم السابقة.

من جهته، أكد الخبير الأمني محمود قطري أن قرار وزير الداخلية بإلغاء جهاز أمن الدولة هو قرار لامتصاص غضب الشعب بعد وقائع انتشار مستندات خطيرة من داخل مقرات أمن الدولة بالمحافظات المختلفة عقب اقتحامها والعثور على مقابر وسجون تحت الأرض، ورجح أن تبقى مهام أمن الدولة إلا أنه سيتم إسنادها إلى الأشخاص أنفسهم ولكن تحت اسم جديد.

كانت مقار أمن الدولة في المحافظات المصرية قد تعرضت للاقتحام من قبل عشرات الآلاف من الأشخاص مطلع الشهر الحالي بعد تردد أنباء عن قيام الضباط بحرق وإعدام المستندات التي تدين قياداتهم من خلال تعليمات من رئيس الجهاز، الأمر الذي تم في وقت واحد في معظم المقرات، وانتشرت الكثير من المستندات التي تخص تقارير حول عدد كبير من الشخصيات العامة والسياسيين والإعلاميين، وهو ما زاد من الضغوط على الداخلية والإلحاح على ضرورة حل جهاز مباحث أمن الدولة.

على صعيد متصل، قرر النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود الإفراج، بصورة مؤقتة، عن مجموعة من الضباط والأفراد العاملين بجهاز مباحث أمن الدولة المنحل، فرع مدينة السادس من أكتوبر، وذلك لحين انتهاء قاضي التحقيق المنتدب من مباشرة التحقيقات في وقائع حرق وثائق ومستندات مباحث أمن الدولة، واستجواب جميع من وردت أسماؤهم في هذا الأمر.

وقال المتحدث الرسمي للنيابة العامة، المستشار عادل السعيد: «إن هذا القرار جاء في ضوء ما قرره رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق اللواء حسن عبد الرحمن (المحبوس احتياطيا على ذمة التحقيقات) بأنه هو الذي أصدر الأوامر لأعضاء الجهاز التابعين لإشرافه للتخلص من الوثائق والمستندات الورقية، بدعوى سريتها واتصال بعضها بالأمن القومي المصري، واكتفاء بأن هذه المستندات محفوظة كليا بأجهزة الحاسب الآلي المركزية للجهاز».

وقرر مندوبو شركات البرمجيات المتخصصة التي اضطلعت بوضع البرامج الخاصة لتخزين المعلومات بجهاز مباحث أمن الدولة، خلال التحقيقات، أن البرامج التي وضعوها جاءت بهدف تخزين المعلومات بأجهزة الحاسب الآلي المركزية لأمن الدولة بالمقر المركزي للجهاز الأمني، وهو ما يؤيد ما قرره اللواء عبد الرحمن.