الجمل: إعداد دستور جديد ليس صعبا.. لكنه يحتاج إلى 3 أشهر

قال إن التعديلات المقترحة تعتبر جسرا للمرحلة المقبلة وليست ترقيعا

TT

بين كلمتي نعم ولا، ينقسم المصريون حاليا حول الموافقة أو الرفض على التعديلات الدستورية، المقرر الاستفتاء عليها السبت المقبل 19 مارس (آذار)، ومعها تسود حالة من الانقسام بين السياسيين والخبراء الدستوريين مع إعلان كل منهم عن موقفه الشخصي من هذه التعديلات. وفي تقرير نشرته مجلة «إيكونوميست» البريطانية قبل أيام قليلة، أشار إلى أنه بدأت تسود حالة من الجدل حول ما إذا كان من الأفضل تعديل الدستور أم العمل على كتابة دستور جديد، وهو ما أوجد حالة من التوتر والاضطراب في مصر. وهي الحالة التي يرى الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس مجلس الوزراء، أن لها مبرراتها، مؤكدا أنه لا بد من العبور من هذه المرحلة الانتقالية، لافتا إلى أن إعداد دستور جديد الآن ليس من الصعب، والتجارب العالمية متاحة، لكنه يحتاج إلى وقت وتأنٍّ؛ حيث يستلزم 3 أشهر، وما يعوق إعداده هو المظاهرات الفئوية والمشكلات الجسام التي تواجهها الحكومة الآن ولا تتيح وقتا لوضعه.

وعن التعديلات الدستورية، أكد الجمل في تصريحات للتلفزيون الرسمي، أن المادة 76 (الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية) تعتبر خطيئة دستورية منذ نشأتها ولا بد من نسفها؛ لأنها في النص القديم كانت تقول لن يترشح للرئاسة سوى شخص معين، لكن تعديلها فتح الباب أمام مئات الآلاف للترشح، مشيرا إلى أن التعديلات تواجه مرحلة انتقالية وليست «ترقيعا» كما يشاع، وتعتبر جسرا للمرحلة المقبلة، مؤكدا تصويته بالموافقة عليها، داعيا الشعب للاستفتاء بما شاء؛ لأن صوته سيفرق، ولن يضاف إليه أو ينتقص منه، مضيفا أنه في حالة رفض الأغلبية للتعديلات الدستورية ستسقط ويأتي إعلان دستوري يضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة يحدد المبادئ العامة، ويحكم المرحلة الانتقالية حتى وضع دستور جديد.

وأبدى نائب رئيس الوزراء تحفظه على بعض شروط الترشح للرئاسة، فيما يتعلق بجنسية زوجة الرئيس، مطالبا بأن تكون هناك فرصة للمتزوج من عربية؛ لأن الدستور ينص على أن مصر جزء من الأمة العربية، ولأن الخلافات بين الدول العربية لا تؤثر على الحكم، رافضا الأجنبية؛ لأنها ستكون خطرا على الأمن القومي.

وعن شرط ازدواجية الجنسية، قال الجمل: «الحقوق الدستورية لا تمنع أو تمنح قياسا، ولكن بنص، ولا يرضيني أن يكون رئيس الجمهورية مزدوج الجنسية حتى لو تنازل عنها»، معلنا موافقته على المجموع الكلي للمواد المعدلة للعبور من هذه المرحلة.

من ناحيته، دعا مجدي أحمد حسين، أمين عام حزب العمل، الجميع إلى تأييد التعديلات الدستورية والخروج يوم 19 الحالي إلى صناديق الاستفتاء والتصويت بنعم من أجل النقل السلمي والمنظم إلى السلطة المدنية، وحتى تتفرغ القوات المسلحة إلى مهامها الأصلية وهي حماية أمن مصر القومي على جميع الجبهات.

بينما حذر الباحث الاستراتيجي ضياء رشوان جماعة الإخوان المسلمين من الاستسلام للمكسب السريع بالموافقة على التعديلات الدستورية بدعوى استعدادهم لخوض انتخابات المجالس النيابية المقبلة والحصول على نسبة من المقاعد.

وقال رشوان، خلال مؤتمر جماهيري نظمه المكتب التنفيذي لائتلاف ثورة «25 يناير» بمدينة الإسماعيلية: إن الموافقة على التعديلات الدستورية تؤدي لإجهاض الثورة، داعيا الإخوان المسلمين لوضع مصلحة البلاد فوق مصلحتهم. وتابع: إن الموافقة على التعديلات الدستورية تقضي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في وقت زمني محدود، وهو ما يشكل خطورة على العملية الديمقراطية التي لم تختمر بعدُ في الشارع المصري.

وتابع رشوان: إن سيناريو الموافقة على التعديلات الدستورية سيكون الأسوأ وسيقضي على الثورة التي سال من أجلها دماء الشباب في شوارع مصر. وأكد أن مشهد إجراء انتخابات تقتضيها التعديلات سيكون في الظاهر رائعا أمام العالم بإجراء انتخابات نزيهة، خاصة في ظل إشراف قضائي، لكن الخطورة مكمنها من المواطن البسيط الذي يعاني ظروفا اقتصادية حادة تجعله يصوت لمن يدفع، وهذه الآلية تتفنن فيها فلول الحزب الوطن. وقال رشوان: إن الموافقة على التعديلات الدستورية تقضي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في فترة لا تتجاوز 4 أشهر، ومع حالة الانفلات الأمني التي تعيشها البلاد ستكون النتائج عكسية تماما، مؤكدا أن التصور البديل لهذا السيناريو أن يظل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدير البلاد لنهاية مارس المقبل لحيادية المجلس من دون تشكيل مجلس رئاسي مدني قد يتسبب في اختلافات بين أطياف الشعب المختلفة.

إلى ذلك، تظاهر أمس عشرات النشطاء من قوى وتيارات سياسية مختلفة لإعلان رفضهم التعديلات، والمطالبة بصياغة دستور جديد، داعين المواطنين بالتصويت بكلمة «لا» على هذه التعديلات.

وفي بيان وقَّعت عليه أحزاب الجبهة الديمقراطية والتجمع والحزب الشيوعي المصري والجمعية الوطنية للتغيير والحملة الشعبية لدعم البرادعي وائتلاف شباب الثورة وتحالف المصريين - الأميركيين، تم توجيه نداء إلى جماعة الإخوان المسلمين لمراجعة موقفها من التعديلات التي توافق عليها، والنظر إلى «مصلحة الوطن العليا»، وطالب البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بإصدار إعلان دستوري مؤقت بديلا عن التعديلات ليستمر العمل به خلال الفترة الانتقالية إلى أن تتم صياغة دستور جديد للبلاد.

وقال البيان: «إن دستور 1971 المعمول به حاليا قد سقط بفعل ثورة (25 يناير) وإن سريان التعديلات المقترحة يعيد الاعتبار إليه»، معتبرا أن «النصوص الواردة في التعديلات المقترحة تنطوي على تمييز فاضح بين المواطنين في حقوق الممارسة السياسية، خاصة في المادتين 75 و76».

من جانبها، أوضحت حركة شباب «6 أبريل» مشاركتها في الاستفتاء على التعديلات، مؤكدة رفضها، وجاء في بيان لها: «هذا الدستور، كما نعلم جميعا، لا يصلح أبدا للتأسيس لتحول ديمقراطي حقيقي، وذلك بشكله الحالي الذي لم تمتد إليه يد التعديلات؛ حيث لم تقترب التعديلات من نقطة صلاحيات رئيس الجمهورية أو البرلمان أو السلطة القضائية ونقطة محاسبة الرئيس وتهميش القضاء وعدم استقلاله استقلالا كاملا».

من جانب آخر، أعلنت عدة منظمات حقوقية عن مراقبتها للاستفتاء على التعديلات، من بينها: المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، التي دعت المواطنين لاستخدام حقهم الدستوري في المشاركة على الاستفتاء سواء بالتصويت ضدها أو لصالحها، والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي التي أعلنت عن استقبالها 3000 متطوع لمراقبة الاستفتاء.