اليمن: تضارب حول إقالة أو استقالة وزير الأوقاف

تغييرات في قيادات أمنية في عدن والضالع ومحافظات أخرى

يمنيون يتظاهرون ضد الحكومة اليمنية في صنعاء أمس يطالبون برحيل الرئيس علي عبد الله صالح (أ. ب)
TT

أخذت التطورات السياسية في اليمن منعطفات وتطورات جديدة بعد أن حملت السلطات اليمنية أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة، مسؤولية ما وصفته بـ«أعمال العنف والتخريب» في الشارع اليمني، هذا في وقت أعلنت فيه أجهزة الأمن اليمنية عن ضبط سيارة تحمل أسلحة، وهي متوجهة إلى «ساحة التغيير»، وضبط أخرى تتبع الشيخ عبد المجيد الزنداني، وهي تحمل منظومة اتصالات متطورة، وقال مكتبه إن الجهاز الذي بداخل السيارة متوفر في أسواق صنعاء.

وبعد أن حملت أحزاب المعارضة اليمنية الرئيس علي عبد الله صالح وأقرباءه، مسؤولية ما وصفتها بـ«حرب الإبادة» بحق المتظاهرين خلال عمليات القمع للاعتصامات في «ساحة الحرية» في عموم المحافظات، بدأت حرب إعلامية بين السلطة والمعارضة التي تنفي الاتهامات الرسمية بشأن حيازة أسلحة أو غيرها، وتؤكد أنها تناضل سلميا، وأصدرت وزارة الداخلية اليمنية بيانا حملت فيه قيادات أحزاب اللقاء المشترك «المسؤولية الكاملة إزاء» ما يجري في الشوارع والأحياء السكنية من إقلاق للسكينة العامة للمواطنين في المناطق المحيطة بجامعة صنعاء، وكذلك المسؤولية إزاء «الاعتداءات التي جرت على قيادات في السلطة المحلية والمجمعات الحكومية في محافظتي مأرب والجوف». وأضاف البيان أن قيادات «المشترك» مسؤولة عن «كل ما حدث ويحدث من نزيف للدماء وإضرار بالمواطنين وتخريب المصالح العامة واستقرار وسكينة المجتمع».

وقد كالت الأجهزة الأمنية اليمنية سيلا من الاتهامات للمعارضة، وقالت إن قوات الأمن ضبطت سيارة نوع «هونداي» وهي تحمل أسلحة وخياما وشعارات لأحزاب المعارضة، وتقل 4 من عناصرها، قبل أن تصل إلى ساحة الاعتصام أمام الجامعة، وزادت السلطات على ذلك بالقول إنها ضبطت 3 أشخاص، وإن أحدهم كان بحوزته وصية إلى أهله يطلب فيها السماح وتسديد ديونه لأنه «متوجه للاستشهاد»، حسب المصادر الأمنية.

في هذه الأثناء، يواصل الرئيس علي عبد الله صالح لقاءاته بالوجاهات ومشايخ من أجل عقد المزيد من التحالفات، بعد أن بدأت الكثير من القبائل الانضمام إلى «ثورة الشباب» المطالبة بإسقاط النظام، فقد التقى يوم أمس بأعيان منطقتي الوصابين وعتمة في محافظة ذمار، وعبر صالح، خلال اللقاء، عن أسفه لما حدث من «أعمال عنف وخروج على النظام والقانون في محافظتي الجوف ومأرب واعتداء على محافظ محافظة مأرب وقتل مدير المنطقة الأمنية في مديرية المصلوب من قبل عناصر تابعة للأسف لأحزاب اللقاء المشترك والمتحالفين معها»، حسب قوله. وأضاف أن «إشعال الحرائق والفتن لن يخدم أحدا وسيضر بمصالح الجميع في الوطن، وعلى من يراهنون على ذلك لتحقيق أهدافهم تحكيم العقل والمنطق والاحتكام للحوار لتجنب الانزلاق إلى ما لا يحمد عقباه والإضرار بمصالح الوطن والمواطنين».

وهاجم صالح الشخصيات التي انضمت إلى المحتجين ومطالبهم، وقال: «لقد أصبحنا نشاهد اليوم كل من فقد مصلحة حتى لو كانت غير مشروعة أو لم يتحقق له طلب لأي سبب قد لجأ لساحات الاعتصام»، ثم أردف: «لكن ما ذنب هؤلاء المواطنين الذين تضررت اليوم مصالحهم نتيجة بعض الاعتصامات، حيث حرم الأطفال من الذهاب للمدارس واحتجزت العائلات داخل منازلها وحرم أصحاب المحلات التجارية من أرزاقهم، ويعاني المواطنون الذين يطلقون كل يوم الاستغاثات والنداءات من الإزعاج المستمر وإقلاق راحتهم وراحة مرضاهم وبخاصة كبار السن منهم، فما ذنب هؤلاء أن يعانوا مثل هذه المعاناة وأن يمارس البعض حريته في التعبير على حساب حريات هؤلاء المواطنين»، وأكد الرئيس اليمني الذي يواجه أزمة ربما هي الأولى من نوعها خلال حكمه الممتد لقرابة 33 عاما، أن «الفوضى لا يمكن أن تنتج خيرا ولا يأتي منها إلا الفوضى والدمار والمهم أن يحتكم الناس للحوار وأن يجلسوا معا على طاولة الحوار لمناقشة كافة القضايا بعقول مفتوحة وبعيدا عن التعصب أو التمترس في المواقف للوصول إلى الحلول المنطقية والموضوعية التي تخدم مصلحة الوطن».

وتواصلت الاحتجاجات والاعتصامات في جميع المحافظات اليمنية في مطلب واحد وهو إسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح، وقالت مصادر محلية إن محتجين اشتبكوا مع قوات الأمن المركزي في مديرية دار سعد بمحافظة عدن لليوم الرابع على التوالي، بعد أن سقط في المنطقة قرابة 5 قتلى وعشرات الجرحى وأحرق المحتجون قسم الشرطة في المديرية لمرتين، وأعلن المزيد من الشخصيات والموظفين الانضمام إلى «شباب الثورة» في «ساحة التغيير» بصنعاء، التي انضم إليها 31 قاضيا من مختلف الدرجات وحملوا النظام المسؤولية إزاء «الجرائم التي ترتكب ضد المعتصمين سلميا»، وفي محافظة عمران (شمال صنعاء) استقال القاضي محمد عبد الخالق حنش، مدير عام مكتب الأوقاف في المحافظة استقالته وأعلن انضمامه إلى الثورة.

وتتواصل الاستقالات في أوساط حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم باليمن، فقد أعلن، أمس، وزير الأوقاف اليمني القاضي حمود الهتار، استقالته من الحزب، وذلك بعد يومين من قرار جمهوري بإقالته من منصبه، ونفى الهتار لـ«الشرق الأوسط» أن يكون أقيل، وقال إنه قدم استقالته إلى الرئيس احتجاجا على استمرار مشاركة قيادات في الحزب الحاكم في قمع المتظاهرين سلميا، وفي رسالة وجهها الهتار، أمس، إلى الرئيس ونائبه، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، خاطبهما بالشكر على قبول استقالته من الوزارة وطالب بقبول استقالته من حزب المؤتمر نظرا لـ«مخالفة برامجه وممارسات من قبل بعض مسؤوليه لأهداف ومضامين الميثاق الوطني وضعف آليته التنظيمية وتهميش دور تكويناته وقياداته وأعضائه في أهم وأخطر القضايا ومنها الوحدة الوطنية، والتمرد، والحراك الانفصالي، واختزال قاعدته العريضة في قيادات لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة»، واستدل الوزير الهتار على ما طرحه بوصول الحوار بين المؤتمر والمعارضة إلى «طريق مسدود»، وإلى رفض المعارضة والمعتصمين لمبادرة الرئيس «رغم أهمية ما جاء فيها».

وأضاف الوزير المستقيل أن «الأغرب من هذا كله، المؤتمر الذي عقد في نهاية الأسبوع الماضي بحضور أكثر من ثلاثين ألف مشارك ومشاركة استمعوا إلى المبادرة وتقرير المستشار السياسي والبيان الختامي الذي تلاه الأمين العام المساعد ولم يتحدث أي من المشاركين بكلمة واحدة، مما أثار الاستغراب لدى كثير من المحللين: هل الحاضرون مشاركون في مؤتمر حوار؟ أم شهود على المبادرة والبيان؟، وفضلا عن ذلك، فإن المشكلات التي حدثت حول المستحقات، قد أفرغت ذلك المؤتمر من محتواه وعاد الكثير منهم بانطباعات سيئة»، ثم أضاف سببا في الاستقالة وهو «مشاركة بعض أعضائه (الحزب الحاكم)، في استخدام العنف لقمع المظاهرات والاعتصامات السلمية، بطريقة تسيء إلى النظام وتوسع من دائرة الاحتجاجات».

إلى ذلك، قلل مصدر مسؤول في وزارة الخارجية اليمنية من استقالة السفير عبد الله النعمان، أحد أعضاء البعثة الدبلوماسية اليمنية في جنيف، الذي أعلن استقالته من منصبه احتجاجا على قمع المتظاهرين، وقال المصدر إن المذكور لم يكن موظفا دبلوماسيا يعمل في السفارة اليمنية بسويسرا، ولكنه أعطى لقب مستشار في السفارة بجنيف، وذلك حتى يتمكن من الإقامة والحصول على إعانة مالية شهرية وجه بها رئيس الجمهورية له تقديرا لظروفه ومن جانب إنساني. يذكر أن السفير عبد الله النعمان هو نجل «الأستاذ» كما يسمى في اليمن وهو الثائر والسياسي اليمني الراحل، أحمد محمد النعمان، رئيس الوزراء اليمني الأسبق الذي توفي في جنيف قبل عقد من الزمن تقريبا.

وفي محافظة مأرب فجر مسلحون أنبوبا للنفط، الأمر الذي أدى إلى توقف العمل في منشآت نفطية في محافظة شبوة المجاورة، وإزاء التطورات الأمنية التي شهدتها بعض المحافظات اليمنية مؤخرا، قامت وزارة الداخلية، أمس، بإجراء تنقلات في أوساط مديري أمن عدة محافظات، فقد عين العميد غازي على محسن الأحول، مديرا لأمن محافظة عدن بعد نقله من الضالع، وعين المدير السابق لعدن العميد عبد الله قيران، مديرا لأمن محافظة تعز.