البطريرك الراعي: حازم بمواقفه.. وينتقد السلاح خارج سلطة الدولة

مدافع شرس عن مقر البطريركية المارونية وسيدها

TT

اختارت الطائفة المارونية عامودا من أعمدة كنيستها في لبنان، باختيارها راعي أبرشية جبيل المطران بشارة الراعي بطريركا لأنطاكيا وسائر المشرق، خلفا للبطريرك نصر الله بطرس صفير، بعد أن قضى 25 عاما في السدة البطريركية. ويأتي الراعي من صفوف الرهبانية المارونية المريمية، ويتسلم منصبه الجديد بعد مسيرة أكاديمية وإكليريكية حافلة، وسيرة ذاتية مليئة بالمواقف الرعوية والسياسية، أهلته لنيل ثلثي أصوات زملائه المطارنة ورضا الفاتيكان، الذي يرى فيه شخصا مؤهلا لقيادة الطائفة المارونية في المرحلة المقبلة.

يعرف البطريرك الجديد، الذي يكثر من إطلالته الإعلامية، الروحية والسياسية، بمواقفه الصارمة والحازمة، ويعتبر أحد أشرس المدافعين عن البطريرك صفير عندما كان يتعرض لحملات سياسية بسبب «تحيزه»، وعن بكركي، مقر البطريركية المارونية في كسروان شمالي بيروت.

ولم ينس اللبنانيون بعد تهديده، في فبراير (شباط) 2009، «الذين يتطاولون على الكنيسة وعلى الدين وعلى السلطة الكنسية المتمثلة في شخص السيد البطريرك والسادة المطارنة»، بتطبيق «قانون العقوبات الكنسي وما يتضمنه من تأديبات بحقهم». وحذر من «أساء إلى شخص البطريرك إساءة جسيمة بالمعاقبة بالحرم الكبير»، وذلك على خلفية الحملة العنيفة التي قادها كل من الزعيمين المارونيين النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية ضد البطريرك صفير قبل الانتخابات النيابية.

يرأس الراعي اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، التي تعتبر الناطقة باسم الكنيسة الكاثوليكية في لبنان، ويدخل في مهامها «استخدام وسائل الإعلام وسائر وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة لنشر التعاليم المسيحية من كل نواحيها ونشر الفكر المسيحي والتوعية على حسن استخدام هذه الوسائل. وتعود إلى هذه اللجنة هيئة الرقابة في الأمن العام، المخولة الرقابة على المنشورات والمطبوعات والأفلام، من أجل الحصول على القرار النهائي بشأن حجب أو سماح بث ونشر المواد والمنشورات والأفلام المتعلقة بالشؤون الدينية.

وللبطريرك الجديد مواقفه السياسية الواضحة التي يضعها في إطار خدمة «قضية 76 بطريركا سبقوه، ألا وهي قضية لبنان». يدافع عن الخط المسيحي الذي يعتبره «فاعلا عبر التاريخ»، يخيفه «سلاح حزب الله خارج الاستراتيجية الدفاعية»، ويرى في الصراع اللبناني «صراعا سنيا شيعيا على حكم لبنان». وعن القرار الظني في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، والذي يثير انقساما عميقا في الشارع اللبناني، قال الراعي مطلع العام الجاري: «بأي حق يهدد من يهدد بزعزعة الاستقرار في لبنان عندما يصدر القرار الظني»، معتبرا أنه إذا كان لا بد من الربط بين الاستقرار والعدالة «نقول إن العدالة هي التي تولد الاستقرار، بل لا استقرار من دون عدالة، شرط أن تكون منزهة وخالية من أي تزوير أو تسييس».يتحدر الراعي من بلدة حملايا- المتن، شرق بيروت، ويبلغ من العمر 71 عاما، رغم أنه يبدو أصغر من سنه بكثير. قدم نذوره الرهبانية في يوليو (تموز) 1962، لتتم رسامته الكهنوتية في 3 سبتمبر (أيلول) 1967. سيم نائبا بطريركيا عاما في بكركي في يوليو (تموز) 1986. وهو حائز على إجازة في الفلسفة واللاهوت، ودكتوراه في الحقوق الكنسية والمدنية، ودرس المحاماة الروتالية في جامعة مار يوحنا اللاتران - محكمة الروتا الرومانية، في روما، مما أهله لتولي مسؤوليات عدة في المحكمة الروحية المارونية في لبنان.

تنقل الراعي في مناصب تربوية ورعوية عدة في الرهبانية المارونية المريمية بين العامين 1975 و1981، وله منشورات ورسائل رعوية وروحية كثيرة. تولى منذ العام 1990 منصب مطران أبرشية جبيل للموارنة. وللراعي علاقة وثيقة بروما، حيث عينه البابا يوحنا بولس الثاني في مناصب عدة منها، رئيس للجنة تنسيق النشاطات الاجتماعية والرعوية والإنمائية في كنيسة لبنان، وعضو في المجلس البابوي «قلب واحد» وفي المجلس البابوي لرعوية المهاجرين والمهجرين والسواح واللاجئين. كما عينه البابا بنديكتوس السادس عشر عضوا في المجلس الحبري لوسائل الاتصالات الاجتماعية. والبطريرك الجديد حائز على وسامين: وسام الاستحقاق الوطني رتبة كومندور من رئيس جمهورية إيطاليا في العام 2004، ووسام الأرز الوطني رتبة كومندور من رئيس جمهورية لبنان في العام 2007.