وزراء مجموعة الثماني يدفنون مشروع منطقة الحظر الجوي في ليبيا  ويدعون لعقوبات إضافية

ألمانيا وروسيا أجهضتا فكرة التدخل العسكري.. وإيطاليا تطالب بوقف أعمال العنف

ثائران ليبيان يجلسان على كنبة في نقطة تفتيش بمدينة أجدابيا (رويترز)
TT

وأد وزراء خارجية مجموعة الثماني للدول الأكثر تصنيعا، بعد جولتين من المشاورات والعديد من اللقاءات الثنائية والمتعددة مشروع إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا تمنع قوات العقيد معمر القذافي من سحق المعارضة واسترجاع المناطق التي خرجت عن سيطرته ومنها بنغازي. ونحى الثمانية المسؤولية عن أكتافهم ورموها مجددا على مجلس الأمن الدولي وعلى دول الجامعة العربية.

ويعد ما حصل في باريس أمس وليل أول من أمس فشلا للدبلوماسية الفرنسية – البريطانية، لسعي باريس ولندن إلى دفع مجموعة الثماني إلى فرض منطقة حظر جوي أو أي نوع من أنواع الأعمال العسكرية.

ولم تحضر وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جلسة الأمس وغادرت باريس إلى القاهرة في جولة ستقودها أيضا إلى تونس.

كذلك ترك العاصمة الفرنسية وزيرا خارجية بريطانيا وليم هيغ وألمانيا غيدو فسترفيلي فيما حضر الوزراء الخمسة الباقون (فرنسا وروسيا وإيطاليا واليابان وكندا) المؤتمر الصحافي لنهائي الذي قرأ خلاله الوزير جوبيه خلاصات المؤتمر. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي على هامش المؤتمر إنه «يتعين على العقيد القذافي أن يشكر الهزة الأرضية التي ضربت اليابان والتي حرفت إلى حد كبير الانتباه الدولي عما يجري في ليبيا وسمحت للقذافي برمي كامل قوته العسكرية في الميدان للقضاء على المعارضة المسلحة».

وغابت عن نص البيان الختامي الدعوة إلى إقامة منطقة الحظر الجوي أو أي دعوة لعمل عسكري ضد قوات القذافي. وجاء مكانها أن الثمانية «قرروا أنه يتعين على مجلس الأمن الدولي زيادة ضغوطه من أجل دفع العقيد القذافي إلى الرحيل بما في ذلك التدابير الاقتصادية». كذلك عبر الوزراء الثمانية عن «ارتياحهم» لنظر المجلس في «مروحة واسعة من التدابير التي من شأنها توفير الحماية للمدنيين الليبيين من هجمات قوات معمر القذافي». ومن التدابير التي ناقشها الثمانية والتي أشير إليها خلال المؤتمر الصحافي إنشاء مناطق آمنة وتشديد العقوبات الاقتصادية والمالية وتوسيعها بما قد يشمل لاحقا النفط أو حتى النظر في فرض حصار بحري على ليبيا بحيث تمنع الحركة ذهابا وإيابا إلى المرافئ الليبية. ولم يفلح الرئيس ساركوزي الذي التقى الوزيرة هيلاري كلينتون على انفراد وبعد ذلك كل الوزراء مجتمعين في حمل المترددين على تغيير خياراتهم والتخلي عن معارضة أي عمل عسكري. واعترف الوزير جوبيه بذلك يقوله إنه «لم ينجح» في مهمته مضيفا أن الدول المعنية «لا تملك القوة العسكرية لمنع القذافي من إعادة احتلال بنغازي».

وكشفت مصادر مطلعة في باريس جانبا من المناقشات التي دارت بين الوزراء التي يتبين منها أن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي ونظيره الروسي سيرجي لافروف كانا من أشد المعارضين لمشاريع التدخل العسكري. وسارع الوزير الألماني إلى تأكيد أن بلاده «لن تشارك أبدا في عمل عسكري» في ليبيا وأنها «تعتبر أن إقامة منطقة حظر جوي عمل عسكري». وتساءل أمام نظرائه: «ما الذي سنفعله إذا لم تحقق هذه المنطقة أهدافها؟ هل سنرسل قوات أرضية؟». وفي لقاء لاحق مع الصحافة الألمانية قال فسترفيلي إن «العمل العسكري ليس الحل بل يتعين أن ترسل مجموعة الثماني إشارة واضحة للقذافي أن عليه وضع حد لاضطهاد شعبه وعلى مجلس الأمن تشديد العقوبات مع الحصول على دعم وتعاون دول المنطقة» أي البلدان العربية.

وذهب وزير خارجية روسيا ومعه نظيره الإيطالي إلى رمي الكرة في الملعب العربي حيث أعلن لافروف أن بلاده «تنتظر تفاصيل ملموسة» حول دعوة الجامعة العربية مجلس الأمن لإقامة منطقة حظر جوي بعد اجتماع القاهرة نهاية الأسبوع الماضي. وقال لافروف إنه «يصعب التحرك قبل التعرف على الأفكار العربية» مشيرا إلى التناقض القائم في بيان الجامعة حيث يطالب من ناحية بمنطقة الحظر ويحذر من ناحية أخرى من التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا. وبذلك يكون لافروف قد أعاد الكرة إلى ملعب الجامعة العربية التي سبق لها أن رمتها في ملعب مجلس الأمن.

وقالت مصادر واكبت أعمال الثمانية في باريس إن روسيا ترى أن هناك «أسئلة أساسية بقيت دون أجوبة» بخصوص العمل العسكري. وحث لافروف الأصدقاء العرب على «الإفصاح» عما يريدونه. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن التطورات الميدانية والنجاحات التي حققتها قوات القذافي «تجعل العديد من الدول الكبرى تتردد في السير في تدخل عسكري» ضد ليبيا كما أنها تحفزها إلى إعادة النظر «بما يمكن أن يكون ناجعا أو قد أصبح من غير فائدة».

وفي البيان المكتوب الذي وزع عقب المؤتمر الصحافي جاء أن الوزراء الثمانية يعبرون عن «ارتياحهم» لما صدر عن الجامعة العربية «خصوصا طلبها حماية ودعم المدنيين» وشددوا على الحاجة للتعاون والتنسيق مع «المنظمات الإقليمية» التي من بينها مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأفريقي الذي أعلن عن رفضه التدخل العسكري في ليبيا. وبحسب الوزير الفرنسي، فإن مجلس الأمن سيكون عليه أن ينظر في فرض عقوبات اقتصادية أقوى على ليبيا وزيادة الضغوط السياسية على القذافي مكررا تأكيده أن لا دور للحلف الأطلسي في هذه الأزمة فيما كان مجلس الحلف مجتمعا في بروكسيل لدراسة «خطط عسكرية». وشدد جوبيه على أن التدابير التي ستتخذ في مجلس الأمن وعدد منها إقامة المناطق الآمنة وفرض حصار بحري وعقوبات إضافية «يجب أن تدرس مسبقا مع الدول العربية» التي عليها «تحمل مسؤولياتها».

من جهته، طالب وزير خارجية إيطاليا فراتيني بوقف سريع لإطلاق النار وإقامة منطقة آمنة للمدنيين معتبرا أن الحظر الجوي لن يكون كافيا لوحده. وفي أي حال، استبعد فراتيني القيام بأي تحرك «من غير إجماع دولي ومن غير موافقة الجامعة العربية». ووصف نجاحات القوات الموالية للقذافي بأنها «مأساوية».