مصادر أميركية عن اجتماع كلينتون وجبريل: لن نقدر على تلبية طلبات المعارضة

جلسة مجلس الأمن تتأجل من دون اتفاق حول ليبيا

معارضون ليبيون يتصدون لقصف طائرات القذافي بإطلاق نيران المدافع المضادة خارج مدينة أجدابيا أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي أجل فيه مجلس الأمن اجتماعاته حول ليبيا من دون تحديد موعد لاستئنافها، قالت مصادر أميركية إن اجتماع هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، مع محمود جبريل، الزعيم الليبي المعارض في باريس «جاء متأخرا بثلاثة أسابيع». وإن كلينتون «لن تقدر على تلبية طلبات المعارضة الليبية»، سواء حظر الطيران فوق ليبيا، أو تقديم مساعدات عسكرية للثوار مباشرة أو عن طريق دول أخرى.

وأجل مجلس الأمن اجتماعه وسط أخبار بأن هناك انقساما واضحا وسط الدول الأعضاء، وخاصة الدول التي تتمتع بحق الفيتو. وأن فرنسا، أكثر الدول تحمسا للتدخل العسكري، تقف في جانب، وروسيا والصين في الجانب الآخر، وتميل ألمانيا وتركيا والبرازيل وجنوب أفريقيا ضد التدخل، وتتردد الولايات المتحدة في إعلان موقف واضح.

وكلف مجلس الأمن سفيري كل من فرنسا ولبنان لوضع مسودة مشروع قرار ليعرض على المجلس قبل نهاية الأسبوع. لكن، لم يحدد المجلس يوما لاستئناف الجلسات..

ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» المعارضة الليبية بأنها «تتهالك تدريجيا». وأشارت إلى أن اجتماع كلينتون «رتب على عجل، وفي آخر دقيقة، عندما سمحت نشاطات كلينتون الأخرى، وبعد أن تناولت العشاء مع وزراء خارجية الدول الثماني، وأن الاجتماع كان سرا، ولم يصدر بعده بيان مشترك، ولم يظهر المعارض الليبي جبريل مع كلينتون أمام الكاميرات، وبدل اجتماعا في مقر اجتماع الدول الصناعية الثماني، أو في السفارة الأميركية في باريس، ولكن في الفندق الذي نزلت فيه كلينتون، كما أنه حشر بين ارتباطات أخرى لكلينتون». وقالت الصحيفة: «في هذا الوقت المتأخر، تبدو الحكومة الأميركية غير متحمسة لعملية عسكرية جديدة في الشرق الأوسط. وأيضا، عارضت دول أخرى التدخل العسكري معارضة مباشرة، بما في ذلك تركيا، الدولة المسلمة في حلف الناتو».

وحتى بالنسبة لزيارة كلينتون المرتقبة إلى كل من مصر وليبيا، وهي أول زيارة لها بعد الثورة في كل من البلدين، قالت الصحيفة: «صار واضحا أن الأحداث في المنطقة أسرع من جدول تنقلات كلينتون».

وفي البيت الأبيض، لم يتحدث الرئيس باراك أوباما عن الوضع في ليبيا بصورة كاملة منذ المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل خمسة أيام، وقال فيه إن «كل الخيارات على المنضدة». والتزم بعدم اتخاذ قرار عسكري قبل التشاور مع وزير الدفاع وجنرالات البنتاغون. وقال إن «أي عمل عسكري فيه مخاطرة».

وفي تعليق قصير، أول من أمس، بحضور رئيس وزراء الدنمارك، لارز راسموسين، كرر أوباما كلاما مشابها.

ونقلت وكالة «بلومبيرغ» على لسان مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، أن اجتماع كلينتون في باريس مع المعارض الليبي جبريل كان «بناء». وأن جبريل طلب فرض حظر الطيران، وضرب المطارات، وإرسال إمدادات عسكرية، ومساعدات اقتصادية، ودعم سياسي في المحافل الدولية، وأن كلينتون ردت بأنها «ستنظر» في هذه الطلبات. وأن المساعدات يمكن أن «تكون أكثر من مجرد دعم إنساني». لكنها لم تفصل. وأشار المسؤول إلى هدفين من الاجتماع:

أولا: التأكد من أن جبريل سمع من مسؤول أميركي رفيع المستوى عن التزام الولايات المتحدة بتقديم المساعدة.

ثانيا: الحصول على فهم جيد للمعارضة الليبية، وقوتها، وتوقعاتها عسكريا وسياسيا.

وقال المسؤول إن جبريل وصف حركة المعارضة بأنها «شاملة، وواسعة، ويحركها الشباب». وإن جبريل ضغط على الأميركيين للاعتراف بشرعية المجلس الانتقالي المعارض.

وعن موقف الدول الصناعية الثماني الكبرى، قال المسؤول إنها لم تتفق على رد فعل واحد، لكنها اتفقت على نقل المشاورات إلى مجلس الأمن. وكانت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس، قالت إن الموقف الأميركي لم يتحدد بعد «انتظارا لاستكمال المفاوضات مع الدول الصديقة والحليفة». ويقود السفير الفرنسي، جيرالد آرو، حملة لمنع تحليق الطائرات العسكرية الليبية في جميع أنحاء ليبيا. وإنه يستغل قرار جامعة الدول العربية بفرض الحظر الجوي لكسب تأييد وفود أخرى. وإن الوفد البريطاني يبدو أقرب إلى موقف الوفد الفرنسي من آخرين.

وقال آرو: «أمامنا هذا البيان من جامعة الدول العربية. ونحن نأمل أنه سيؤثر على أعضاء المجلس الآخرين. ونحن نأمل أن هذه المشاورات سوف تسمح لنا، في وقت لاحق من هذا الأسبوع، بالعمل على إصدار القرار». وامتنع آرو عن التعليق عندما سئل عما إذا كان الوقت متأخرا جدا لمنطقة حظر جوي على ليبيا، لأن القوات الموالية للقذافي شنت هجوما مضادا قويا ضد المعارضة.

وقال السفير اللبناني لدى الأمم المتحدة، نواف سلام، لوكالة «رويترز»، عندما سئل عما إذا كان الأوان قد فات لفرض منطقة حظر الطيران: «لم يفت الأوان بعد».

وفي واشنطن كان البيت الأبيض أصدر بيانا قال فيه: «المجتمع الدولي موحد في إرسال رسالة واضحة بأن العنف يجب أن يتوقف في ليبيا. وأن نظام القذافي يجب أن يتعرض للمساءلة». وأضاف البيان: «الولايات المتحدة ستواصل دفع جهودنا للضغط على القذافي، ولدعم المعارضة الليبية، وللاستعداد لجميع الاحتمالات، بالتنسيق الوثيق مع شركائنا الدوليين».

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» علقت على قرار الجامعة العربية بقولها: «مع ثورات شعبية ومظاهرات معادية للحكومات الاستبدادية من الخليج إلى المغرب، يشكل هذا التصويت مخاطرة. إنه وضع سابق من جانب حكومات استبدادية وهشة ظلت تحكم المنطقة منذ سنوات. يجب ألا ننسي أن الحكومة العربية في السودان نفذت حملة وحشية ضد الأفارقة في دارفور. ومنذ سنوات دعت منظمات دولية لفرض منطقة حظر الطيران لحمايتهم. ويجب ألا ننسى أن الأردن والبحرين واليمن وبلدانا عربية أخرى تواجه بدرجات متفاوتة اضطرابات».

وكان وزير الدفاع، روبرت غيتس، قال إن القوات الأميركية «لن تواجه أي مشكلة في فرض منطقة حظر جوي على ليبيا إذا أمر الرئيس أوباما».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن هذا الرأي مختلف تماما عن رأي آخر كان قد قاله وزير الدفاع في الأسبوع الماضي. وكان الوزير قد قال في وقت سابق هذا الشهر، إن إنشاء منطقة حظر الطيران سيكون «عملية كبيرة». وإن حلف الناتو في حاجة لنشر مجموعة كبيرة من القوات الجوية، ليس فقط لاستهداف طائرات نفاثة وصواريخ مضادة، ولكن، أيضا، طائرات هليكوبتر هجومية تحلق على ارتفاع منخفض.

في ذلك الوقت، قال الوزير، في حدة مخاطبا أعضاء في الكونغرس: «كل وزير دفاع يأمر بتدخل قوات عسكرية أميركية في دولة أخرى، يجب أن يذهب إلى طبيب نفسي للكشف على عقله».