المصريون يتأهبون للاستفتاء على التعديلات الدستورية وسط ترقب محلي ودولي

القضاء يرفض طلبا بوقفه.. واستمرار «النزال السياسي» بين المؤيدين والمعارضين

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية تحيي المصريين في ميدان التحرير أمس خلال أول زيارة لها لمصر منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك (رويترز)
TT

وسط ترقب دولي واستعدادات أمنية مكثفة، يتأهب المصريون للذهاب بعد غد السبت إلى صناديق الاقتراع للاستفتاء على تعديل بعض المواد الدستورية. وفي إطار تجربتهم الديمقراطية الأولى، تباينت الآراء بصورة كبيرة، حتى إن استطلاعات الرأي المبدئية لم تتمكن من الخروج بمؤشرات قوية حول الوضع المستقبلي أو نتائج الاستفتاء.

وفي ظل حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري، أمس، بعدم اختصاص قضاء مجلس الدولة عموما في نظر الطعون القضائية المقامة لوقف إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة، حدد المستشار مجدي العجاتي رئيس المحكمة الإدارية العليا جلسة عاجلة اليوم (الخميس) لنظر الطعن على هذا الحكم. واستندت المحكمة في أسباب حكمها أمس إلى أن قرار الدعوة لإجراء الاستفتاء الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يعد عملا من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية قضاء مجلس الدولة، مشيرة إلى أنه لا يجوز الطعن عليه بأي صورة من صور التقاضي، وأن المحكمة الإدارية العليا (آخر درجات التقاضي بمجلس الدولة) قد خلصت إلى أن إجراءات الدساتير أو تعديلها، وما انطوت عليه من أحكام، هي من المسائل التي لا يجوز نظرها أو التعقيب عليها من جانب القضاء الإداري.

وأضافت المحكمة أن قرار الدعوة لإجراء الاستفتاء صدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره المسؤول عن إدارة شؤون البلاد، وبتأييد صريح من ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وجموع الشعب المصري، وبالتالي يكون هذا القرار قرارا سياديا لا يختص قضاء مجلس الدولة بنظر الطعن عليه. وقد نظرت المحكمة في 13 طعنا أقامها عدد من المحامين وبعض ممثلي منظمات المجتمع المدني، مطالبين فيها بوقف إجراء الاستفتاء، حيث قال المدعون في طعونهم إن نصوص التعديلات الدستورية المقترحة ما هي إلا نوع من ترقيع دستور سقطت شرعيته بسقوط النظام، ووصفوها بـ«المهزلة»، مطالبين بوضع دستور جديد للبلاد من خلال انتخاب جمعية تأسيسية.

وعلى الصعيد الرسمي، استعرض مجلس الوزراء خلال اجتماعه أمس برئاسة الدكتور عصام شرف، الإجراءات المتعلقة بالاستفتاء. كما أشار شرف، على هامش لقائه بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، إلى أن الجانب السياسي في عملية التحول الديمقراطي يتم طبقا لخارطة الطريق التي أعلنها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقال إن «عملية التحول ستؤكد على مبادئ حقوق الإنسان وضمان حقوق المرأة والمشاركة السياسية الفاعلة لكل الفئات المهمشة في المجتمع». وبدورها، أكدت كلينتون أن الولايات المتحدة تنظر إلى ما يحدث في مصر باعتباره حدثا مصريا يمكن لجميع المصريين أن يفخروا به.

ومن جانبه، استعرض وزير الداخلية منصور عيسوي مع عدد من مساعديه خطط وإجراءات تأمين المقار المختلفة التي سوف تشهد عملية الاستفتاء بالتنسيق والتعاون مع القوات المسلحة، وشدد على أهمية قيام الأجهزة الأمنية المختصة باتخاذ كل ما من شأنه التسهيل والتيسير على المواطنين من أجل المشاركة بالرأي في جو آمن ومحايد، بما يضمن ترسيخ مسيرة الديمقراطية والتأكيد على حق جميع المواطنين في ممارسة حقوقهم السياسية والدستورية.

وبينما حث مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة المواطنين على المشاركة في الاستفتاء وإبداء رأيهم في التعديلات بكل حرية سواء بـ«نعم» أو «لا» وفق ما يرونه، تجنب التصريح برأيه الشخصي حتى لا يؤثر على آراء المواطنين خشية أن يعتبره بعضهم بمثابة الفتوى. إلا أنه أعلن في الوقت ذاته رفضه المساس بالمادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، ملوحا بالاستقالة في حال حدوث ذلك.

أما على صعيد المرشحين للرئاسة، فقد انضم الدكتور أيمن نور إلى قافلة الداعين إلى رفض التعديلات، والتي سبق أن شملت عددا من المرشحين المحتملين للرئاسة، ومنهم الدكتور محمد البرادعي وعمرو موسى والمستشار هشام البسطويسي، والذين اتفقوا في آرائهم على أن تلك التعديلات تتضمن صياغات لنظام سياسي يمنح صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية، كما أن إجراء الانتخابات التشريعية وفقا للدستور القائم قد يفرز برلمانا مشابها للبرلمانات السابقة.. وفي المقابل أعلن السفير عبد الله الأشعل، وهو ممن طرحوا أنفسهم للترشح للرئاسة، تأييده للتعديلات، مؤكدا أن رفضها سوف يقود مصر إلى نفق مظلم.

كما أعلن وحيد الأقصري، رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، رفضه للتعديلات، لينضم بذلك إلى تكتل القوى السياسية الرافضة لها، قائلا إن التعديلات لم ترق إلى مرتبة آمال وطموحات الشعب، ولم تمس الكم الهائل من الصلاحيات التي أعطاها الرئيس السابق لنفسه.

وبدورها، نشطت المنظمات المدنية والناشطون السياسيون في التباري على المستوى الإعلامي وعقد الندوات والنقاشات التي تتناول التعديلات الدستورية، حيث أكد المشاركون في ندوة عقدها مجلس الأعمال المصري – الكندي، مساء أول من أمس، رفضهم للتعديلات الدستورية، مطالبين بوضع دستور جديد بعد سقوط الدستور القديم وفقده للشرعية، مع تخلي الرئيس السابق عن السلطة.

وشارك في الندوة كل من الدكتور مصطفى الفقي، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، وجورج إسحق نائب رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، وأدارها معتز رسلان رئيس مجلس الأعمال المصري - الكندي، وحضرها كل من الدكتور أشرف حاتم وزير الصحة، والدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وسفراء كل من الفاتيكان واليونان والبرازيل وهولندا وباكستان والسويد واليابان والمغرب، وعدد كبير من رجال الأعمال.

وأوضح المشاركون أن يوم السبت المقبل (يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية) يعتبر يوما حاسما في تاريخ مصر، وأنه يجب تجييش المواطنين وتوعيتهم ليعلنوا رفضهم لتلك التعديلات، قائلين إنها «تخدم فئات بعينها في مصر، وهي فلول الحزب الوطني و(الإخوان المسلمون)»، مشيرين إلى أن «الإخوان» يعيشون حاليا أفضل أيامهم، وأنهم حصدوا من الثورة ما لم يحصدوه من قبل.

وفي سياق مواز، نظمت مؤسسة «هانز زايدل»، بالتعاون مع جمعية الصداقة المصرية الألمانية، وفي إطار حملة توعية سياسية تقوم بها من خلال مراكز النيل للإعلام على مستوى الجمهورية، ورشة عمل ليلة أول من أمس تحت عنوان «التعديلات الدستورية بين التأييد والمعارضة»، حضرها عدد من الإعلاميين والمواطنين ومنظمات المجتمع المدني.