رئيس حكومة الإقليم لأبناء حلبجة في ذكرى قصفها بالكيماوي: الإعمار قادم

الذكرى توحد السلطة والمعارضة في كردستان

برهم صالح رئيس إقليم كردستان يقرأ الفاتحة أمام «نصب الشهداء» في حلبجة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أصبح لمراسم إحياء الذكرى السنوية لفاجعة القصف الكيمياوي لمدينة حلبجة في كردستان العراق، طعم خاص هذه السنة، حيث إنها وحدت الصف الكردي الذي انقسم على ذاته منذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية قبل نحو شهر في السليمانية ضد السلطة بالإقليم. فقد تحولت حلبجة، التي قصفها النظام السابق بالغازات صباح يوم 16 مارس (آذار) 1988، إلى رمز شاخص في الذاكرة الجمعية للشعب الكردي، وأصبحت ذكراها هذا العام خيمة تجمع السلطة وقوى المعارضة التي نزلت في الأسابيع الماضية إلى الشوارع لقيادة الاحتجاجات الشعبية.

ففي ساحة السراي بمدينة السليمانية التي أصبحت ميدانا حرا للتعبير عن الاحتجاجات ومطالبة السلطة بإجراء الإصلاحات السياسية في الإقليم، تعالت الأصوات الداعية إلى الاعتبار بفاجعة حلبجة والمضي في طريق الإصلاح وتلبية مطالب الشعب تقديرا لدماء الشهداء. ورد عليها رئيس الحكومة برهم صالح، تحت نصب شهداء حلبجة، بتأكيد «أنه مهما قدمت قيادة الإقليم لسكان هذه المدينة من مكتسبات، فإنها لا تستطيع أن توفي تضحيات أبنائها حقها»، مشيرا إلى «أن لحلبجة دينا في أعناقنا، وما تحقق اليوم من حريات التعبير والتظاهر، وهي حريات مقدسة نحرص عليها، هي ثمرة من ثمرات تضحيات أبناء هذه المدينة». وأضاف موجها كلامه للمعارضة: «أحوج ما نحتاج إليه الآن هو التحاور بيننا لكي نتمكن من معالجة مشاكلنا، ونشفي جراحات شعبنا، وقد جئنا اليوم نحمل إليكم رسالة محبة نؤكد من خلالها أن الإعمار قادم». واستطرد قائلا: «اليوم، هناك الكثير من المشكلات والأزمات التي يعانيها شعبنا في كردستان، وهناك رؤى مختلفة في الفضاء السياسي ببلدنا، والاحتجاجات وصلت إلى الشوارع، ولذلك أقول أمامكم إن حرية التظاهر هي حق مشروع تحقق بنتيجة نضال وتضحيات سكان حلبجة وشعب كردستان، لذلك أتعهد أمامكم بأن جميع المطالب المشروعة للمتظاهرين ستلبى، فنحن أعضاء الحكومة والبرلمان المنتخب من واجبنا أن نستجيب لمطالب الشعب وأن نلبي حاجاتهم ونحسن أحوالهم».

وكانت المراسم الرسمية لإحياء الذكرى، قد بدأت في الساعة 11.05 من صباح أمس، وهي توقيت أول ضربة كيماوية للمدينة، حيث وقف الحاضرون دقيقة صمت إجلالا لأرواح الضحايا. وكانت هناك مشاركة كبيرة من السفراء والقناصل ومسؤولين حكوميين في الإقليم وبغداد.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد وجه رسالة إلى الشعب الكردي بهذه المناسبة أكد فيها أن هذه الفاجعة «ستبقى ماثلة في ذاكرتنا الوطنية كي تشكل حصانة ذاتية ورادعا دون عودة عهود الديكتاتورية ومظاهر القمع والاستبداد مرة أخرى».

من جهته، أحيا برلمان كردستان الذكرى السنوية للفاجعة باحتفالية شارك فيها أعضاء جميع الكتل البرلمانية، وألقى خلالها رئيس البرلمان كمال كركوكي كلمة شدد فيها على «وحدة الكلمة وتوحيد الموقف، لكي لا تتكرر مثل هذه الكوارث على الشعب الكردي». وقال كركوكي إن «مأساة حلبجة هزت ضمير كل إنسان مهما اختلفت إنتماءاته القومية والدينية والسياسية، واستذكارنا لهذه الفاجعة يدعونا إلى التكاتف وأن نضع يدا بيد من أجل عدم تكرار هذه المآسي، وأن نعمل معا لانتزاع جميع حقوقنا المشروعة، خصوصا في المناطق المستقطعة من كردستان. وقبل أيام، تحدث السيد أسامة النجيفي، رئيس البرلمان، حول تلك المناطق المستقطعة وخصوصا كركوك، وتبين من نبرة حديثه أنه ينوي أن يضع هذه المسألة على الرفوف وأن يؤجل النظر فيها إلى سنوات أخرى، وأؤكد لكم أن البرلمان سيكون له موقف واضح ورسمي تجاه هذه المسألة».