بقاء الوزارات الأمنية العراقية شاغرة يؤخر خطط الانسحاب الأميركية

واشنطن تريد إبقاء 10 آلاف جندي لحماية دبلوماسييها

TT

أدى تأخر العراق طويلا في استكمال تشكيل حكومته إلى تعقيد سعي إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لبناء جيش صغير من الدبلوماسيين والمتعهدين في العراق بنهاية العام الحالي، وهو الموعد المفترض لرحيل آخر الجنود الأميركيين. وقد تسبب غياب وزراء أمنيين دائمين في إعاقة المفاوضات الخاصة ببعض القضايا الهامة، مثل خطط الاستمرار في تدريب الشرطة العراقية وخطط تأسيس مكتب يبيع معدات عسكرية إلى العراقيين.

وعلى الرغم من أن زعماء عراقيين وأميركيين تعهدوا بإنهاء الوجود العسكري الأميركي، فإن الموعد النهائي المحدد بنهاية العام لا يزال يثير الجدل. ويقول محللون عسكريون وسياسيون من كلتا الدولتين إن انسحابا كاملا قد يهدد الاستقرار الضعيف داخل العراق ويضيع تكاليف تكبدتها الولايات المتحدة متمثلة في قتلى بالآلاف ومليارات من الدولارات.

كما يظهر الانسحاب مخاوف بشأن ما إذا كانت وزارة الخارجية ستظل قادرة على القيام بمهام حرجة يقوم الجيش بها حاليا، مثل الرد على هجمات صاروخية ضد مراكز دبلوماسية وتلطيف حدة التوترات داخل مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط.

وعلى الرغم من وعود رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، العلنية والحث من جانب مسؤولين أميركيين، تلكأ المالكي في تعيين وزيرين للإشراف على الجيش والشرطة، وهما اثنان من ضمن المناصب الأخيرة المطلوب شغلها.

ويقول الميجور جنرال إدوارد كاردون، الذي يساعد في تنسيق عملية إغلاق القواعد الأميركية الباقية البالغ عددها 75 قاعدة وانسحاب آخر 50.000 جندي: «هذا بمثابة نكسة». وأضاف: «من خلال العمل مع العراقيين، أجد أنه في بعض الأحيان من الصعب عليهم اتخاذ قرار من دون التأكد من أن لديهم ما يسندهم. إنهم لا يعرفون من هو الوزير، ولذا يكون هناك تردد في الدخول في اتفاقات ربما تكون محل رفض أو قبول عندما يأتي الوزير الجديد».

وقد اكتسبت الصورة ضبابية أكبر بسبب عدم وضوح كمية الأموال التي سيوفرها كونغرس أميركي عازم على تقليل النفقات لتمويل العمليات داخل العراق، وما إذا كانت الحكومة العراقية سوف تطلب في اللحظات الأخيرة بقاء الجيش الأميركي.

وقال الرئيس أوباما والمالكي ومسؤولون أميركيون أكثر من مرة إن جميع الجنود الأميركيين سيرحلون عن العراق بنهاية العام، وهو رحيل نُص عليه في اتفاقية أمنية وقعتها الدولتان عام 2008. وحتى الآن لم تطلب الحكومة العراقية إجراء تغيير على الاتفاقية. ومن المحتمل أن يطرح تعديل الاتفاقية مخاطر سياسية أمام المالكي، الذي شكل ائتلافا حاكما بدعم من الصدريين، وهم تكتل شيعي يعارض وجود أي جنود أميركيين داخل العراق.

لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن بعض الزعماء العراقيين راغبون في مناقشة الاتفاق من أجل السماح لبعض الجنود بالبقاء. ويقول بعض المسؤولين العراقيين سرا إن دولتهم لا تزال في حاجة إلى استمرار الولايات المتحدة في تدريب القوات العراقية والمساعدة على تأمين حدودها ومجالها الجوي. وعلى الرغم من أنه لا يوجد لدى مسؤولين أميركيين تصور واضح بشأن طبيعة وجود الولايات المتحدة في الأول من يناير (كانون الثاني) 2010، فإنهم أصبحوا مقتنعين كثيرا بأن الجيش الأميركي سيحتاج إلى لعب نفس الدور.

وإلى جانب تجهيز الخطط لغياب أي وجود عسكري، ينظر مسؤولون أميركيون أيضا في احتمالية بقاء قوة إضافية تصل إلى قرابة 10.000 جندي، بحسب ما ذكره مسؤولان مطلعان على الخطط. وقد طلب السفير الأميركي لدى العراق، جيمس جيفري، والقائد العسكري الأعلى هنا، الجنرال ليود أوستن، نصائح بشأن وسائل مبتكرة يمكن من خلالها للولايات المتحدة إبقاء جنود داخل العراق، بحسب ما أفادت به المصادر. ومن بين القضايا الرئيسية المرتبطة باستمرار قوة أميركية داخل العراق تأتي قضية الحصانة القانونية، بحسب ما ذكر مسؤول.

ويقول دبلوماسيون أميركيون في بغداد إنهم يعملون من أجل صياغة وجود مدني يشمل قنصليات في الجنوب وداخل إقليم كردستان الذي يتمتع بشبه استقلال ذاتي، إلى جانب مكاتب للسفارة داخل كركوك ومدينة الموصل الشمالية. كما توسع وزارة الخارجية الأميركية من وجودها هنا إلى 17.000 شخص، معظمهم متعهدون مدنيون.

وعلى الرغم من المعوقات التي تطرحها عمليات التأخر من جانب الحكومة العراقية، يصر مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية على أنهم سيكونون مستعدين لتولي دور الجيش بحلول يناير، بما في ذلك كركوك والموصل. وقال الجنرال كاردون إن الخطط من أجل إنشاء مكاتب فرعية للسفارة أرجئت بسبب قضايا مرتبطة بالتمويل. وتطلب وزارة الخارجية 2.5 مليار دولار إضافية من أجل توسيع وجودها، ولكن قلص مشروع قانون بالموازنة أقره مجلس النواب من التمويل المخصص للوزارة. وقال الجنرال كاردون: «ليس لديهم الأموال التي يحتاجون من أجل كركوك والموصل. وإذا لم يكن لديهم الأموال، لن يكون هناك سبيل لبنائها، ولذا أقول إن هناك تأخرا».

ويشكك الكثيرون داخل واشنطن في قدرة وزارة الخارجية على القيام بدور الجيش في العراق، حيث لا يزال هناك الكثير من المخاطر. وقال النائب جاسون تشافتز، الجمهوري في ولاية يوتا ورئيس لجنة الأمن القومي الفرعية التابعة للجنة الإشراف بمجلس النواب: «إنها علامة استفهام خطيرة. نأمل أن يقتربوا من الأداء التام قدر الإمكان. ولكن من الواضح أنه ستكون هناك أشياء غير مستعدين للقيام بها».

* خدمة «نيويورك تايمز» =