أبو مازن ينتظر رد حماس على مبادرته.. والجامعة العربية تدخل على الخط

إسرائيل تتهمه بمحاولة إعطاء الشرعية مرة أخرى لحكومة غزة

شرطة حماس تفرق تظاهرة تطالب بالمصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام في غزة، امس (ا. ب)
TT

ينتظر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من حركة حماس ردا بشأن مبادرته تشكيل حكومة مستقلين محايدة، مهمتها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني، بعد 6 أشهر، ليقرر ما إذا كان سيزور غزة أم لا.

ورغم أن حماس رحبت بزيارته إلى القطاع وفق ما أعلن أول من أمس، فإنه لا يريد أن يذهب ويعود خالي الوفاض، كما أنه يرفض أن يقع في فخ «مفاوضات جديدة» مع حماس. ويحرص أبو مازن على أن تكون زيارته إلى غزة تاريخية وفاصلة في تاريخ الانقسام الذي وصفه بـ«العار» ويأمل أن يعود باتفاق على تشكيل حكومة تنهي الانقسام.

وقال صالح رأفت، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن حزب فدا، لـ«الشرق الأوسط» إن أبو مازن سيزور غزة عندما يتلقى ردا رسميا من حماس حول قبولها حكومة شخصيات مستقلة وانتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني في غضون 6 أشهر، أو أنه لن يذهب. وأكد أن حماس حتى أمس، «لم ترد وما زلنا في انتظار الرد الرسمي». والخلاف بين حماس والسلطة الآن أنها تريد من الرئيس زيارة غزة لفتح حوار من أجل إنهاء الانقسام، ولا تريد السلطة أي حوارات جديدة.

وكان رئيس الوزراء المقال، إسماعيل هنية، قد دعا أبو مازن يوم الثلاثاء الماضي إلى غزة من أجل حوار ينهي الانقسام. وقال رأفت «الحوار انتهى»، مشددا على أن أبو مازن لن يذهب من أجل أن يبدأ أي حوار بأي شكل أو يستكمل حوارات سابقة. وأردف «المطلوب الآن أن توافق حماس على حكومة وانتخابات، ولا أي شيء آخر».

وهناك تصور في رام الله مفاده أن حماس تريد استدراج الرئيس لبدء حوار جديد. وفسرت تصريحات طاهر النونو المتحدث باسم الحكومة المقالة عندما قال إن حماس مستعدة لاستقبال الرئيس ولقائه سواء في غزة أو أي مكان خارج الأراضي الفلسطينية، على أنها رسالة واضحة أنها تريد حوارات وليس اتفاقا. وتواصل حماس مشاوراتها في غزة ومع قيادة الحركة في دمشق، حول مبادرة أبو مازن.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن جامعة الدول العربية تلقفت مبادرة أبو مازن وبدأت في إجراء اتصالات مع حماس والسلطة من أجل ترتيب زيارة الرئيس إلى غزة. وحسب المصادر، فقد يحضر وفد من الجامعة زيارة أبو مازن ويشهد الاتفاق إذا ما تم. وأكد رأفت ذلك وقال إن الجامعة العربية «دخلت على الخط». وأضاف «الجامعة العربية بدأت فعلا اتصالاتها».

وردا على سؤال عما إذا كان الطرفان ما زالا بحاجة وسطاء بعد كل هذه المبادرات، قال رأفت «كما يبدو حتى الآن، أو لنقل إنهم سيكونون شهودا على من يريد الاتفاق ومن لا يريد».

وإذا ما ردت حماس رسميا، بالإيجاب، فيفترض أن ينطلق وفد رفيع إلى غزة من أجل ترتيبات الزيارة، رغم أن رأفت قال إن ذلك ليس ضروريا، وأن الرئيس قد يتوجه مباشرة من دون وفود تسبقه.

ودعت حركة فتح، حماس لتتلقف المبادرة، وهذا ما أوصى به رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي وصفها بالثمينة. ودعا فياض، حركة حماس إلى التقاط الفرصة الثمينة التي تتيحها مبادرة الرئيس عباس لإنهاء الانقسام، وضرورة الاستجابة الفورية لها. واعتبر في حفل في الأغوار أن «تشكيل حكومة وحدة وطنية سيمكن من البدء فورا في إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن».

وأكد فياض أن تشكيل حكومة وحدة وطنية «يعد إجراء عمليا ومحددا، لا داعي معه للتردد أو التحفظ»، مشيرا إلى أن «البناء على هذه الخطوة المهمة سيمكن أيضا من التعامل مع أي أفكار أو اقتراحات أو ملاحظات بصورة أكثر إيجابية الأمر الذي سيضعنا أمام مسار يؤدي حتما إلى المصالحة الوطنية الشاملة وإن كان خطوة خطوة».

من جهتها، قالت فتح إن مبادرة أبو مازن فرصة تاريخية لاستعادة الوحدة الوطنية. ودعت حماس للاستجابة لمبادرة الرئيس فورا واقتناص الفرصة، «وعدم اختلاق أعذار ومعطلات تعرقل مسار المبادرة»، وحذرت فتح من «أن الشعب الذي كسر حاجز الخوف من النظام البوليسي بغزة لن يسامح المعطل للمصالحة وسيكون حكمه تاريخيا». وأكدت فتح في بيان أن أبو مازن وضع «المصالح الوطنية العليا لشعبنا فوق كل الاعتبارات، وهذه هي كلمة السر لمبادرة الرئيس».

وقال المتحدث باسم الحركة أسامة القواسمي في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، «جميعنا ندرك أن الانقلاب والانقسام حالة شاذة تخدم الاحتلال الإسرائيلي ومراكز القوى المنتفعة. وأن الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والمجتمعي والاحتكام لإرادة الشعب، والتداول السلمي للسلطة هو الوضع الطبيعي المعبر عن صورة الشعب الفلسطيني الحضارية».

أما في إسرائيل، فقوبلت مبادرة أبو مازن بغضب كبير، وصبت مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جام غضبها على الرئيس الفلسطيني متهمة إياه بمحاولة إعطاء الشرعية الدولية لحماس مرة أخرى بعد أن أصر في عام 2006 على مشاركتها في الانتخابات رغم معارضة إسرائيل ومعها دول إقليمية كثيرة. ونقل راديو الجيش الإسرائيلي عن تلك المصادر اتهامها لأبو مازن بأنه «يرفض التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية لإحلال السلام ويريد إحلال السلام مع حماس العدو الكبير للسلطة ولإسرائيل معا».

وبحسب المصادر، فإن أبو مازن «أصبح غير مفهوم لدى واشنطن وتل أبيب»، وأن خطوته تجاه حماس «تثير امتعاضا في واشنطن أيضا». وقالت المصادر «عباس يحاول استغلال التغيرات في العالم العربي لتشكيل جبهة رفض ضد إسرائيل تقودها مصر مجددا».