واشنطن تغير رأيها وتؤيد التحركات الدولية ضد ليبيا باستثناء استخدام قوات برية

بيرنز: المجلس الوطني الليبي المعارض قد يفتح مكتبا تمثيليا لدى أميركا.. وكيري يحذر من التخاذل

سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة تتحدث للصحافيين في نيويورك عن التطورات الليبية (أ.ب)
TT

بعد تردد استمر ثلاثة أسابيع، غير الرئيس الأميركي باراك أوباما رأيه، وأرسل إلى سوزان رايس، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، تعليمات بتأييد فرض حظر طيران فوق ليبيا، بعد أن حققت قوات العقيد معمر القذافي انتصارات كبيرة على قوات المعارضة، واقتربت من بنغازي.

وبناء على تعليمات أوباما، وفي نيويورك، قالت رايس: «نحن نناقش بجدية بالغة، ونقود الجهود المبذولة في مجلس الأمن حول مجموعة من الإجراءات التي نعتقد أنها يمكن أن تكون فعالة في حماية المدنيين». وأضافت: «وجهة نظر الولايات المتحدة هو أن علينا أن نكون على استعداد للتفكير في الخطوات التي تشمل، ولكن ربما ما هو أبعد من، منطقة حظر الطيران».

وقال ويليام بيرنز وكيل وزيرة الخارجية الأميركية أمس إن الولايات المتحدة تؤيد الإجراءات الدولية في ليبيا التي لا تشمل «قوات برية». وأضاف أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ أن فرض حظر طيران فوق ليبيا يمكن أن يكون له تأثير «مهم وإيجابي وعملي»، لكن لا يزال من الضروري بحث إجراءات أخرى. وأضاف أن «من الصعب التنبؤ» بما ستفعله روسيا والصين بشأن قرار أمام مجلس الأمن الدولي بخصوص ليبيا. وتابع قوله: «تساورهم بعض المخاوف» بشأن المسألة.

وقال ويليام بيرنز إن الولايات المتحدة تخشى من أن الزعيم الليبي قد يعود إلى الإرهاب والتطرف العنيف إذا انتصر في المعركة ضد المعارضة المسلحة. وأضاف: «إذا نجح القذافي فإنكم ستواجهون أيضا عددا من المخاطر الكبيرة». وتابع أن ذلك يشمل «خطر عودته إلى الإرهاب والتطرف العنيف». ومضى يقول: «هناك خطر حقيقي من تصاعد العنف والاضطراب» في الشرق الأوسط. وقال بيرنز إن الولايات المتحدة تدعم إجراءات دولية في ليبيا «لا تصل إلى حد وجود قوات على الأرض».

وأشار بيرنز من جهة ثانية إلى أن المجلس الوطني الليبي الذي يمثل بعض جماعات المعارضة ضد معمر القذافي قد يقيم مكتبا تمثيليا في واشنطن. وقال بيرنز: «جعلنا بإمكان المجلس الوطني الليبي إقامة مكتب تمثيلي في واشنطن». وأشار إلى أن الولايات المتحدة جمدت العلاقات الدبلوماسية مع حكومة القذافي لكنها لم تقطعها رسميا. وشدد بيرنز على أن الولايات المتحدة ليس لديها صورة كاملة عن المجلس الوطني الليبي، لكنه قال إن «أولئك الذين قابلناهم تركوا لدينا انطباعا بأنهم إيجابيون وجادون».

ورحبت بريطانيا أمس بـ«التغيير الكبير» في الموقف الأميركي حيال ليبيا وأكدت أنه «لا بد من التحرك» في الأمم المتحدة لمنع العقيد معمر القذافي من سحق المتمردين في بلده. وقال سكرتير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية المكلف الشرق الأوسط أليستير بورت لـ«بي بي سي»: «حدث تغيير كبير في موقف البيت الأبيض. إنهم يدركون أنه يجب أن نفعل شيئا ما أكثر من العزلة (المفروضة على نظام القذافي) والتحذيرات التي أطلقتها الأسرة الدولية». وعبر عن ارتياحه لأن «الولايات المتحدة أدركت مدى خطورة الوضع». وقال إن الوضع في ليبيا «يؤكد ضرورة التحرك وأن نفعل ذلك اليوم (أمس)».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعت الأربعاء إلى تحرك «عاجل» لحماية الليبيين، آملة أن يصوت مجلس الأمن الدولي الخميس على فرض حظر جوي على ليبيا. وقالت كلينتون: «نعم الوقت يداهمنا ومن العاجل» التحرك. وأكدت أن أعضاء مجلس الأمن الدولي يدرسون خيارات عدة بهذا الشأن.

من جهته، قال السناتور الأميركي الديمقراطي البارز جون كيري إن عدم تحرك الولايات المتحدة بسرعة وقوة في ليبيا يضيع منها «فرصة غير عادية»، وإن سمعة واشنطن قد تتأثر نتيجة لذلك لعشرات السنوات المقبلة. وخوفا من أن يكون الوقت قد نفد أمام المناهضين للزعيم الليبي معمر القذافي، حث السناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي الولايات المتحدة على فرض حظر جوي على ليبيا والتفكير في خطوات أخرى لتفادي حدوث أزمة إنسانية. وسئل كيري عما إذا كان سيذهب إلى أبعد من ذلك ويضغط من أجل تسليح المعارضين لحكم القذافي، فقال: «أعتقد أن كل الخيارات يجب أن تبحث. يجب أن تكون على الطاولة». لكنه لم يصل إلى حد تأييد مثل هذه الخطوة.

وأدلى السناتور الأميركي بهذه التصريحات في الوقت الذي قصفت فيه قوات القذافي مصراتة، آخر معقل كبير للمعارضة المسلحة في غرب ليبيا، بالمدفعية والدبابات، وتقاتل من أجل السيطرة على اجدابيا، وهي مدينة استراتيجية بمثابة البوابة لبنغازي مقر الحركة المعارضة للقذافي. وانتقد كيري، وهو حليف للرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما في العديد من القضايا، الإدارة الأميركية ضمنيا لإخفاقها في اتخاذ خطوات أجرأ حين كان المعارضون للقذافي يتمتعون بقوة دفع قوية. وقال كيري: «لا أحب إضاعتنا ذلك الوقت. هذا قلل الفرص وقلص الخيارات وغير قواعد اللعب إلى حد ما». واستطرد: «حسابات كثير من الليبيين قبل أسبوع ونصف، قبل عشرة أيام، كان يمكن أن تكون مختلفة بدرجة كبيرة عن حساباتهم (أول من) أمس. وتلك الحسابات مهمة جدا في مثل هذه الأحداث». وصرح كيري بأنه سيكون هناك «مردود قومي كبير» إذا تمكنت الولايات المتحدة من استخدام مطلب التغيير في الشرق الأوسط «لتؤكد قيمة الديمقراطية وتوجه ضربة قوية إلى قوى التشدد».