بارزاني: لن أترشح لولاية ثالثة.. وإذا ضاعت المكتسبات فلن تعود

طالباني يتعهد لمتظاهري ساحة السراي في السليمانية بإصلاحات فورية

بارزاني خلال لقائه مع أعضاء مجلس إدارة محافظة السليمانية («الشرق الأوسط»)
TT

في حين تعهد رئيس الجمهورية العراقي وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني في رسالة لمتظاهري السليمانية بإصلاحات فورية، حذر رئيس إقليم كردستان في لقاء مع أعضاء مجلس إدارة المدينة من أن المكتسبات التي حصل عليها الأكراد «إذا ضاعت فلن تعود».

وفي أول تدخل مباشر في الأحداث التي تشهدها مدينة السليمانية منذ أكثر من شهر على خلفية الاحتجاجات الشعبية الداعية إلى الإصلاح السياسي في الإقليم، وجه جلال طالباني رسالة خاصة إلى المجلس المؤقت لمظاهرات ساحة السراي أكد خلالها دعمه للمظاهرات السلمية، ومعارضته لاستخدام أي شكل من أشكال العنف ضد المتظاهرين، متعهدا بجملة من الإجراءات لتلبية المطالب الشعبية التي رفعها المتظاهرون. وأضاف: «نحن مصممون على البدء فورا بالإصلاحات والقضاء النهائي على ظاهرة الفساد واللاعدالة».

إلى ذلك، أكد رئيس الإقليم مسعود بارزاني خلال لقائه بأعضاء مجلس إدارة محافظة السليمانية أنه كرئيس للإقليم سعى منذ انتخابه إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة موسعة، ولكن ذلك لم يحصل بسبب مواقف بعض أطراف المعارضة، مع ذلك فإنه سيسعى إلى إزالة آثار انقسام الإدارتين الحكوميتين بكردستان. وأضاف: «هناك تحديات كثيرة أمامنا، فلا يوجد لنا كيان مستقل، فإن فقدنا هذه المكتسبات فلن نستطيع استرجاعها مرة أخرى». وأكد بارزاني أنه لن يسعى لولاية ثالثة رئيسا للإقليم، وقال: «أنا الذي دعوت إلى أن لا تكون رئاسة الإقليم أكثر من دورتين، واليوم أصر على إنجاز انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات المبكرة وتأسيس مفوضية للانتخابات بالتوافق بين جميع الأطراف».

وتناول لقاء بارزاني مع رئيس مجلس إدارة محافظة السليمانية ورؤساء الكتل في المجلس في ذكرى قصف حلبجة، الأحداث الأخيرة في المحافظة، وأكد رئيس المجلس خلال الاجتماع أن «أعضاء الكتل داخل المجلس يعملون كفريق واحد بعيدا عن التحزب وبشكل متوازن، وتصرف الميزانية بشكل شفاف وبعلم جميع أعضاء المجلس»، وأوضح أن المجلس يعتبر بمثابة جسر يربط المواطنين في السليمانية، مطالبا بإصدار قانون لتنظيم العلاقات بين البرلمان والحكومة ومجالس المحافظات، مشيرا إلى أن «الإقليم بحاجة إلى عقد سياسي واجتماعي جديد».

وفي إطار تعهدات حكومة الإقليم بإجراء إصلاحات شاملة في إدارة السلطة وللقضاء على المحسوبية والمنسوبية ووضع حد للتدخلات الحزبية في مسألة التعيينات بوظائف الحكومة، أصدر مجلس وزراء الإقليم قرارا خول بموجبه الوزارات والمحافظين والوحدات الإدارية غير المرتبطة بالوزارة صلاحية تعيين الموظفين وفقا للملاكات الموفرة لها ضمن 25 ألف وظيفة استحدثتها الحكومة ضمن ميزانية العام الحالي 2011. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أوضح مصدر في المكتب الخاص لرئيس الوزراء برهم صالح أن «الحكومة ماضية في تنفيذ تعهداتها بإصلاح الوضع الإداري والسياسي في الإقليم، وهذا القرار الخاص بالتعيينات يهدف إلى القضاء على الواسطات والتدخلات الحزبية في شأن التعيينات بوظائف الحكومة، حيث ستتوفر فرص التعيين أمام جميع الشباب والمستحقين وفق أسلوب التنافس من حيث الشهادات والخبرات والكفاءات». وأشار المصدر إلى أن «أهم ما جاء في القرار هو الإعلان المسبق عن الوظائف المتوفرة عبر وسائل الإعلام، ويحدد فيه نوعية الوظائف والشهادات المطلوبة، مما يتيح فرصة أكبر للتنافس بين المتقدمين لشغل وظائف الحكومة، وسيكون التعيين حسب النسب السكانية وعدد الدوائر الموجودة في كل وحدة إدارية».

وعلى صعيد القضاء، أصدر وزير العدل بحكومة الإقليم قرارا يدعو فيه الادعاء العام إلى متابعة وتحريك الدعاوى القضائية ضد المتهمين بقضايا الفساد من دون أي اعتبار للدرجة الوظيفية أو المسؤولية للشخص المتهم بها. وجاء في القرار الذي وجهه القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن إلى رئاسة الادعاء العام أن كلمة «الفساد» تعتبر من الناحية القانونية «تهمة» وأنه «إذا ثبت على أي شخص كان، فإنه يتعرض للمحاكمة وفقا للأسس القانونية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، وبناءا عليه يجب أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد المتهمين بالفساد، وأي تهمة توجه إلى شخص محدد أو جهة معينة يجب على الإدعاء العام أن يتابعها من الناحية القانونية، وفي حال ثبوت التهمة على أي كان يجب إحالته إلى القضاء، أما في حال العكس؛ أي عدم ثبوت التهمة، فإن للادعاء العام الحق في إقامة دعوى جزائية ضد الشخص المدعي وطلب التعويض المادي والمعنوي منه باعتبار التهمة تشهيرا بذلك الشخص».

وفي السياق ذاته، مثل أمام القضاء أمس اثنان من المتهمين بإحراق مبنى فضائية «ناليا» بمدينة السليمانية أثناء الاضطرابات الأخيرة، وبعد الإدلاء بإفاداتهم ودفعهم التهم المنسوبة إليهم، أخلي سبيلهم بكفالة 50 مليون دينار. وكان رئيس الحكومة قد أمر بمثول المتهمين في قضية إحراق الفضائية الكردية أمام المحكمة، وحضر الاثنان فعلا أمام قاضي التحقيق، وهما مسؤول في جهاز استخبارات الإقليم التابع لوزارة البيشمركة الذي قدم أوراقا تثبت عدم وجوده يوم الحادث في السليمانية، وقدم وصل إقامته بفندق في أربيل، وشهد بذلك حارسان شخصيان له، في حين قدم المسؤول الآخر، وهو رئيس قسم المعلومات بجهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم، دلائل وشهودا يثبتون أنه كان في مقره الرسمي أثناء وقوع الحادث، وأنه لم يخرج من مكتبه في تلك الليلة.