عبد الله الأشعل: الشعب يعرف من كان أداة هدم في النظام السابق ومدعي البطولات

قال لـ «الشرق الأوسط»: رفض التعديلات الدستورية سوف يقودنا إلى نفق مظلم

TT

أكد السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والمعاهدات الأسبق، وكيل مؤسسي حزب مصر الحرة (تحت التأسيس)، المرشح لانتخابات الرئاسة المصرية، أن «الشعب هو الذي سوف يختار مرشحه للرئاسة بعدما أصبح أكثر فهما لمن كان أداة هدم في النظام السابق ومن يدعي البطولات». وقال في حواره مع «الشرق الأوسط» إن «العبرة ليست بعدد مرشحي الرئاسة، بل بمن يصلح لها»، مطالبا الحكومة بوضع الترتيبات اللازمة لمشاركة المصريين بالخارج في التصويت بالانتخابات الرئاسية.

وأضاف الأشعل: «نصحت رئيس الوزراء بأن يحافظ على مسافة واحدة مع جميع مرشحي الرئاسة»، مؤكدا على أنه «الأقرب إلى جماعة (الإخوان) من أي مرشح آخر»، مشيرا إلى أنه «شارك مع الشباب في إعداد بنية ثورة (25 يناير) الفكرية والإدراكية».

وأوضح أن «الرئيس السابق مبارك ارتكب جريمة الخيانة العظمى ضد شعبه»، وأن «عمرو موسى كان السبب في أزمة مياه حوض النيل»، لافتا إلى أنه «يؤيد التعديلات الدستورية، لأن رفضها سيقود البلاد إلى نفق مظلم».. وإلى نص الحوار..

* ما تقييمك لفرص نجاحك في انتخابات الرئاسة القادمة؟

- الشعب هو من سيختار مرشحه للرئاسة، وفرصتي في المنافسة علي الرئاسة كبيرة لأنني كنت معارضا منذ عام 2003، عندما قدمت استقالتي من وزارة الخارجية لوجود فساد بها، كما أن الشعب أصبح أكثر فهما وتمييزا بين من عارض النظام السابق في أشد قوته، ومن كان أداة من أدوات الهدم في نظام مبارك، ومن انتظر حتى يسقط النظام ويدعي بطولات زائفة.

وقد اتخذت قرار ترشحي في فبراير (شباط) من العام الماضي، أي قبل رحيل مبارك بعام. وكان هدف إعلاني الترشح هو ألا يكون مبارك وابنه هما المرشحان الوحيدان، في ظل المادة 76 من الدستور، وأن يكون هناك مرشح آخر ولو افتراضي للضغط على النظام لإعادة النظر في هذه المادة. وقد انضممت لأحد الأحزاب الصغيرة لأجد فرصة، ولكني وجدت أن الباب مغلق أيضا في هذه الأحزاب، فثبت لدي أن هذه المادة لا تسمح بالترشح، لا للمستقل ولا للحزبي، وأنها فصلت لجمال مبارك.

* من وجهة نظرك من هو المنافس الأقوى، وهل تتوقع ظهور أسماء جديدة؟

- هناك الأقوى من حيث التكوين والأقوى إعلاميا. أما عن ظهور أسماء جديدة فالباب مفتوح أمام الجميع، لأن شروط الترشح ميسرة، ولكن العبرة ليست بعدد المرشحين، بل بمن يصلح لمثل هذا المنصب.

* وكيف ستقدم نفسك للمجتمع المصري؟

- أعتقد أن لدي رؤية دقيقة فيما يتعلق بالأوضاع في مصر وعلاقاتها الخارجية، وأقدم نفسي من خلال برنامج «إحياء مصر». وأولوياتي فيه أن مصر تحتاج إلى إحياء لكل القطاعات التي يطلق عليها قطاعات قاطرة، فضلا عن إنشاء نظام سياسي ديمقراطي جديد يحتضن جميع التيارات بعيدا عن توجهاتها السياسية والدينية. وكذا الاهتمام بالمصريين في الخارج وإنشاء وزارة جديدة لهم، لا تكون وزارة رمزية وإنما حقيقية تتيح لهم أن يساهموا في بناء مصر بالأفكار والمشاركة الفعلية. ولذلك طالبت الحكومة بأن تلزم نفسها بوضع الترتيبات اللازمة لمشاركة المصريين في الخارج بالتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد إغفال إشراكهم في التصويت على التعديلات الدستورية.

* وجهت لوما إلى رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، عندما وصف علاقته بالدكتور محمد البرادعي بـ«باقة الورد»؟

- لمت الدكتور شرف على هذه العبارة، وطالبته بأن يبتعد عن إظهار رأيه في مرشحي الرئاسة، ونصحته بأن يحافظ على مسافة واحدة مع جميع المرشحين حتى لا يفسر موقفه بأنه تحيز لطرف ضد الآخر.

* ما هو موقفك من جماعة الإخوان المسلمين؟

- أنا الوحيد الذي دافع عن «الإخوان» ضد النظام، والأقرب لهم من أي مرشح آخر بحكم كوني مفكرا إسلاميا وعضوا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. ولو قارنا بيني وبين أي مرشح آخر، لا أعتقد أنه سوف يكون له امتداد في المجتمع مثلي، فأنا مع الناصريين واليسار و«الإخوان». وأرى أن «الإخوان» لهم الحق في أن يمارسوا حياتهم السياسية في إطار قانوني وأن يتمتعوا بكامل الحرية التي يحظى بها جميع المصريين.

* إذن، نفهم أنك ستلقى دعمهم؟

- مسألة دعمي قرار يخص الجماعة، ولا أستطيع أن أدفع أحدا إلى قرار معين، لكن إذا دعموني فمرحبا بدعمهم.

* قلت من قبل، لا أخشى تزوير الانتخابات وما أخشاه هو التزوير المعنوي، ما تعليقك؟

- هناك بعض من مرشحي الرئاسة يقدمون وجهة نظر عن أنفسهم مجافية تماما للحقيقة، على الرغم من كونهم كانوا ضالعين في النظام السابق، ولعبوا دورا قويا في إفساد القطاع الذي تولوه، وعلى الرغم من ذلك رشحوا أنفسهم. ولذلك خفت من تأثيرهم على الشعب، فمن غير المعقول أن يساهموا في محاربة الشعب من قبل والآن يضللونه.

* وجوه كثيرة دخلت في مفاوضات مع النظام خلال الثورة، ولكنك لم تظهر من بينها؟

- لعبت دورا أساسيا في الثورة المصرية، وشاركت مع الشباب في إعداد البنية الفكرية والإدراكية للثورة. وكنت جزءا منها منذ لحظتها الأولى، سواء بالوجود المستمر في ميدان التحرير أو بالحديث لوسائل الإعلام الغربية لتوضيح أهداف الثوار. وشاركت في أول مظاهرة خرجت من ميدان مصطفى محمود بحي المهندسين، وحضرت موقعة «الجمل» وتحدثت مع البلطجية لأثنيهم عن الاعتداء على المتظاهرين.

* من وجهة نظرك، ما هي الأخطاء التي وقع فيها الرئيس السابق؟

- مبارك ارتكب جريمة الخيانة العظمى، وتقدمت مع عدد من السياسيين ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود للقبض عليه ومحاكمته بهذه التهمة.. وأرفقنا بالبلاغ أدلة تثبت أنه تواطأ مع إسرائيل لقتل المصريين بالقمح المسرطن، وحصار عزة والجدار الفولاذي. وخلق أزمة مياه دول حوض النيل، والتي كان عمرو موسي السبب فيها، وأتذكره عندما قال لي وزملائي في بداية عملنا بوزارة الخارجية عام 1994 «روحوا اتفسحوا في أفريقيا».

* وهل كنت تتوقع حجم الفساد الذي تحقق فيه الجهات المختصة حاليا؟

- أبدا، كنت أدرك أن هناك فسادا، لكن ليس بهذا الحجم. وكنت أرى أن هناك دمارا، لكن ليس بهذا التنظيم. وهناك خطة لنشر الفتنة الطائفية حتى لا تفيق مصر بعد نظام مبارك، فمبارك تآمر مع وزرائه على تدمير مصر، خاصة وزارات الداخلية والخارجية والموارد المائية والزراعة.

* اتهمت وزراء الخارجية في عهد مبارك بأنهم سبب قوة إسرائيل، ما تعليقك؟

- وزراء خارجية مصر طوال الـ30 عاما الماضية أضاعوها وشاركوا في دمارها، ومصر في عهدهم شهدت وفاة سياساتها الخارجية.

* أعلنت عن تأسيس حزب جديد باسم «مصر الحرة»، ما هو برنامجه؟

- برنامج الحزب هو نفس برنامجي الرئاسي، وأقدمه هدية للمجتمع لبناء نظام سياسي جديد من خلال حزب بالمعنى الفني، هدفه الأساسي الوصول للسلطة ورفض دعم لجنة شؤون الأحزاب.

* لماذا نصحت بإلغاء جميع الأحزاب السياسية في مصر؟

- طالبت بإلغاء جميع الأحزاب القائمة التي نشأت في عهد مبارك، لأنها كانت جزءا من النظام السياسي وكانت لها أدوار معينة، بعضها لإضفاء الشرعية والآخر لإفساد الحياة السياسية. وكان رؤساؤها يعتبرون أنفسهم معارضين للنظام، بينما هي أحزاب ورقية.

* هل ستوافق على التعديلات الدستورية؟

- أؤيد التعديلات الدستورية، رغم ما فيها من مجافاة للمنهج الصحيح ومن ثغرات قانونية.. ولكن فيها ما يكفى للمرور سريعا من المرحلة الانتقالية. وأدعو المجتمع إلى تأييدها لاعتبارات سياسية وقانونية، أهمها المواءمة السياسية. وعلى الرغم من الملاحظات الكثيرة التي أبداها الخبراء على لجنة التعديلات الدستورية، فإنني أقدر جهد هذه اللجنة. وأرى أنه إذا كانت هناك بعض الملاحظات الجوهرية فيمكن أن تضاف إلى البيان الذي سوف يصدر من المجلس العسكري عقب الموافقة على التعديلات، أما إذا تم رفض التعديلات فسوف يأخذنا هذا الرفض إلى نفق مظلم.

* وماذا عن الدعوات التي تدعو إلى رفض التعديلات؟

- مشكلتنا في مصر، الانطباعات والانسياق وراء دعوات غير مدروسة. فليس هناك مانع من معارضة التعديلات الدستورية، لكن الأهم هو فهم سبب المعارضة، لأن هناك فرقا بين المنهج والأخطاء القانونية، فالمنهج المثالي الآن هو وجود مجلس رئاسي يتسلم السلطة من الجيش، لتنتهي المرحلة الانتقالية ويتم بعدها تشكيل برلمان شعبي يضم أطياف المجتمع.

* هل تفضل إجراء الانتخابات الرئاسية أولا أم البرلمانية؟

- لو تم إجراء انتخابات برلمانية الآن فسوف يفوز بها بقايا الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا) وسوف نحصل على نظام مشوه، والأفضل أن يتم إجراء انتخابات رئاسية أولا.

* ذكرت أن استهداف الكنائس فصل من فصول ضرب العمود الفقري لمصر؟

- المسلمون والمسيحيون انصهروا في ثورة «25 يناير»، والآن هناك مؤامرة لضرب هذا الانصهار من قبل النظام السابق والموساد الإسرائيلي.

* كيف تقيم رياح التغيير في العالم العربي وتأثير الثورة المصرية على باقي الأقطار؟

- رياح التغيير بدأت وسوف تستمر وهناك محاولات لوقف هذه الرياح، فالغرب لم يسيطر على البدايات ويسيطر الآن على النهايات، فالثورة المصرية ظروفها مختلفة تماما عن باقي ثورات تونس وليبيا. وأرى الآن أن الحكام العرب أظهروا حبهم لبلادهم وفتحوا حوارات مجتمعية، وأصبح هناك شعوب تشارك في الثورات. وأرى لتجنب تكرار الثورات في البلاد العربية، أنه لا بد من زيادة الانفتاح السياسي في هذه المجتمعات.

* من وجهة نظرك، كيف ترى الوضع في ليبيا الآن؟

- المشكلة في ليبيا الآن، أن هناك نظاما لا يزال قائما ويستخدم القوة المسلحة ضد شعبه ويعتبرهم متمردين ومرتزقة، وهناك مجتمع دولي يسعى لإيجاد سند قانوني للتدخل وإسقاط نظام الرئيس الليبي معمر القذافي، ودول عربية ترفض التدخل في القضية الليبية، وجامعة عربية منحت الولايات المتحدة الأميركية فرصة فرض الحظر الجوي على ليبيا. وأرى أن من يدفع الثمن هو الشعب الليبي وحده، وأن جميع المؤشرات تدل على تحول ليبيا إلى عراق جديد.