سورية تصالح بكركي بعد قطيعة سياسية.. وتدعو الراعي لزيارتها

فرنجية: نتمنى أن يكون البطريرك منصفا ويستمع إلى الجميع

TT

ينصرف البطريرك الماروني بشارة الراعي بدءا من غد إلى الصلاة والرياضة الروحية حتى موعد تنصيبه بطريركا لإنطاكية وسائر المشرق، يوم الجمعة المقبل، بعد أن استقبل في الأيام التي تلت انتخابه وفود المهنئين. وإذا كان التفاف القوى المارونية تحديدا والمسيحية عموما حول البطريرك الراعي والتهافت إلى بكركي لتهنئته بمثابة أمر طبيعي ومن أقل واجبات الرعية تجاه راعيها، لا سيما في ظل العلاقة الودية التي تربط الراعي بمختلف الأطراف المسيحية، فإن زيارة السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي إلى مقر البطريركية المارونية في بكركي للتهنئة، قبل أن تقصدها بعض القوى اللبنانية، تكتسب أهمية تتعدى إطار حدود اللياقات الدبلوماسية المتعارف عليها.

وجاءت هذه الزيارة في توقيتها ومضمونها لتنهي مرحلة من القطيعة السياسية الطويلة بين دمشق وبكركي التي قادت مسيرة الدفاع عن لبنان واستقلاله وتحرره من «الوصاية» السورية، خصوصا بعد نداء المطارنة الموارنة الشهير في سبتمبر (أيلول)، ومن ثم رعاية البطريرك نصر الله صفير لتأسيس «قرنة شهوان»، التجمع السياسي المسيحي المناهض للوجود السوري في لبنان.

وبينما تريثت أوساط «14 آذار» في التعليق على الخطوة السورية وتجاوب البطريرك الراعي مع دعوته لزيارة دمشق، أثنى رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن لـ«الشرق الأوسط» على المبادرة السورية الإيجابية التي قام بها السفير علي والتي تعبر بطبيعة الحال عن توجه الدولة السورية الجديد نحو بكركي. وتلقى البطريرك دعوة لزيارة دمشق، وعد أن يلبيها لتفقد الرعية المارونية فيها، وزيارة شفيع الطائفة القديس مارون الذي يتحدر من بلدة براد السورية.

ومعلوم أن البطريرك صفير لم يزر سورية. وكان الراعي سبق أن أشار مرات عدة لدى استيضاحه حول سبب عدم زيارة صفير سورية إلى أن «البطريرك صفير يفصل الموضوع الديني عن السياسي، ولكن مسألة زيارة سورية لم تطرح جديا ولم توجه لمرة دعوة رسمية أو برنامج زيارة»، نافيا أن «تكون العلاقة متشنجة بين بكركي ودمشق، اعتبارا من أنه لو كانت كذلك لما كان الموارنة المسيحيون والمطارنة على أحسن حال مع القيادات السورية».

وانطلاقا من أن «البطريرك الراعي يتمتع بذكاء حاد، ويعرف كيف يلتقط الإشارات ويتفاعل معها بما يلزم على أرض الواقع»، يؤكد مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، لـ«الشرق الأوسط» أن الراعي «حاضر ليزور سورية وكل الدول العربية، إنما على المستوى الرعائي لتفقد أبناء الطائفة فيها». وكان رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي ربطته علاقة متوترة بالبطريرك، زار أمس بكركي مهنئا، متمنيا على البطريرك الجديد أن «يكون منصفا ومنفتحا ويستمع إلى الجميع».

ورأى أنه «إذا كانت العلاقة بين دمشق وبكركي مفيدة، فيجب فتح هذه العلاقة، وإذا لم تكن مفيدة فيجب عدم فتحها»، آملا «ألا نختلف في السياسة مع بكركي، فنحن نأمل أن نلتقي في السياسة والدين». وقال «هناك صفحة جديدة، ونحن فتحنا هذه الصفحة مع البطريرك صفير، الذي هو أبونا منذ وقت، ونتمنى على الراعي أن يكون منصفا، فهناك صداقة مع البطريرك الجديد، والصداقة أساس، وفي المستقبل ستكون العلاقة أفضل».

وأعرب عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون، النائب سيمون أبي رميا، عن اعتقاده بأن البطريرك المنتخب «سيزور كل رعاياه في أي بلد كانوا، وسيزور سورية، ويمكن أن يكون لديه لقاءات رسمية مع المسؤولين السوريين»، مشيرا إلى أنه أبلغه «في الزيارة الأولى التي قام بها (التيار الوطني الحر) إلى بلدة براد، مسقط رأس مار مارون، بأنه يتفهم ويبارك هذه الخطوة».

وعلق النائب عن حزب «الكتائب اللبنانية» الذي يرأسه الرئيس أمين الجميل، إيلي ماروني، على زيارة السفير السوري إلى بكركي، بالقول «نحن نشجع على هذا، ونتمنى أن تبدأ سورية الاعتراف ببكركي كمرجعية روحية». وأوضح قائلا «إننا لا نريد أن ننقل مرجعية بكركي إلى مكان آخر»، متمنيا أن «نصل إلى مرحلة تعود فيها العلاقات بين دولتين وشعبين في إطار الحرية والاستقلال والكرامة».