حزب الله يقلل من أهمية انتقادات وجهها نواب عونيون لوثيقة التفاهم

مصادر حزب الله لـ «الشرق الأوسط»: العلاقة مع عون أصبحت اليوم متجذرة

TT

وصلت كأس «وثائق ويكيليكس» المرة إلى تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر مع تسريب برقيات صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت خلال شهر يوليو (تموز) 2006, نشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية, تخللها أحاديث لأمين سر تكتل التغيير والإصلاح، النائب إبراهيم كنعان، والنائب في التكتل فريد الخازن مع دبلوماسيين سياسيين عاملين في السفارة يصف خلالها النائبان الشراكة مع حزب الله بـ«الغلطة»، داعين لقطعها تماما، وعملية أسر الجنديين الإسرائيليين في عام 2006 التي كانت سببا مبــــــاشرا للحـــرب بـ«التهـــــور».

حالة الإرباك التي سيطرت داخل التيار العوني مع نشر هذه الوثائق والاستياء العارم الذي سيطر على القيادات والكوادر في التيار البرتقالي قابلها في صفوف حزب الله تفهم ومحاولة لامتصاص الأزمة المستجدة، فقالت مصادر نيابية في الحزب لـ«الشرق الأوسط»: «ورقة التفاهم أعطت مفعولها ما بعد حرب 2006 والمتانة في العلاقة تمت ترجمتها فـــي مرحلة مـــــــا بعد حرب يــــوليو. نحن نعلم تماما أنه وقبل هذه المرحلة كان هناك نوع من الشك والتخوف لدى قيادات في الفريقين من ورقة التفاهم لكن معاملة حزب الله وممارسته وطريقة تنفيذ التزاماته على مر هذه السنين كانت عاملا أساسيا لتدرج العلاقة بين الحزب والتيار التي يمكن اليوم وصفها بـ(المتجذرة)».

واعتبرت المصادر أن «ما تكشفه وثائق (ويكيليكس) كان قبل أن يفهم نواب العماد عون ويختبروا التعامل مع الحزب». وأضافت: «نحن تخطينا تلك المرحلة وسنحافظ على هذا التفاهم المتجذر فيما بيننا».

بدوره، استغرب عضو تكتل التغيير والإصلاح، نبيل نقولا، ما صدر عن زملائه النواب جازما أنه «وفي مرحلة صياغة التفاهم مع الحزب لم يكن هناك أي معارضة علنية للموضوع بل بالعكس كان هناك الكثير من التشجيع». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ضد تعامل أي رجل سياسي مع أي سفارة ومهما علا شأنها وحتى ولو كانت السفارة سفارة الولايات المتحدة الأميركية لأنه يصبح كل سياسي وكأنه يفتح دكانا مع الأميركيين».

وأوضح نقولا أنه «لا يمكن الجزم بما صدر في الوثائق بانتظار الاستفسار من النواب أنفسهم الذين تم تسريب أحاديثهم». وأضاف: «أنا شخصيا كنت ولا أزال وسأبقى مقتنعا بالتفاهم مع حزب الله وحتى ولو تخلى كل العونيين عن التفاهم أنا سأبقى أؤيده».

وكان قد نقل عن النائب إبراهيم كنعان أنه يعتبر الشراكة بين حزب الله والتيار الوطني الحر «غلطة»، وأن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين يوم 12 يوليو 2006 «تهور» قائلا «إنها تهدد بتدمير الديمقراطية في لبنان وإعادته إلى الأحضان السورية». وفي رأي كنعان، فإن «تغييرا جذريا يمكنه إنقاذ الوضع» فالعماد عون وبحسب النائب كنعان يدرك «حساسية اللحظة» ومن المحتمل أن يصبح أكثر قابلية لشراكة مع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة. ويؤكد كنعان وبحسب الوثائق أنه «قادر على إقناع العماد عون بحسنات اتفاق مماثل مع السنيورة»، مضيفا أن «شكلا ما من حكومة اتحاد بين قوى 14 آذار والتيار الوطني الحر ستمنع حزب الله من السيطرة السافرة على السلطة».

ولم يتأخر رد النائب كنعان الذي أوضح أن ما نشر تمت صياغته تحت «عنوان تحليلي» وقال: «نحن نرفض تصنيفنا من قبل أي كان، ونؤكد أن ليس لدينا أي حساب نؤديه، إلا لقيادتنا وقاعدتنا الشعبية، لأننا نحدد خياراتنا وفق قناعاتنا وثوابتنا، لا بحكم المصالح والاعتبارات الشخصية».

ولفت كنعان إلى أن «الوثيقة الموقعة من دبلوماسي أميركي، المؤرخة في أوائل أيام حرب عام 2006 عندما كانت التساؤلات كثيرة من قبل الجميع، وبمن فيهم قيادة حزب الله، جاءت في أسلوب تحليلي يعبر عن نية وفهم كاتبها، وليست سردا للوقائع، بل تعبر عن نظرة كاتب الوثيقة، وهي ليست أسلوب النائب كنعان ولا منطقه».

ونقل عن النائب فريد الخازن قوله إنه «نصح بقطع تام للعلاقات بين التيار الوطني الحر وحزب الله وتشديده على وجوب تقليص القدرات العسكرية لحزب الله كي يقول لمموليه إنه قام بكل ما يمكنه فعله».

وفي التفاصيل أن الخازن عبر في أحد لقاءاته في الثالث عشر من يوليو عن غضبه من «أكاذيب» الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في جلسات الحوار الوطني حين وعد بالحفاظ على هدوء الخط الأزرق. وفي رأي الخازن، فإن «اتفاق رئيس تكتله العماد ميشال عون وحزب الله تحول إلى شيء يصعب الدفاع عنه».

وعلق النائب عن «الوطني الحر» سيمون أبي رميا على أحاديث زملائه قائلا: «علاقة التيار الوطني الحر بحزب الله، كانت تصاعدية، ولم تكن هناك معرفة، وعندما اجتمعوا، تغيرت نظرة كل منهما تجاه الآخر وتعرفوا على بعضهم البعض، ولا يمكن أن تتبلور الأمور بين ليلة وضحاها». وأضاف أن «هناك أشخاصا ينتمون إلى التيار الوطني استغرق الأمر معهم وقتا طويلا كي يهضموا التفاهم بين التيار الوطني وحزب الله، ولكن الذي أستطيع أن أؤكده هو أن هذه المرحلة انتهت، ونظرة بعض القياديين في التيار الوطني تجاه حزب الله تغيرت».