القذافي يحذر من عرقلة المرور في المتوسط إذا تعرض لهجوم.. ويواصل قصف المدن الليبية

الثوار أكدوا إسقاط أربع طائرات قرب بنغازي.. وحاصروا كتائب أمنية بأجدابيا ومصراتة

TT

حذر نظام العقيد الليبي معمر القذافي أمس المجتمع الدولي من الاقتراب من بلاده، في وقت كان فيه مجلس الأمن ينظر قرارا بشأن فرض حظر طيران لمنع المقاتلات الحربية الليبية من استهداف المدنيين.

وقالت وزارة الدفاع الليبية في بيان بثه التلفزيون الرسمي إن أي هجوم أجنبي على ليبيا سيعرض حركة المرور البحرية والجوية في حوض البحر المتوسط للخطر كما سيجعل المنطقة في خطر شديد. وقال البيان: «أي عمل عسكري خارجي ضد ليبيا سيعرض جميع الملاحة الجوية والبحرية في البحر المتوسط للخطر وستصبح كل السابلة المدنية والعسكرية أهدافا للهجوم المضاد الليبي». وأضاف: «وأن حوض البحر المتوسط سيصبح في خطر شديد ليس على المدى القصير فقط بل على المدى البعيد أيضا».

وواصلت قوات القذافي قصف المدن الليبية بالطائرات والدبابات، لكن لم يظهر أنه يحقق نصرا وشيكا رغم وعد نجله سيف الإسلام بالسيطرة على معقل المتمردين في بنغازي. ورد الثوار بإسقاط ما لا يقل عن أربع طائرات حربية للقذافي قرب بنغازي، وحاصروا كتائب أمنية بإجدابيا ومصراتة وتمكنوا من أسر عدد من الجنود والمرتزقة.

وقالت مصادر ليبية مطلعة إن القوات الليبية تكافح من أجل إحراز تقدم على الأرض في مدينة مصراتة الواقعة على بعد نحو 220 كيلومترا إلى الشرق من طرابلس. وقال مسؤول حكومي ليبي إن القوات ربما ستتمكن من السيطرة على المدينة اليوم (الجمعة). وحسب التلفزيون الرسمي فإن قوات القذافي استعادت السيطرة على مصراتة وتعكف حاليا على تطهيرها من «العصابات الإجرامية المسلحة».

وصرح موسى إبراهيم المتحدث باسم الحكومة بأن مصراتة تقريبا تحت السيطرة الكاملة. لكن الثوار قالوا إن المدينة ما زالت تحت سيطرتهم. لكن الاشتباكات بين الطرفين لم تتوقف حتى وقت متأخر من مساء أمس.. وسقط في معارك منطقة كراز بالمدينة ما لا يقل عن ثلاثة قتلى من الثوار ونحو خمسة من قوات القذافي، حيث قالت المعارضة الليبية إنه تم أيضا أسر ما لا يقل عن عشرة من المرتزقة بينهم ستة نيجيريين وعدد آخر من المرتزقة بينهم صوماليون وجزائريون.

وأضاف مصدر من قوات الثوار أنه بعد التحقيق مع هؤلاء المرتزقة تبين أن قوات القذافي ألقت القبض عليهم أثناء وجودهم في الغرب الليبي للعمل، ودفعتهم إلى القتال في صفوف الكتائب الأمنية دون إرادتهم، وتابع أن فلولا أخرى من قوات القذافي فرت بعيدا عن المدينة من الطريق الساحلي. وقالت مصادر إعلامية ليبية شبه مستقلة إن أغلب المواجهات وقعت على مشارف المدينة التي تكثر فيها المزارع والبساتين والكثبان الرملية في منطقة طمينة، خاصة من ناحية الكلية الجوية، وكذا منطقة مدرسة ‏السويحلي، على الرغم من احتلال قناصة تابعين لقوات القذافي لبعض المباني الموجودة على الطرف الغربي للمدينة وتمركزهم ‏فوق أسطح بعض البنايات.

وقال المتحدث باسم المجلس الوطني لثوار ليبيا عبد الحفيظ غوقة، في مداخلة تلفزيونية إن مدينة مصراتة تتعرض لإبادة جماعية من قبل الكتائب التابعة لمعمر القذافي. وإن المواطنين في مدينة بنغازي خرجوا أمس منددين بما صرح به سيف الإسلام نجل القذافي من أنه خلال 48 ساعة سوف تسقط كل المدن الشرقية، مشددا على أن أهالي مدن الشرق صامدون ولا صحة لما قاله سيف الإسلام عن سقوط كل المدن الليبية في قبضة القذافي، وأن بث الإشاعة بسيطرة كتائب القذافي على مدينة إجدابيا هدفه بث الهزيمة في نفوس الناس.

وفي مدينة إجدابيا الواقعة على بعد 150 كيلومترا إلى الجنوب من بنغازي والمطلة على خليج سرت، قال ثوار 17 فبراير الذين يسعون لإسقاط حكم القذافي إنهم تمكنوا من السيطرة على المدينة لليوم الثالث على التوالي رغم عمليات القصف من البر والبحر والجو من قوات القذافي، مما أدى لمقتل نحو خمسين من السكان غالبيتهم من النساء والأطفال.

واستمرت قوات الثوار في محاصرة جانب من الكتائب الأمنية على المشارف الشرقية لإجدابيا، بعد أن أوقعوا بها في كمين، وقاموا بأسر جنود من قوات القذافي. وتعد إجدابيا المفتاح الرئيسي لمدى قدرة كل طرف على لي ذراع الآخر، ويمكن لقوات القذافي في حال سيطرت عليها أن تتمكن من التقدم بسهولة في اتجاه معقل الثوار في مدينة بنغازي.

وقال حسونة الدرناوي من ثوار 17 فبراير في بنغازي عبر الهاتف إن دفاعات الثوار ومضاداتهم الأرضية تمكنت من إسقاط ثلاث طائرات على الأقل من الطائرات العسكرية التابعة للقذافي أثناء إغارتها على مناطق قريبة من مطار بنغازي جنوب المدينة، وإن هذه الطائرات من نوع ميراج سقطت في محيط مناطق سلوق وبو هادي وبوعطني وقمينص. وصرح العقيد عادل البرعصي عضو لجنة الدفاع عن بنغازي بأن «البحث جار عن قائد طائرة سقطت قرب بنغازي»، فيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن أسر طيار من قوات القذافي قال الثوار إنه جزائري الجنسية. وفي وقت لاحق من يوم أمس تحدثت مصادر الثوار عن تحطم طائرة تابعة لهم بعد إصابتها بعطل فني وأن الطيار قفز منها.

وبينما يقول نظام القذافي الذي حقق خلال الأيام القليلة الماضية مكاسب عسكرية لا بأس بها في أرض الميدان واستعاد السيطرة على عدة مدن نفطية واستراتيجية مهمة، إنه على وشك تطويق معقل الثوار في مدينة بنغازي، فإن مصادر الثوار قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن القذافي يمارس دعايته السوداء لقلب الخريطة العسكرية خلافا للواقع.

وقال الثوار في بنغازي إن قوات القذافي وجهت ضربات جوية لمواقع قرب مطار بنينا جنوب المدينة، بعد ساعات من توجيه قوات القذافي عبر التلفزيون إنذارا للمواطنين في بنغازي بالابتعاد عن المقار التي يوجد فيها الثوار. وتحدثت مصادر الثوار عصر أمس عن تطويقهم لقوات للقذافي أثناء محاولتها السيطرة على مرفأ قريب من بنغازي من ناحية الغرب يسمي مرفأ الزويتينة، وأنه تم أيضا القبض على عدد ممن أسماهم الثوار «جواسيس القذافي في المدينة».

وترددت أنباء عن اعتقال الثوار لمسؤول الأمن الداخلي في بنغازي العميد السنوسي الوزري، لكن ذلك لم يتأكد من مصادر مستقلة.

وفي بنغازي أيضا ظهرت خلافات بين الثوار فيما يتعلق بطريقة التعامل مع أسرى قوات القذافي من الليبيين ومن المرتزقة الذين يتم القبض عليهم من جانب الثوار، فبينما يرى بعض المحسوبين على المجلس الوطني الانتقالي (من العسكريين المتشددين) أنه ينبغي تصفية من يتم القبض عليه من الأسرى سواء من الليبيين أو المرتزقة، لإخافة قوات القذافي ومنعها من مواصلة القتال دفاعا عنه، يرى بعض أعضاء المجلس الانتقالي أنه يجب العفو عن الأسرى من منطلق «الرحمة الإنسانية وأن الجميع ليبيون، وأن المرتزقة مغرر بهم».

وجاء هذا التباين في التعامل مع الأسرى بعد أن اضطر أحد جنود القذافي للانتحار بتفجير نفسه قرب بنغازي. ويعتقد أنه ينتمي للحرس الخاص بالقذافي ويدعى صالح الشريف. وقال عضو في هيئة علماء المسلمين الليبية ببنغازي إنه يجب إعلام قوات القذافي بأنهم لن يتعرضوا لسوء إذا سلموا أنفسهم وإذا سقطوا أسرى لدى الثوار.

لكن مصادر مقربة من جيش العقيد خليفة حفتر، الذي يقود قسما من جيش الثوار ضد قوات القذافي، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه صدرت تعليمات مشددة بأن أي أسير سيتم اعتقاله سيعدم إلا إذا كان مصابا أو سلم نفسه للثوار، مشيرة إلى أن القرار يمثل رسالة واضحة لإرهاب قوات القذافي ومنعها من مواصلة القتال ضد المدنيين العزل دفاعا عنه.

ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق فوري من العقيد حفتر أو اللواء عبد الفتاح يونس رئيس المجلس العسكري للثوار.

وبينما تستعد القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي على ما يبدو إلى غزو معقل الثوار المناوئين له في مدينة بنغازي بالمنطقة الشرقية، شككت مصادر الثوار في حقيقة إصدار العقيد خليفة حفتر القائد العام لجيش ليبيا الحرة التابع للثوار أمرا مثيرا للجدل إلى مقاتليه بعدم الإبقاء على أي أسرى من قوات القذافي معتبرا أنهم خونة وقتلة.

ورغم تأكيد مصادر الثوار قيام طائرات الجيش التابع لهم بتوجيه ضربات لمطار القرضابية بمدينة سرت، فإن العقيد امحمد مفتاح مدير مطار القرضابية الدولي نفى تعرض المطار للقصف معتبرا في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية الرسمية أن هذه الأخبار ليس لها أساس من الصحة.

وفي مدينة الزاوية الواقعة على بعد نحو خمسين كيلومترا غرب طرابلس والتي شهدت حتى الأسبوع الماضي معارك طاحنة وسط سيطرة من جانب قوات القذافي، قالت المصادر إن المدينة تشهد عمليات اعتقالات كبيرة للمواطنين الرافضين لحكم القذافي.

وبعد نحو يومين من تردد أنباء عن تبادل لإطلاق النار في معقل القذافي في باب العزيزية بالعاصمة الليبية، قالت تقارير صحافية ليبية أمس إن القذافي يجبر رئيس الحكومة البغدادي المحمودي وكل وزراء الحكومة الليبية على الإقامة في باب العزيزية منذ ثلاثة أسابيع، ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «برنيق» عن مصدر في طرابلس وصفه بالموثوق قوله إن «القذافي يجبر أمين اللجنة الشعبية العامة البغدادي المحمودي وكل أمناء اللجان الشعبية (الوزراء) على الإقامة الجبرية في باب العزيزية منذ نحو 3 أسابيع».

وأضاف الموقع أن اجتماعات الوزراء كانت تتم داخل أحد منازل القذافي داخل باب العزيزية، موضحا أن القذافي يحاصر المنازل المقيمين فيها بعدد كبير من العناصر الأمنية، مشيرا إلى أن «الأمناء (الوزراء) لم يخرجوا من باب العزيزية منذ نحو 20 يوما، وأن معظمهم لا يستطيعون أن يشاهدوا أهلهم وأن القذافي أعطى تعليمات للكتائب الأمنية بعدم خروج أي أحد منهم إلا بأمره».

وفي وقت لاحق من مساء أمس، وقبيل صدور قرار مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا، قالت وزارة الدفاع الليبية في بيان بثه التلفزيون الحكومي الليبي إن أي هجوم أجنبي على ليبيا سيعرض حركة المرور البحرية والجوية في حوض البحر المتوسط للخطر كما سيجعل المنطقة في خطر شديد، وقال البيان: «أي عمل عسكري خارجي ضد ليبيا سيعرض جميع الملاحة الجوية والبحرية في البحر المتوسط للخطر وستصبح كل السابلة المدنية والعسكرية أهدافا للهجوم المضاد الليبي»، مضيفا أن «حوض البحر المتوسط سيصبح في خطر شديد ليس على المدى القصير بل على المدى البعيد أيضا».

وفي الأمم المتحدة قال يحيى المحمصاني مندوب جامعة الدول العربية في الأمم المتحدة أمس إن دولتين عربيتين على الأقل قالتا إنهما ستشاركان في فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا مضيفا، حسب وكالة رويترز، أن الإمارات وقطر «قد» تكونان من بين المشاركين، فيما قالت مصر أمس إنها لن تشارك في أي تدخل عسكري في ليبيا وذلك بعد إعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن مشاورات تجري بشأن مشاركة عربية. وقالت منحة باخوم المتحدثة باسم وزارة الخارجية المصرية لـ«رويترز» إن «مصر لن تكون من بين هذه الدول العربية». و«لن نشارك في أي تدخل عسكري».