البوسنة تقترب من حل أزمة حكومتها بعد 5 أشهر من الانتظار

بعد مفاوضات طويلة حول تمثيل الكروات في الكيانين المؤلفين للبلاد

TT

يتوقع أن يعلن قريبا في البوسنة عن تشكيل الحكومة الجديدة التي ينتظرها الشعب منذ انتخابات 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك بعد أن شهد البرلمان أمس جلسة صارخة تأكد على أثرها عدم إمكانية انضمام أكبر الأحزاب الكرواتية «الاتحاد الكرواتي الديمقراطي» (المنقسم بدوره إلى حزبين يحملان الاسم نفسه مع إضافة «1990» لأحدهما) إلى الحكومة المرتقبة.

وكانت المفاوضات الماراثونية بين الفرقاء السياسيين، التي رعاها مكتب المبعوث السامي في البوسنة فلانتينو إنزكو، قد وصلت إلى طريق مسدود، بعد رفض «الاتحاد الكرواتي الديمقراطي» الاقتراحات التي تقدم بها رئيس «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (كرواتي) زلادكو لوجومجيا، ورئيس «حزب العمل الديمقراطي» (مسلم) سليمان تيهيتش.

وتتمحور الخلافات حول من يمثل الكروات في الحكومة المركزية التي تدير الكيانين اللذين تتكون منهما البوسنة، وهما الفيدرالية، وجمهورية صربسكا، داخل البوسنة. ويطالب الحزبان الكرواتيان المذكوران بتمثيل جميع الكروات، في الثلاثة عشر منصبا الممنوحة لهم في الحكومتين؛ المركزية والفيدرالية المحلية، بينما يطالب «الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، بتمثيل الكروات في بعض المواقع بحكم أنه حزب يجمع بين القوميات المختلفة، وليس حزبا عرقيا.

ويرى زعيم «الاتحاد الكرواتي الديمقراطي»، أن «المواقف مختلفة بيننا وبين الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ونحن مستعدون لبذل قصارى الجهد من أجل تشكيل الحكومة الفيدرالية بشرط أن نمثل جميع الكروات في البوسنة». وتابع: «إذا تشكلت الحكومة دوننا، فإننا لن نعترف بها». وتوقع أن تؤدي الأزمة السياسية، كما وصفها، إلى انتخابات جديدة وأن «أي حكومة دون الاتحاد الكرواتي الديمقراطي لن تكون قادرة على العمل أو تشكيل أي سلطة على مستوى الدولة». واعتبر أن تشكيل الحكومة دون الحزبين الكرواتيين المذكورين سيساهم في زعزعة الاستقرار «ولن تكون الحكومة شرعية» على حد قول زعيم الاتحاد الكرواتي الديمقراطي دراغن تشوفيتش أمس على أثر جلسة البرلمان.

بدوره، قال رئيس حزب العمل الديمقراطي، تيهيتش: «لقد نجحنا في تذليل الكثير من العقبات، لكن الحزبين الكرواتيين لم يقدما التنازلات المطلوبة للخروج من عنق الزجاجة». وتابع: «كل شيء ممكن الحدوث، لكننا نأمل في نهاية سليمة ومجدية تدفع بمستقبل البوسنة إلى الأمام». أما رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لوجومجيا، فقد أعرب عن صدمته وقال: «هناك دعم من الجهات الدولية لبرنامجنا، وكنا على استعداد للتنازل عن منصب أو منصبين وزاريين، ولكن الاتحاد الكرواتي الديمقراطي، يريد تمثيل جميع الكروات في الحكومة، ونحن لدينا في الحزب كروات، ويمكن أن يمثل هذه الطائفة».

وعودة للمشروع السياسي القاضي باقتسام السلطة، الذي يحظى بموافقة البعثة الدولية، فإن الاقتراح الذي تمت مناقشته كان قد طرح حصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي على 7 وزارات، وحزب العمل الديمقراطي على 5 وزارات، والاتحاد الكرواتي الديمقراطي، و«الاتحاد الكرواتي الديمقراطي 1990»، على 4 وزارات. في حين يحصل الحزبان الكرواتيان على حقيبتين وزاريتين من أصل ثلاث حقائب مخصصة للكروات وفق الكوتة العرقية، وتمنح الثالثة للحزب الاشتراكي الديمقراطي لوجود ممثلين للكروات ضمن صفوفه، لكن الحزبين الكرواتيين رفضا ذلك وطالبا بتمثيل جميع الكروات، على أن تمنح حقائب للكروات المنضمين للاشتراكي على حساب البوشناق داخل الحزب أو على حساب أحزاب أخرى.

ووفقا للدستور، فإن البوشناق يحق لهم الحصول على 8 وزارات، في الحكومة الفيدرالية، والكروات على 5 وزارات، والصرب على 3 وزارات. وكان الصرب قد شكلوا حكومتهم في وقت سابق، بمشاركة البوشناق والكروات في كيان «جمهورية صربسكا» داخل البوسنة، وينتظرون اتفاق الكروات والبوشناق لتشكيل الحكومة المركزية. وفي حال رفض الحزبين الكرواتيين، أي الاتحاد الكرواتي الديمقراطي، و«الاتحاد الكرواتي الديمقراطي 1990»، المشاركة في الحكومة إلا بشروطهما، وهي تمثيل جميع الكروات، فإن الأغلبية ستضم إلى الحكومة أحزابا كرواتية صغيرة لتمثيل الكروات، وهما: «العمل من أجل التقدم» و«الحزب الكرواتي من أجل الحقوق» الكرواتيان، لا سيما أن المجتمع الدولي، وكذلك الرأي العام البوسني، لم يعد قادرا على الانتظار فترة أطول بعد أكثر من 5 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية التي تمت في 3 أكتوبر الماضي.

وقال المحلل السياسي، أنس دجوزونوفيتش لـ«الشرق الأوسط» إن «جمع الكروات، والصرب، والبوشناق، في حزب واحد ثبت فشله، وقد أدرك المجتمع الدولي ذلك، حيث إن البوشناق هم من يستجيبون لهذا الشعار الذي فقد بريقه منذ انهيار يوغوسلافيا». وتابع: «من الواضح أن هناك اصطفافا طائفيا في الجهتين الصربية والكرواتية».