ليبيا: جيش المنشقين على نظام القذافي يستعد لمفاجآت قادمة رغم الصعوبات

يضم آلاف المقاتلين ويعاني من تزايد عدد الضباط على حساب الجنود وضباط الصف

TT

على الرغم من انضمام آلاف من العسكريين المنشقين على نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي إلى صفوف الثوار المناوئين له الذين يسعون للإطاحة به، فإن ثقل هؤلاء الحقيقي على أرض المعارك المحتدمة بين الثوار وقوات القذافي العسكرية وكتائبه الأمنية ما زال غير محسوس أو ملموس على الإطلاق.

ومع ذلك يقول عسكريون من الثوار، وهم حذرون في التحدث إلى وسائل الإعلام خشية تسرب بعض أسرارهم العسكرية، إنهم يعدون لما وصفوه بمفاجآت من العيار الثقيل ستظهر خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال مصدر عسكري رفض تعريفه لـ«الشرق الأوسط»: «يجري حاليا إصلاح وصيانة بعض المعدات العسكرية التي بحوزتنا تمهيدا لدفعها إلى الصفوف الأمامية وإشراكها في المعارك ضد قوات القذافي»، لافتا إلى أنه تم وضع 3 طائرات مروحية بكامل تسليحها (كانت مدمرة) في الخدمة مجددا.

وأضاف: «هناك مفاجآت كثيرة في الطريق، لا نريد أن نكشف أوراقنا لكن اطمئنوا وضعنا جيد إلى حد كبير»، مشيرا إلى أن هناك ما وصفه بورش عمل تعمل ليل نهار من شاب القوات المسلحة المنشقين على نظام القذافي لتوفير هذه المعدات في أسرع وقت. وتابع «هؤلاء تقريبا لا ينامون الليل.. يقومون بعمل شاق ومضن من أجل صيانة المعدات التي خربها نظام القذافي، لكن هذه المعدات ستعود للخدمة وسينتصر للثوار».

وفي مواجهة جيش نظامي يمتلكه القذافي مدعوما بكتائب أمنية ومرتزقة وافدين من الخارج، يكافح الثوار لبناء جيش مواز معتمدين على خبرة العسكر المنشقين وحماس الشباب الذي لم يحظ في حياته مطلقا بأي تدريب عسكري.

ولا توجد إحصائيات رسمية لدى الثوار حول العدد الحقيقي لمن انضم إليهم من عناصر جيش القذافي، بسبب عدم اكتمال جهازهم الإداري إلى حد كبير، وقال مسؤول بالمجلس العسكري للثوار إن ما يعرف باسم جيش ليبيا الحرة يضم نحو 10 آلاف من المنشقين على نظام القذافي.

لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه هؤلاء هي أن معظمهم بلا معدات عسكرية تقريبا، بالإضافة إلى أن هذا العدد يضم على الأقل نحو ثلاثة آلاف ضابط. ويشكو الثوار من ارتفاع عدد الضباط في مقابل ندرة عدد الجنود، وهو وضع لم يجدوا إلى الآن حلا سريعا له لمواجهة التفوق العددي والكمي والكيفي لقوات القذافي.

بيد أن الثوار يقولون إنهم يحصدون الدمار الذي فعله القذافي بالجيش النظامي في ليبيا، الذي غير اسمه إلى الشعب المسلح، وتحول إلى وحدات عسكرية مسلحة يقودها أبناؤه الساعدي وخميس والمعتصم وسيف الإسلام وسيف العرب وهانيبال، بالإضافة إلى بعض مساعديه الذين يثق بهم ثقة كبيرة ويحظون بدعمه نظرا لولائهم الشخصي له. وشرح مسؤول من الثوار المشكلة لـ«الشرق الأوسط» قائلا «لإسكات الجيش الليبي، كان القذافي يقوم بترقية الضباط مرتين في العام.. فأصبح هناك تضخم في الرتب العليا بطريقة غير طبيعية وندرة في الجنود وضباط الصف». وقال «لدينا الآن نحو 500 ضابط كبير، تتراوح رتبهم ما بين العقيد والعميد.. الرتب الصغيرة قليلة جدا وليس هناك تناسب بين الضباط والجنود». وأضاف أن «نظام الترقيات العسكرية المعترف به دوليا لم يلتزم به القذافي، وأدار الجيش الليبي بعشوائية، وطريقة غير تقليدية على الإطلاق، لدينا كميات غير طبيعية من الضابط لكن الجنود عددهم أقل». ويسعى الثوار إلى تشكيل وحدات قتالية تضاهي قوة وتسليح الجيش الليبي، علما بأن المنشقين على نظام القذافي ينتمون إلى أسلحة مختلفة ومتعددة، لكن المشكلة الأكبر هي في التنسيق فيما بينهم، كما قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط».

وفي صفوف الثوار طيارون ورجال صاعقة واستخبارات حربية ومدفعية وبحرية ومشاة، بيد أن التركيز الآن هو على دور الصاعقة أو قوات النخبة. وربما يفسر هذا الاحترام الكبير الذي يحظى به العقيد الأمين عبد الوهاب في صفوف الثوار، علما بأنه ضابط صاعقة حصل على تدريبه في مصر وكان من أوائل المنشقين على نظام القذافي، ويعزا إلى الرجل، الذي رفض إطاعة التعليمات له بضرب المتظاهرين المحتجين على القذافي، وبات مسؤولا الآن عن شؤون السلاح والصاعقة في صفوف جيش الثوار حديث التكوين، أنه نجح مع مجموعة صغيرة من المقاتلين لا يتجاوز عددها سبعة جنود في اقتحام الكتيبة «الفضيل بو عمر» المسلحة جيدا في بنغازي بشرق ليبيا، التي أدى سقوطها في يد الثوار إلى انتهاء سيطرة العقيد القذافي على المدينة. وقبل اندلاع هذه المواجهات، لفتت وكالة «ليبيا برس»، المحسوبة على المهندس سيف الإسلام القذافي قبل أن تعلن انشقاقها عنه وانضمامها للثوار، إلى أن نسبة المنتمين إلى الجيش الليبي تبلغ نحو 2 في المائة (أكثر من 130 ألفا) من إجمالي عدد السكان، ونحو 10 في المائة من القوى القادرة على العمل من الذكور، وهي نسبة من أعلى النسب في العالم.

وترتبط بمشكلة ارتفاع أعداد منتسبي القوات المسلحة الليبية من الجنود والرقباء والضباط مشكلات أخرى ذات طابع تقني وإداري، من حيث كفاءة الأداء والقدرة على استيعاب تقنيات الحرب الحديثة. ولاحظت الوكالة أن «الكثير من ضباط الجيش الليبي تجاوزوا السن التي تسمح لهم بالتعلم والاستيعاب والتطور، كما ترهلوا وفقدوا لياقتهم بفعل البذخ وحياة الراحة».