مصدر بالخارجية الهندية: القذافي يطلب من شركات هندية تشغيل حقول النفط

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الزعيم الليبي يسعى لتأمين دعم نيودلهي لبلاده في مجلس الأمن الدولي

TT

تقدم الزعيم الليبي معمر القذافي بطلب لشركات التنقيب وتكرير النفط الهندية من أجل تشغيل حقول ومصافي تكرير النفط في ليبيا بعد تخلي عمال أجانب عنها منذ بدء الاضطرابات الليبية.

وكشفت مصادر مطلعة في مكتب الخارجية الهندية عن أن القذافي اجتمع شخصيا مع ماني ميكلاي، السفير الهندي لدى ليبيا وقدم له هذا الطلب. وقد تعطلت صادرات النفط الليبية بشدة من جراء الاشتباكات الدائرة حاليا في ليبيا وقلة الموظفين والعقوبات الدولية ورفض البنوك الدولية تمويل صفقات في أعقاب اندلاع الثورة الليبية الدامية. ويبدو معمر القذافي مستعدا لشراء الدعم السياسي للهند من خلال النفط.

وعرض الزعيم الليبي على الشركات الهندية الحصول على حصة من الثروة النفطية لبلاده. وأراد القذافي أن تحل شركات النفط الهندية محل الشركات الغربية التي تركت ليبيا منذ بداية الاضطرابات، وهو ما أدى إلى وصول إنتاج الدولة الواقعة في شرق أفريقيا إلى أدنى مستوياته في كل الأوقات. وأفادت مصادر مطلعة بأن الزعيم الليبي أخبر ماني ميكلاي بأن قواته سوف تستعيد قريبا السيطرة على منطقة شرق ليبيا التي تخضع حاليا لسيطرة الثوار، وعرض على الشركات الهندية فرصا في مجال إنتاج النفط.

وكانت الهند تخوض منافسة مستعرة مع الصين على موارد النفط الأفريقية، ولكنها كانت تتخلف وراء استثمارات بكين الضخمة في القارة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن نيودلهي تتعامل بحذر شديد مع هذه المسألة، وسوف تستعجل الأمور للتفكير في طلب القذافي. وتمتلك شركات التنقيب الهندية وجودا قويا في ليبيا، حيث تتعاون شركة النفط والغاز الطبيعي الحكومية الهندية مع شركة النفط الوطنية الليبية في التنقيب عن الغاز بمدينة برقة الواقعة على ساحل البحر المتوسط.

وتمتلك الشركات الهندية الأخرى، وهي «الشركة الهندية للنفط» و«شركة النفط الهندية المحدودة» (أويل)، وهما شركتان حكوميتان متخصصتان في تكرير وتسويق النفط والتنقيب عن النفط على التوالي، حصصا في حوض سرت وحوض غدامس الواقعين في جنوب غربي ليبيا.

وتشعر الهند بالتردد إزاء إرسال عمال النفط الهنود إلى ليبيا بفعل السبب الجغرافي السياسي الرئيسي الذي قد يجعل الهند تبدو وكأنها تقف ضد رؤية غالبية دول العالم، والذي قد يكلف الهند خسارة سمعتها الدولية الجيدة. وبالإضافة إلى التداعيات المحتملة الواضحة للعزلة الدبلوماسية التي قد تتسبب فيها مثل هذه الخطوة، فإنها سوف تشجع أيضا الحكومات والشركات الغربية على زيادة الحواجز التي تفرض على شركات النفط الهندية في مشاريعها الخارجية.

وقد أغضب استمرار استيراد نيودلهي للنفط من طرابلس، بالفعل، منظمات الحقوق المدنية الدولية، ومن بينها منظمة «هيومان رايتس ووتش»، التي أشارت إلى أن «هذه الصادرات يجب أن تعلق بشكل مؤقت، أو أن يتم وضع عائداتها في صندوق ضمان الآن». ومن بين واردات النفط الهندية التي وصلت إلى 159 مليون طن خلال السنة المالية 2009 – 2010، تستورد الهند نحو 947,000 من ليبيا.

وكانت هناك مشكلات عملية أخرى. ويعتبر الدعم المحلي مهما للمسائل اللوجيستية، وبالنظر إلى الوضع الحالي في ظل عدم توافر أي قوات أمن رسمية، فإن جميع احتمالات تعرض حقول النفط الليبية لأعمال تخريب قائمة لأن غالبية هذه الحقول موجودة في صحارى تسيطر عليها القبائل. وذكر مسؤول تنفيذي في شركة النفط والغاز الطبيعي الحكومية أن حقول النفط الليبية جيدة وأن الشركة على دراية بالمنطقة، ولكن توافر الأمن يعتبر مسألة أساسية مهمة للعمل.

وبينما أكدت مصادر في نيودلهي أن هذا اللقاء قد تم بالفعل، فإنها ذكرت أن دعوة القذافي كانت بمثابة إشارة إلى تقديره وامتنانه للموقف الهندي الذي عارض المقترح الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والذي كان يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على ليبيا، كما أنه يمثل حافزا ضمنيا لكي تستمر نيودلهي في معارضة الجهود الغربية الرامية لفرض منطقة حظر جوي فوق الأجواء الليبية.

وأفادت مصادر مطلعة بأن القذافي، الذي حاول خلال العام الماضي أن يوازن الموقف في ليبيا مع إشاراته السابقة إلى منطقة جامو وكشمير التي تسيطر عليها الهند، قد تراجع عن بياناته وسعى للقاء المبعوث الهندي ماني ميكلاي بهدف تأمين الدعم الهندي لبلاده في مجلس الأمن الدولي من أجل تقرير مستقبل ليبيا.

وصرح مسؤول دبلوماسي في مكتب أجنبي بقوله: «الهند تطبق سياسة الانتظار والترقب لأنها قامت فعليا بعملية إجلاء سلسة لرعاياها من ليبيا، وسوف تدرس مصالحها كافة». وفي الوقت نفسه، علمت «الشرق الأوسط» أن القذافي قدم طلبات مشابهة للصين وروسيا. ويتوقع محللون اقتصاديون أن صادرات النفط الليبية قد تحتاج إلى عام تقريبا من أجل العودة إلى مستوياتها الطبيعية.