مفتي السعودية لـ«الشرق الأوسط»: أوامر الملك جاءت لـ«ضبط الفتوى» وإبعادها عن «الشطط»

قال إن «المجمع الفقهي» المقترح سيكون عونا للجنة الإفتاء

ينتظر أن يسهم إنشاء فروع لرئاسة الإفتاء في ضبط الفتوى في جميع المناطق السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أبلغ «الشرق الأوسط» الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي عام السعودية رئيس هيئة كبار العلماء، أن أمري الملك المتعلقين بإنشاء فروع لرئاسة الإفتاء وإنشاء مجمع فقهي سعودي جاءا في إطار سعيه لـ«ضبط الفتوى»، و«إبعادها عن الشطط».

وشدد مفتي عام السعودية على أن الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ستكون مسؤولة عن فروع الرئاسة الـ13 التي نص الأمر الملكي على إنشائها، وهي التي اعتبرها خطوة من خطوات «ضبط الفتوى». ولا يرى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ضررا في أن يكون هناك نقاش بين الإعلام والعلماء، دون أن يصل إلى مرحلة «التجريح الزائد»، وذلك تعليقا على أمر الملك بعدم المساس برئيس أو أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية.

وقال المفتي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الرسالة التي يوجهها للإعلام بعد قرار الملك «القضية ألا يمس أحد بسوء. النقاش والملاحظة، كل منا يخطئ والخطأ مردود من قائله ولكن يجب البعد عن التجريح الزائد ومحاولة الحط من شأن العلم والحط من قدر أهله، فالقرار فيه حماية للعلم وللشرع من عبث العابثين».

وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، في إطار تعليقه على مجمل القرارات التي صدرت عن خادم الحرمين أمس «لا شك أن ما صدر هذا اليوم هو من الأمور النافعة والمفيدة، وشاملة لجميع المواطنين في تعليمهم وصحتهم ومعيشتهم وكل أحوالهم ونرجو من الله أن يوفق الجميع إلى ما يحبه ويرضاه وأن يجزي قادتنا عنا خيرا».

وكان لافتا حجم الدعم الذي رسمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قرارات الأمس، لمناشط الإفتاء والدعوة وتحفيظ القرآن والعناية بالمساجد. وعلى هذا أشار المفتي إلى أن ذلك «يدل على أن هذه الدولة هي دولة إسلامية ومؤمنة وتحكم بالشريعة الإسلامية وتجمع بين التمسك بالشريعة والتقدم في العلم النافع، فهي دولة مباركة موفقة بحمد الله».

وكانت الأوامر الملكية التي صدرت أمس قد نصت على «إنشاء فروع للرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء في كل منطقة من مناطق السعودية، وإحداث 300 وظيفة لهذا الغرض، واعتماد مبلغ 200 مليون ريال، وذلك لتلبية احتياجات هذه الفروع».

ورأى مفتي عام السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء فيها، أن إنشاء فروع لرئاسة الإفتاء «سيعمل على ضبط الفتوى، بحيث تكون الفتوى منضبطة، وتكون الفروع مرتبطة بالرئاسة سائرة على منهج واحد لنضمن البعد عن الشطط في الفتوى». ورأى الشيخ آل الشيخ بأن قرارات الملك تعكس الحب الذي يكنه خادم الحرمين لشعبه، قائلا «نشكر له جهوده وصبره وعطاءه وبذله وحبه للخير، وكل هذا دليل على ما يحمله قلبه من محبة لأبناء وطنه».

وقد نص أحد الأوامر الملكية على إنشاء مجمع فقهي سعودي، ليكون ملتقى علميا تناقش فيه القضايا والمسائل الفقهية، تحت إشراف هيئة كبار العلماء، بحيث يتم من خلاله استقطاب الكثير من الكفاءات الشرعية المؤهلة، وإتاحة الفرصة لهم لتقديم أطروحاتهم العلمية ومناقشتها، وإبداء الرأي حيالها، بقرارات علمية رصينة، تراعي الثوابت الشرعية، في أفق المبادئ العلمية، والأسس المنهجية لهيئة كبار العلماء، بما يتيح مستقبلا اختيار المبرزين من بينهم لمناصب علمية أعلى، ويخفف العبء على أعمال هيئة كبار العلماء لتتفرغ لمهامها بالتصدي للمسائل والقضايا الكبار، وكذا تخفيف العبء على أعمال اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لتتفرغ لمهامها بالنظر في الفروع الفقهية المتعلقة بأسئلة المستفتين.

وأكد مفتي عام السعودية أن «المجمع الفقهي سيكون عونا للجنة الدائمة للإفتاء»، فيما أوضح الشيخ قيس المبارك عضو هيئة كبار العلماء في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن إنشاء هذا المجمع يعتبر «ضرورة حياتية»، فما يجد من وقائع وقضايا جديدة من صور المعاملات المالية والطبية وغيرها، والتي تجعل البلد بمسيس الحاجة إلى الملتقيات والمنتديات والمجامع الفقهية كي تضع أحكاما لكل نازلة تجد، على حد قول الشيخ المبارك.

هذا المجمع الفقهي السعودي ستقوم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة العدل، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء بإعداد دراسة بشأن إنشائه تحت اسم «المجمع الفقهي السعودي»، واقتراح تنظيمه، وما يستجد من نظر واستطلاع، بشكل عاجل لا يتجاوز 5 أشهر.

الدكتور توفيق السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة والإرشاد والمساجد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن إنشاء مجمع فقهي سعودي سيكون «صمام أمان فكري»، وذلك لضمان أن ما يتلقاه الناس في الشأن الديني ينطلق من مؤسسات شرعية معروفة، وليست من سراديب لا يعرف أهدافها، لافتا إلى أن قرار الملك في هذا الخصوص «وضع الأمور في نصابها الصحيح». وأشار الدكتور السديري إلى أن المجمع الفقهي سيكون رافدا علميا هاما لهيئة كبار العلماء.

ونوه وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة والإرشاد والمساجد بما حملته الأوامر الملكية من دعم منقطع النظير للقطاعات الشرعية، سواء كان ذلك على صعيد الإفتاء، أو الدعوة أو الإرشاد، أو العناية بالقرآن والمساجد.

ورصدت الأوامر الملكية مبلغ نصف مليار ريال، تخصص بشكل عاجل لترميم المساجد والجوامع في أنحاء السعودية.

وأمام ذلك، أكد توفيق السديري الذي يتولى إدارة ملف المساجد في وزارة الشؤون الإسلامية أنهم في الوزارة سينفذون على الفور توجيهات الملك بخصوص المساجد، فور ورود المبالغ المعتمدة في هذا الشأن.