وزير خارجية البحرين: ملتزمون بالحوار.. لكن أولويتنا استعادة الأمن والاستقرار

أكد وصول المزيد من القوات الخليجية.. وأن هناك مخططا إرهابيا تشهده بلاده

الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية البحرين خلال مؤتمره الصحافي في المنامة أمس (إ.ب.أ)
TT

قالت البحرين، أمس، إنها استعادت أمنها واستقرارها بعد أن شهدت خلال الأيام الماضية «مخططا إرهابيا واضحا لزعزعة الأمن والاستقرار له امتدادات واضحة وأساليب معروفة شهدناها من قبل في أماكن أخرى في المنطقة».

وشدد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أمس، على أن قوات «درع الجزيرة» التي أرسلت إلى البحرين لن يكون لها أي احتكاك مع المواطنين أو أي مهام في الشارع، بل مهمتها فقط حماية المنشآت الاستراتيجية والمرافق الحيوية للمملكة، وإن هذه القوات لن تقوم بأي دور في استعادة النظام في البحرين، مؤكدا أن هذه القوات ستبقى طالما لزم الأمر، وقال إن مزيدا من القوات الخليجية ستصل إلى المملكة البحرينية.

وأمس، اكتمل وصول القوات الإماراتية إلى أرض البحرين، لتلتحق مع قوات السعودية والكويت وقطر، ضمن قوات «درع الجزيرة» المشتركة. وناشدت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين (الجيش) «جميع الإخوة المواطنين والمقيمين بالتعاون التام والترحيب بإخوانهم من قوات (درع الجزيرة) المشتركة».

وأكد وزير الخارجية البحريني، على عدم التهاون إلى أقصى درجة «مع من تسول له نفسه أن يقوم بأي أعمال تخريب أو عنف أو تهديد حياة رجال الأمن والحرس الوطني وقوة دفاع البحرين وجميع المواطنين، وذلك للعودة إلى الحياة الطبيعية في البلاد واستكمال التنمية والتطوير والإصلاح في مختلف المجالات».

وردا على تصريحات أميركية رسمية، نفى الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن تكون بلاده على المسار الخاطئ، كما تقول الولايات المتحدة، مبينا أن البحرين تتطلع إلى توضيح الموقف لواشنطن.

وزير الخارجية البحريني قال أيضا إن الحكومة ملتزمة بالحوار «لكن استعادة الأمن والاستقرار لها الأولوية، وإن بلاده اتخذت كل الإجراءات الممكنة لضمان نجاح الحوار لكن المعارضة رفضت التحركات».

وأعرب الشيخ خالد بن أحمد عن شكر مملكة البحرين العميق «للأشقاء قادة وشعوب دول مجلس التعاون على وقفتهم الأخوية الأصيلة مع مملكة البحرين في الدفاع عنها ومساعدتها في برامجها التنموية لما فيه خير وصالح شعبنا وتطلعاته». وأكد أن هذه الوقفة «لن ننساها ما حيينا، إنها خير إثبات للعالم أجمع على أن مجلسنا واحد وهدفه واحد ووقفته واحدة».

وتحدث وزير الخارجية عما شهدته مملكة البحرين على مدار شهر من ما سماه «مخططا إرهابيا وتخريبيا واضحا»، قائلا «إنه منذ نحو الشهر وإثر الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين أطلق الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد دعوة للحوار مع الأطراف الفاعلة في مجتمعنا المدني والسياسي، وذلك لبحث ومناقشة المطالب التي طرحتها العديد من الأطراف والجمعيات وذلك لإعطاء المشروع الإصلاحي للملك (حمد بن عيسى آل خليفة) دفعة جديدة وتحقيق ما يصبو إليه شعب البحرين بجميع مكوناته في جميع المجالات، سواء كانت الدستورية أو السياسية أو الاجتماعية وغيرها».

وقال إنه لم يكن هناك شروط تحكم تلك الدعوة التي طرحها ولي العهد البحريني ولم يكن هناك سقف لطرح أي مطلب وأي رأي على طاولة الحوار.

وأضاف «كما أمر الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالعديد من الخطوات والإجراءات التي كان من هدفها تحقيق الانفراج وإشاعة التهدئة وتشجيع الجميع للتوجه إلى طاولة الحوار، كسحب المظاهر المسلحة ورجال الأمن والسماح بالتظاهر والاعتصام السلمي وإطلاق المساجين والمحكومين، وكل ذلك كان هدفه إنجاح المسعى الصادق لولي العهد لبدء الحوار وإنجاحه».

وتابع وزير الخارجية البحريني قائلا «إن ولي العهد قام كذلك وبكل جهد متواصل بالاتصال بمختلف الأطراف، سواء بدعوتهم رسميا لتقديم مرئياتهم ومطالبهم لتوضع جميعها على طاولة الحوار وتدرج ضمن جدول أعماله، أو بالاتصالات والاجتماعات واللقاءات الجماعية والمنفردة مع مختلف الأطراف، مؤكدا للجميع أنه لن يستثني أي مطلب ولن يمنع أي موضوع من إدراجه على طاولة الحوار، وماذا كان الرد؟ تجاوبت العديد من الجمعيات والأطراف وبعثت بمرئياتها ومطالبها إلى ديوان ولي العهد، أما البعض وأخص هنا الجمعيات السياسية السبع، فلم تتجاوب، بل وضعت الشروط والعوائق أمام هذه الدعوة الصادقة».

ولفت وزير الخارجية البحريني إلى أن مجموعات لم تعترف بالنظام السياسي والشرعي في البحرين «قامت إثر ذلك بإشاعة الفوضى والرعب في قلوب المواطنين الأبرياء، وذلك بقطع الطريق وإيذاء المارة والاعتداء على الطلبة الأبرياء في المدارس وفي جامعة البحرين وإقامة الحواجز وحمل واستخدام مختلف أنواع الأسلحة والآلات الحادة ضد المواطنين ورجال الأمن، مما جعل الأمر صعبا لا يحتمل، وبناء عليه أصدر الملك - حفظه الله - المرسوم بقانون السلامة الوطنية وذلك لتوحيد الجهد في إعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى مملكة البحرين بجميع أنحائها وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك وتم فض الاعتصام وفتح الطرقات وتحرير مستشفى السليمانية ممن سيطر عليه وروع المرضى والمواطنين وملأه بالأسلحة والآلات الحادة وجعل منه مصدرا للأخبار الكاذبة والمسيئة لبلدنا أمام الرأي العام العالمي، وإضافة إلى ذلك فقد وصلت وستصل إلى مملكة البحرين وحدات من قوات (درع الجزيرة)، وذلك لحماية المنشآت الحيوية في المملكة أمام أي خطر تنفيذا لاتفاقات الدفاع المشترك بين دول المجلس، مؤكدين أن وجودها ليس للقيام بأي دور في حفظ النظام الداخلي».

ميدانيا، تحدى آلاف البحرينيين الشيعة قرار منع التظاهر وحالة الطوارئ المعلنة في البلاد وتظاهروا أمس بالقرب من المنامة مطالبين بالإصلاح السياسي خلال تشييع قتيل سقط برصاص قوات الأمن هذا الأسبوع. وهتف أكثر من 5 آلاف متظاهر في جزيرة سترة (جنوب المنامة) التي شهدت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن الثلاثاء الماضي، شعارات مناهضة للحكومة وللتدخل العسكري الخليجي في المملكة، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مشيعون إن أحمد فرحان (28 عاما) توفي برصاصة في الرأس أطلقت من مروحية الثلاثاء، بعد وقت قصير من إعلان حالة «السلامة الوطنية» (الطوارئ) في محاولة لإنهاء الحركة الاحتجاجية المستمرة منذ منتصف فبراير (شباط). وقد نفت السلطات البحرينية استخدام المروحيات في إطلاق النار.

وأكدت إحدى قريبات فرحان أنه تم تشييع الجثمان رغم قرار منع كل التجمعات ورفض السلطات في وقت سابق تسليم جثته من مستشفى السليمانية في المنامة الذي تسيطر عليه القوات الأمنية.

وفي قرية الدراز في أقصى غرب المنامة، تظاهر آلاف البحرينيين الشيعة عقب صلاة الجمعة مرددين هتافات «بالروح بالدم نفديك يا بحرين».

وأكد المتظاهرون على ضبط النفس والابتعاد عن العنف في وجه «جرائم» الشرطة والجيش في المملكة التي تسكنها غالبية شيعية.

وقال الشيخ عيسى قاسم، أحد أبرز العلماء الشيعة في البحرين، في خطبة بالقرية، إن المطالبين بالإصلاح «لا يؤمنون بالعنف الذي تحاول السلطات دفعهم نحوه».

وتابع قائلا إن «المقاربة السلمية كانت خيارنا منذ اليوم الأول».

ونقل العديد من عناصر الشرطة بالحافلات إلى مكان المظاهرة، من دون حدوث أي اشتباك مع المتظاهرين.

وهذه المظاهرات هي الأولى منذ أن فضت القوى الأمنية صباح الأربعاء الاعتصام الذي نظمته المعارضة في دوار اللؤلؤة في المنامة واستمر نحو شهر، مما أدى إلى مقتل 3 متظاهرين وعنصرين من القوى الأمنية.

وكانت السلطات أعلنت حظر التجمعات والمسيرات غداة الهجوم، كما أعلن الملك حالة الطوارئ.

وحاول بضع مئات التظاهر الخميس في قرية الديه، غرب المنامة، لكن الشرطة أطلقت النار وقنابل مسيلة للدموع لتفريقهم.

وتؤثر التطورات الميدانية في البحرين بشكل سلبي على الاقتصاد، حيث خفضت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» العلامة السيادية للمنامة درجتين لتصبح «بي بي بي» وتتوقع تخفيضها مجددا.

وبحسب وكالة التصنيف الائتماني فإن الاضطرابات ستكون أكثر ضررا على البحرين كـ«مركز سياحي وبصورة أكبر كمركز مالي أجنبي يتنافس مع مدن أخرى في الخليج».

وناشدت غرفة تجارة وصناعة البحرين الجمعة الجميع تكثيف الجهود لإعادة الأجواء الأمنية التي تتيح عودة الحياة الطبيعية، بحسب بيان أرسل لـ«الشرق الأوسط»، كما ناشدت الجميع التهدئة «في هذا الظرف الاستثنائي الدقيق الذي تمر به مملكة البحرين».

واستنكرت الغرفة حوادث الاعتداء التي طالت عددا من المحال التجارية والطرق الحيوية في البلاد واستهدفت المواطنين والمقيمين، كما دعت الجميع إلى الالتزام بقرارات وتوجيهات قوة دفاع البحرين الخاصة بحالة «السلامة الوطنية»، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة استيعاب الجميع لأهمية بذل جميع الجهود لعودة الحياة إلى طبيعتها، فالبحرين لا تحتمل مزيدا من التأزيم والتصعيد.