أوباما يعلن استعداد بلاده لقيادة تحرك عسكري لحماية المدنيين.. ويؤكد عدم استخدام قوات برية

واشنطن تريد رحيل القذافي لكنها تحصر أهدافها المعلنة في حماية الشعب الليبي

الرئيس الأميركي باراك أوباما توعد في البيت الأبيض أمس بعمليات عسكرية إن لم يمتثل القذافي لقرار مجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، أن الولايات المتحدة «مستعدة للعمل ضمن ائتلاف أكبر»، لوقف العنف ضد المدنيين الليبيين. وأضاف أوباما أنه «على الولايات المتحدة أن تقود الجهود لكن ليس بمفردها»، مشددا على الدور العربي والأوروبي في فرض قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.

وعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن لا ينص على ضرورة تنحي القذافي، فإن مصادر أميركية رسمية أكدت لـ«الشرق الأوسط» التزام واشنطن برحيله. إلا أن أوباما أوضح في خطابه أن هناك «هدفا محددا.. هو حماية المدنيين»، مضيفا أن «التغيير لن يفرض من قبل قوة خارجية». وهناك رسالة ضمنية بأن الولايات المتحدة مستعدة لدعم الثوار الليبيين بالمساعدات الإنسانية والمالية، بينما تشير بعض المصادر إلى إمكانية دعمهم بالسلاح لإنهاء نظام القذافي.

وأعلن أوباما أمس أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستعود إلى باريس اليوم للتشاور مع حلفاء أوروبيين وعرب حول الخطوات المقبلة، في وقت تدرس فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وحلف شمال الأطلسي (الناتو) سبل تطبيق قرار مجلس الأمن 1973 الذي يخول استخدام القوة لحماية المدنيين الليبيين وفرض حظر جوي وتطبيق الحظر المفروض على الأسلحة.

وأوضح أوباما أن الولايات المتحدة لم ترغب في استخدام القوة، قائلا «الولايات المتحدة لم تسع لهذه النتيجة، لكنها تمت بسبب تصرفات القذافي». وأضاف أن «العالم ترقب بأمل وذعر ما يحدث في ليبيا خلال الأسابيع الماضية.. وقد خسر القذافي ثقة الشعب به، وبدلا من أن يحترم حقوقهم قاد حملة من التخويف والقمع». وحرص أوباما على توضيح الخطط الأميركية، قائلا «لن نذهب إلى أبعد من حماية المدنيين في ليبيا.. هدفنا واضح وهو حماية المدنيين الأبرياء ومحاسبة نظام القذافي». وأضاف «لن نرسل قوات برية أميركية» إلى ليبيا، مشددا على المساعدة المدنية ومنع استخدام القوة المفرطة من قوات القذافي والانتهاكات التي وصفها بـ«جرائم ضد الشعب». وشدد أوباما على أنه «لا يمكن التفاوض» حول مطالب قرار مجلس الأمن، وهي وقف إطلاق نار فوري وسحب جميع القوات الليبية من المدن الليبية، والسماح بإدخال فرق المساعدة الإنسانية، وإعادة خدمات بسيطة للشعب الليبية مثل الكهرباء والمياه.

وبينما أكد أوباما التزام واشنطن بقيادة الجهود الدولية لمنع قتل المدنيين والجرائم ضد الإنسانية، فإنه ترك بشكل كبير الخطوات المقبلة إلى كلينتون، خاصة أن أوباما توجه ليل أمس إلى البرازيل ليبدأ جولة في أميركا اللاتينية كانت مجدولة مسبقا.

ومن جهتها، اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية أن القذافي «لم يترك لنا خيارا» إلا اتخاذ قرار التحرك العسكري. وقالت كلينتون في تصريحات مقتضبة صباح أمس «رفض العقيد القذافي الاستماع إلى النداءات العدة حتى الآن لوقف العنف ضد شعبه لم يترك لنا خيارا إلا اتباع هذا المسار». وأضافت أن قرار مجلس الأمن الذي صدر أول من أمس لتخويل استخدام القوة «فقط خطوة» من بين خطوات عدة تبحثها واشنطن للتعامل مع الأزمة الليبية.

وردا على سؤال حول إعلان القذافي وقف إطلاق النار، أبدت كلينتون شكها في صحة أو مصداقية هذا التصريح، قائلة «علينا أن نرى الوضع على الأرض، وهذا لا يبدو واضحا بعد».

ووجه عدد من المعارضين الليبيين، على رأسهم السفير الليبي لدى الولايات المتحدة علي سليمان العجيلي، ونائب المبعوث الليبي لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، رسالة إلى الرئيس الأميركي أمس تطالبه بدعم المعارضة الليبية والاعتراف بالمجلس الانتقالي الوطني الليبي في بنغازي. وليس من الواضح بعد إذا كانت واشنطن ستعترف بالمجلس على غرار فرنسا، أم لا.

وشهدت الإدارة الأميركية انقساما خلال الأيام الماضية حول إصدار قرار جديد لمجلس الأمن يخول استخدام القوة. وبعد استماع أوباما إلى أفكار ومقترحات عدة خلال الأسبوعين الماضيين، عقد يوم الثلاثاء الماضي اجتماعا رفيع المستوى اتخذ خلاله قرار دعم التدخل العسكري. وبينما دعمت كلينتون هذا التحرك، كرر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس تحفظه على عمل عسكري قد يطول ويؤثر على الولايات المتحدة، خاصة من حيث المعارضة الداخلية لعملية عسكرية جديدة في البلاد.

ويذكر أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري كان من أكثر الداعمين للتدخل العسكري في ليبيا، وهو أول من طالب به. وقال كيري أول من أمس «لا يمكن للمجتمع الدولي أن يراقب من الهوامش بينما يلاقى الطموح للديمقراطية بالعنف المفرط». وأضاف «على المجتمع الدولي العمل الآن للاستجابة لطلب الجامعة العربية».

وأوضح مصدر دبلوماسي أميركي في نيويورك لـ«الشرق الأوسط» أن التوصل إلى هذا القرار كان يعتمد على «دعم الجامعة العربية ومجلس الأمن. قلنا منذ البداية لا نريد أن يظهر هذا التحرك بأنه هجوم غربي على دولة إسلامية». وأضاف «نحن ننسق العمليات الممكنة، وقد أظهرت الولايات المتحدة قيادة حقيقية خلف الكواليس للتوصل إلى هذه النقطة». ولفت إلى أن كثيرين في الإدارة الأميركية كانوا حذرين من تكرار تجربة العراق عام 2003، على الرغم من اختلاف التفاصيل، من حيث تحرك أميركي من دون مصادقة مجلس الأمن. وأضاف «لقد أظهرنا قدرة مكونات المجتمع الدولي على العمل معا وبمصادقة الأمم المتحدة».

وبعد إصدار مجلس الأمن القرار 1973 حول ليبيا، اتصل أوباما برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأوضح بيان للبيت الأبيض أن القادة «اتفقوا أنه على ليبيا الالتزام الفوري ببنود القرار، وأن استخدام العنف ضد المدنيين في ليبيا يجب أن يتوقف». وأكد بيان البيت الأبيض التنسيق والعمل مع «الشركاء العرب والدوليين حول ضمان تطبيق قراري مجلس الأمن حول ليبيا».