خطبة الجمعة في أكبر مساجد البحرين تطالب بقيام اتحاد قوي بين دول الخليج لمواجهة الأخطار

دعا إلى أهمية الوحدة الوطنية ولم الشمل بين أبناء البحرين سنتهم وشيعتهم

TT

دعا رجل دين بحريني إلى قيام اتحاد بين دول مجلس التعاون، لمواجهة الأخطار والتحديات المحدقة بالمنطقة، وذلك للمصير والهدف المشترك للمنظومة الخليجية.

وقال الشيخ عدنان بن عبد الله القطان، في خطبة الجمعة بجامع الفاتح، وهو أكبر مساجد البحرين، أمس، إنه يجب السعي الجاد والسريع لقيام اتحاد قوي ووثيق بين دول مجلس التعاون الخليجي، لمواجهة الأخطار والتحديات المحدقة بالمنطقة، مؤكدا أن مصير «دولنا الخليجية واحد، وهدفنا مشترك، ومن هنا فإننا نوجه نداء ونوجه رجاء لقادة مجلس التعاون، للإعلان قريبا، وقريبا جدا، عن قيام هذا الاتحاد بين دول التعاون، لأهميته وضرورته وحتميته، وبخاصة في الزمن العصيب الذي تمر به المنطقة».

ووجه القطان نداء إلى البحرينيين بمختلف فئاتهم وطوائفهم قائلا «يا أبناء البحرين جميعا، يا أبناء الوطن الواحد من سنة وشيعة وغيرهم، يا شعبا لطالما عاش آمنا متراحما متعاطفا متكاتفا (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)، كل منا مسؤول عما آلت إليه الأوضاع في بلادنا الآمنة، كل منا مسؤول عن كل قطرة دم سالت، عن كل طفل بكى فزعا، عن كل أم تفطر قلبها، عن كل فتاة صرخت خائفة، كل منا مسؤول عن قلوب مسها شيء بعد أن امتلأت حبا للناس جميعا. يا أبناء الوطن الواحد (لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)».

وأضاف «يا أبناء الجزيرة الصغيرة حجما، الكبيرة وطنا وعمقا، يا من شهد التاريخ بأخوتهم التي تجذرت وأثمرت وحدة في مشهد تعددي ما أروعه، يا من عاشوا معا سنين طويلة أسرة واحدة يستظلون بسماء البحرين الصافية، ويتنسمون عبيرها فوق أرض المحبة والإخاء (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، لنقف جميعا في وجه أمواج عاتية من الأخطار والتحديات، ممتثلين قول المولى جل في علاه (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا). يا كل من أسهم في بناء وطنه بفكره وعلمه، بساعده وعرقه، بلسانه وقلمه، قولوا جميعا وبصوت واحد لا لفرقتنا، لا للرجوع والتقهقر، نعم للأخوة والوحدة، نعم للمحبة والصفاء (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات). يا أهل البحرين الشرفاء الأوفياء، لنطالب جميعا بكل ما نريد بلا إفراط أو تفريط، ولتكن كلمتنا واحدة، لتجتمع القلوب ولا تتشتت الجهود وتضيع المكتسبات والمنجزات التي تحققت في الأعوام الماضية، ولنمتثل جميعا توجيه خالقنا في قوله (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)».

وشدد القطان على دور العلماء من أهل الدين وخاطبهم «يا أهل العلم من الخطباء والأئمة والفقهاء والدعاة، ويا دعاة الخير، اتقوا الله في وطنكم وفي شباب وطنكم، وكونوا للصلاح وإصلاح ذات البين، خذوا بالشارع المشتعل إلى الـتهدئة وضبط النفس والتسامح لتحقنوا الدماء وتحفظوا الأمن والأمان، ولا تعرضوهم للتهلكة، فهذا دوركم وتلك مسؤوليتكم التي تحملتموها يوم أن عزمتم حمل راية العلم والدعوة إلى الله (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)». وطالبهم بالتصدي لآفات التفرقة والشحناء والطائفية والفئوية والحقد من خلال الوعظ والإرشاد والنصح في جميع المحافل العبادية والاجتماعية والتعليمية.

ودعا إلى تجديد الخطاب الدعوي بما يتواكب مع احتياجات فئات المجتمع، لا سيما الشباب منها، وبما يسهم في التقريب والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، والمحافظة على الأصول والثوابت، ومعالجة التقوقع المذهبي والمرض الطائفي الذي بدأ ينتشر بين الناس.. «حققوا للأمة وحدتها بإخلاصكم لدينكم وأمتكم ووطنكم، كونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر دعاة مصلحين وعلماء ربانيين يقولون بالحق وبه يعدلون، حققوا أمر الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)، وكونوا ممن وصفهم سبحانه بقوله (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)».

وقال القطان وهو يخاطب المصلين الذين اكتظ بهم جامع الفاتح «ينبغي أن نؤكد دوما وأبدا على نهج مملكة البحرين وقيادتها في الحفاظ على الأمن والأمان والاستقرار والسلم الأهلي، انطلاقا من إيمانها بحرمة النفس البشرية، ووجوب حماية الأنفس والأرواح من كل ما يهدد أمنها وسلامتها. وتأسيسا على المقاصد الإسلامية للشريعة الغراء في ضروراتها الخمس بحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال؛ فإننا نؤكد على أن مملكة البحرين كانت وما زالت تنهج كل السبل الموصلة إلى حقن الدماء، وحماية الأرواح، والحفاظ على الأنفس والممتلكات والمقدرات»، مضيفا أن حياة الإنسان ومعيشته مرتهنة بأمنه واستقراره واطمئنانه؛ لذا يجب التأكيد على أن الأمن والأمان والاستقرار مطلب الجميع كما هو ثابت في نصوص الشريعة الغراء، حرصا على الجميع، وصيانة وحماية لكل من يعيش على أرض مملكة البحرين.

وأكد أن «البحرين كانت وما زالت تتعامل مع الجميع من منطلق المسؤولية دون تفريق أو انحياز أو تعمد استهداف فئة دون أخرى؛ بل إنها عملت وما زالت تعمل على تحقيق الوحدة والتلاحم، ونبذ الفرقة والخلاف، والقضاء على كل ما يكدر صفو الألفة والمحبة والأخوة، التي جمعت وما زالت تجمع بين أطياف المجتمع البحريني في نسيج أسرة واحدة».