توقعات بحل أزمة السكن خلال 3 أعوام

الملك عبد الله يأمر ببناء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 66.6 مليار دولار

يتوقع خبراء عقاريون انخفاض أزمة السكن مع قرارات خادم الحرمين الشريفين في تعزيز معالجة هذا الملف (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقع خبراء العقار والإسكان في السعودية أن يسهم القراران الملكيان القاضيان ببناء 500 ألف وحدة سكنية بجميع المناطق السعودية وتخصيص مبلغ 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، وقرار رفع الحد الأعلى للقرض من الصندوق العقاري إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) في انتهاء أزمة المساكن في السعودية بشكل كامل خلال 3 سنوات.

كما توقع الخبراء انخفاض أسعار العقارات والإيجارات في الوحدات السكنية إلى أكثر من 30%، وانخفاض نسب السعوديين المستأجرين إلى 20%.

وأكد محمد الفايز، وزير الخدمة المدني، لـ«الشرق الأوسط» أن زيادة القرض إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) من 300 ألف ريال (80 ألف دولار)، ستشمل شريحة كبيرة جدا من المواطنين، خصوصا مع زيادة الأسعار وظروف الحياة، ومثل هذا القرار سيدعم المواطن في بناء مسكنه واستقراره مع تغير الأسعار وظروف الحياة.

من جهته، قال شويش المطيري، محافظ الهيئة العامة للإسكان: إن القرار الملكي سيعمل على إحداث نقلة نوعية في قطاع تنمية الإسكان، مشيرا إلى أن مبلغ 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) سيحقق قفزة كبيرة جدا في تنمية الإسكان.

وأكد المطيري أن الآلية هي إيجاد الأراضي الحكومية في مختلف مدن المملكة، وفي حال لم توجد يتم اتخاذ الحلول من خلال التعاون مع وزارة المالية لإيجاد حل في تطوير المساكن التي ستعمل على نقلة في القطاع الإسكاني بشكل عام.

وبحسب الدكتور عبد الله المغلوث، الباحث والخبير العقاري وعضو اللجنة العقارية بالغرفة الصناعية والتجارية بالرياض، فإن القرارات جاءت تتويجا من الملك وتلمسه حاجة المواطنين وسد احتياجهم للمساكن في ظل تزايد النمو السكاني.

وأضاف المغلوث أن القرارات ستسهم بشكل كبير في تراجع الأسعار في السوق العقارية إلى المعقول خلال السنتين المقبلتين بواقع 30%، متوقعا ألا يكون بعد هذه الفترة أي ضغط على الإيجارات للوحدات السكنية، الأمر الذي سيسهم في انخفاض أسعار إيجاراتها في ظل زيادة المعروض.

وبيَّن أن قرار رفع الحد الأعلى للقرض من الصندوق العقاري إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) سيسهم هو الآخر في دفع عجلة البناء والنمو بعد الارتفاع في أسعار البناء والمقاولات وسيسهم أيضا في خفض قوائم الانتظار وسيسهم في دفع نحو 25 ألف قرض هذا العام.

من جهته، قال عبد الله الأحمري، رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة: إن القرارات جميعها صبت في مصلحة المواطن بالدرجة الأولى ومست جميع الجوانب الصحية والإسكانية والوظيفية، متوقعا انتهاء الأزمة السكانية في المملكة بعد تلك القرارات خلال 3 سنوات وللأبد، وخفض أسعار الأراضي البيضاء داخل المدن وتجبر ملاكها على بيعها.

كما توقع الأحمري أن تشهد أسعار الوحدات السكانية المستأجرة والمعروضة للبيع انخفاضا كبيرا بسبب توافر المنازل وانخفاض نسبة المستأجرين السعوديين إلى 20% واقتصار التأجير على المقيمين، إلا أنه استدرك بالقول: «إن ذلك كله سيتم تدريجيا، وهو ليس نهاية الطفرة العقارية بل إعادتها إلى طبيعتها، خصوصا في ظل العروض التي يقدمها المطورون العقاريون ببناء فيلا متكاملة من دور واحد بمبلغ 500 ألف ريال، وهو المبلغ الذي يعد كافيا لهذا الغرض».

إلى ذلك، قال حمد الشويعر، رئيس اللجنة العقارية لمجلس الغرف السعودية: إن القرارات جاءت في صالح المواطن لحل أزمة الإسكان، وإعادة الاستقرار إلى السوق العقارية وينعش أسواق التطوير العقاري ويحل أزمة المساكن.. إلا أنه استدرك: قد تواجه هيئة الإسكان مشكلة في إيجاد الأراضي المخصصة، وتوقع أن يتم حلها من خلال تضافر الجهود بين البلديات.

وقال منصور أبو رايش، رئيس اللجنة العقارية بغرفة مكة: «إن القرارات دفعة قوية لحل مشكلات المواطنين في السكن، ورفع القروض هو نقلة نوعية لاختلاف الأسعار وترجمتها إلى عطاء».

وأشار أبو رايش، في الوقت ذاته، إلى تأثيرات القرارات على السوق العقارية من حيث نمو الطلب على قطع الأراضي المتوسطة وتراجع أسعار الوحدات السكنية المستأجرة خلال الـ3 سنوات المقبلة إلى أسعارها الطبيعية من 15 إلى 20 ألف ريال.

وسجلت السوق العقارية نشاطا طفيفا خلال الأيام الماضية، وذلك بعد أن تم الإعلان عن دعم صندوق التنمية العقاري بـ40 مليار ريال (10.6 مليار دولار) لنحو 133 ألف مواطن، وتسريع عجلة الانتظار لـ585 ألف طلب مسجل في قوائم الانتظار لدى البنوك.

وتوقعت جهات عقارية أن تشهد السوق العقارية حراكا واسعا؛ نظرا للقرارات والأنظمة التي دعمت السوق العقارية، مشددين على ضرورة الإسراع في إدخال الخدمات للبنى التحتية في المخططات الواقعة خارج نطاق العمران، لزيادة الفرص للمقبلين على الشراء والحد من ارتفاع الأسعار.

وتوقع عبد الله الأحمري، رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن عملية البيع والشراء في محافظة جدة ستشهد حراكا كبيرا خلال الأيام المقبلة بعد صدور قرارات خادم الحرمين الشريفين، التي ضخت مبالغ كبيرة جدا من شأنها تسهيل كل الإجراءات وتسريع عجلة قوائم الانتظار في صندوق التنمية العقاري.

واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان أبو حليقة أن ملف الإسكان بما يمثله من ثقل وتشعبات ومساس بحياة المواطنين السعوديين كان من أبرز الملفات التي تولاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كمبادرة متكاملة وبصورة مؤسسية. ويضيف: نتج عن الاهتمام والعناية بهذا الملف إنشاء الهيئة العامة للإسكان كخطوة أولى، بعد ذلك تم تكليف هذه الهيئة بالإشراف على مشاريع الإسكان الشعبي وجميع الأراضي المخصصة لها والمشاريع الموجهة لهذا القطاع.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه تم تكليف الهيئة أيضا بإعداد دراسات واستراتيجيات عامة للإسكان في السعودية، للتعرف على أبعاد هذه المشكلة وإيجاد الحلول لها.

ووصف المشروع، الذي أعلن عنه أمس ضمن القرارات الملكية، وهو بناء 500 ألف وحدة سكنية بـ250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، بأنه مشروع ضخم سيتم تنفيذه على عدة سنوات، وقال أبو حليقة إنه يعادل ما تم بناؤه بقروض عقارية من صندوق التنمية العقارية منذ إنشائه حتى الآن. وتابع: سيمثل هذا المشروع عند اكتماله ما يوازي ربع المساكن في السعودية. وقال: إن الحكومة السعودية وضعت له الآلية التمويلية التي تضمن تنفيذ هذا المشروع الطموح.

وسيتوجه هذا المشروع الضخم إلى الشرائح التي لا تستطيع بناء مساكن من المواطنين من الطبقة دون المتوسطة، وهي شريحة مهمة من المواطنين، كما يفتح المجال أمام مشروع الرهن العقاري مستقبلا لكي لا تكون له آثار سلبية؛ لأن إطلاق هذا المشروع سيكون للشريحة محدودة الدخل وغير المستقرة ماديا.

ويشير إلى أن هذه القرارات ستسهل كثيرا من عمليات التملك للمساكن، فضخ 500 ألف وحدة وزيادة القروض بنسبة أكثر من 66% سيسهمان في خلق فرص كبيرة لدى الشباب السعوديين.

ولمح الخبير الاقتصادي إلى أن أي نشاط اقتصادي يترافق معه عادة تضخم اقتصادي، لكن في مقابل ذلك سيكون لهذه القرارات من رفع حد الإقراض الإسكاني انتعاش كبير في قطاع التشييد والبناء سواء للأيدي العاملة أو لمواد البناء أو للمكاتب الهندسية.

ولفت أبو حليقة إلى أن توفير الأراضي هو الجزء الحرج ومحور ارتكاز القرارات التي توجهت إلى القطاع الإسكاني، والخوف أن تتضخم أسعار الأراضي مع صدور هذه القرارات، وقد أخذ القرار المتعلق بـ500 ألف وحدة سكنية في حيثياته التوجيه بتوفير أراضٍ حكومية لهذا المشروع الضخم، ونصت القرارات على التنسيق، ونصت على آلية لتوفير الأراضي بين الهيئة العامة للإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وإشراك أمراء المناطق ورفع تقارير خاصة بالمشروع، وكلها تتعلق بتوفير الأراضي. واعتبر الخبير الاقتصادي أن التنسيق لتوفير أراض حكومية للمشروع هو الجزء الحرج في المشروع، فهناك وفرة من المبالغ النقدية في مقابل قلة في الأراضي.

وقال أبو حليقة: إن الوقت مهم في هذا المشروع، فتوفير الأراضي كان يفترض أن يتم قبل تحديد المبالغ لهذا المشروع العملاق.

وشدد الخبير الاقتصادي على أن التوجيه بضرورة رفع تقارير ربع سنوية (كل 3 أشهر) عمَّا تم إنجازه إشارة مهمة وضرورية، لافتا إلى أن هناك أفكارا قيمة جدا ومهمة في هذا الاتجاه، منها: تطوير الأراضي بشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي، وإيجاد آلية لذلك، ومن هذه الطروحات أن يتولى القطاع الخاص تطوير الأراضي الحكومية على أن يدفع المواطن الذي يتملك الأراضي قيمة التطوير التي تقدر في الفترة الحالية بما ين 50 و70 ريالا «13 و18 دولارا) للمتر المربع.

وأوضح الدكتور طارق فدعق، عضو لجنة الإسكان في مجلس الشورى، أن رفع الحد الأعلى للقروض 500 ألف ريال وتوفير 500 ألف وحدة سكنية لجميع مناطق المملكة يعتبر من أهم الأجزاء في الدعم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين ويعتبر بادرة جديدة في تاريخ المملكة لتوفر الحد المعقول للمواطن للشراء وبناء وحدات سكنية، خاصة أن الإسكان يمثل تحديا كبيرا للمملكة، ومشكلة تعانيها الأسر حديثة العمر، ويعتبر أزمة كبيرة للكثير من المواطنين وابتداء من أمس فهي في طريقها إلى الزوال.

وبيَّن فدعق أن أزمة الإسكان ستنتهي والأثر بدأ منذ أول يوم من إطلاق القرارات لمعرفة ملاك العقار أن هناك منافسة كبيرة وضخمة بتوفير الرقم الكبير من الوحدات السكنية، وسرى انخفاض في الأسعار نتيجة هذا التنافس والعرض الإسكاني الكبير.

وأضاف عضو مجلس الشورى: هناك الدارسة الموجودة في مجلس الشورى بأن متوسط تكلفة الوحدة التي تبنى من قبل الهيئة العامة للإسكان في حدود 420 ألفا، فالقرار الملكي الذي ضخ 250 مليارا لبناء 500 ألف وحدة سكنية سيخفض من القيمة السابقة لتكلفة الوحدات السكنية.

وأشار فدعق إلى أن قبل صدور القرار كان المعيار الأساسي للوحدة السكنية هو 300 ألف ريال؛ لأن هذا كان مقدار قرض صندوق التنمية العقارية، وأيضا لدى الهيئة العامة للإسكان، فأصبح هناك انتعاش في السوق ومجاراة في الأسعار الموجودة في السوق ومجاراة متطلبات الأسرة السعودية.

من جهته، قال المهندس محمد بابحر، الخبير العقاري والمثمن المعروف: إن القطاع العقاري يعتبر أحد أهم أركان الاقتصاد المحلي ويحتل المرتبة الثانية في مكونات الاقتصاد الوطني بعد قطاع البترول، ولا شك أن هذه القرارات تأتي في إطار حرص خادم الحرمين الشريفين على مواطنيه بالدرجة الأولى وتوفير سبل الراحة والرخاء، وتأمين 500 ألف وحدة سكنية سيؤدي إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار في العقارات والإيجارات، وهذا ليس في صالح أطراف القطاع العقاري.

وأكد أن القطاع العقاري مقبل على نقلة نوعية كبيرة في المرحلة المقبلة وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الوطني، مشيرا إلى أهمية تجاوز التمويل في هذا القطاع الحيوي والمهم إلى التغلب على مشكلات التمويل للقطاع العقاري من خلال الصناديق المتخصصة أو من خلال الجهاز المصرفي والتركيز بقوة أكبر على تأهيل الكوادر الوطنية التي يحتاجها القطاع العقاري في مراحله المختلفة.