«الطساس» و«النباش» و«التبديل».. مهن غريبة يفرضها العوز والفقر في العراق

صبي في العاشرة ينبش في مكبات القمامة: مهنتي جلبت علي أمراضا كثيرة

TT

كثيرة هي المهن التي ظهرت في فترة الحصار في العراق وامتدت بعد سقوط النظام وتلقى رواجا أكثر نتيجة الظروف التي ألمت بالبلاد من قتل وتدمير وخلفت أعدادا لا حصر لها من الأيتام والأرامل الذين يعيشون تحت خط الفقر، فاضطروا لممارسة هذه المهن لعدم وجود بديل.

علي، البالغ من العمر 11 سنة والساكن في بغداد، يمتهن بيع العلب المعدنية من علب البيبسي والسفن والكولا وغيرها من المشروبات. ويقول لــ«الشرق الأوسط» إنه منذ نعومة أظفاره كان يخرج مع أمه لجمع هذه العلب «فهي باتت مصدر رزق لنا ولكن بعد أن أقعد المرض أمي خرجت أنا». ويضيف: «الأماكن التي تتوفر بها العلب المعدنية هي الكافتيريات والمطاعم ولكن أكوام القمامة والنفايات هي الأفضل لذلك نحن دائما نبحث فيها». وعن المردود يقول علي: «يصل سعر الكيلو إلى 500 دينار وأحصل في اليوم على خمسة آلاف دينار (نحو 3 دولارات)».

ويوضح علي أن هناك تسميات كثيرة أطلقت على هذه المهنة فالذي يجمع العلب المعدنية يسمى «الطساس» والذي يجمع العلب من النفايات بعد نبش الأزبال يسمى «النباش» مثل الذي ينبش القبور. ويقول إن هذه المهن جلبت له الكثير من الأمراض الجلدية والحساسية لأنها على علاقة بالأوساخ والأزبال والنفايات التي تحمل الكثير من الجراثيم ولكن لا بديل عنها.

«أم أحمد» أتعبتها ما تسمى بمهنة «التبديل» وطرق أبواب المنازل لتقوم بتبديل الأواني الزجاجية والأقداح والكؤوس بأدوات كهربائية وملابس لكي تجمعها وتبيعها في سوق شعبية في منطقتها «مدينة الصدر». وقالت: «منذ الحصار وأنا أعمل في هذه المهنة وعند سقوط صدام فرحنا كثيرا وتصورنا أننا سوف نعيش حالة من البذخ والخير وكنا كثيرا ما نحلم بأن تكون لنا ما تسمى حصة النفط على اعتبار أننا من الدول النفطية أسوة بغيرنا لكن بقى الوضع كما هو عليه». وتضيف أم أحمد: «لقد كان لهذه المهنة آثار سيئة على صحتي فقد عانيت من التهاب وسوفان المفصل لكثرة المشي وحرقت الشمس بشرتي».

أما إبراهيم الذي كان يعمل سائق سيارة أجرة قديمة فقرر بسبب الازدحام ونقاط التفتيش الكثيرة ترك المهنة ليتجه إلى بيع البنزين فهو يذهب إلى المحطة لجلب البنزين ويخزنه في البيت ليبيعه للبيوت التي تحتاج إلى وقود لتشغيل المولدات. ويقول إبراهيم: «لا توجد لي فرصة عمل وأنا محتاج لأن عندي ثلاثة أطفال». وأضاف: «أخي كذلك كان يعمل في هذه المهنة ولكنه تركها بعد أن أحترق بيته وتوفي ابنه نتيجة خزنه للبنزين في البيت».