تونس: مليون علم تونسي احتفالا بعيد الاستقلال

لأول مرة تغيب صور بن علي

TT

احتفلت تونس بالذكرى 55 لعيد استقلال تونس لأول مرة بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بطريقة هادئة، ونشر شبان متطوعون مليون علم تونسي على الأعمدة الكهربائية للشارع الرئيسي في العاصمة في إشارة إلى حب تونس، وانطلقت العملية منذ مساء يوم السبت وتواصلت خلال الساعات الأولى من صباح يوم الاستقلال الذي يصادف 20 مارس (آذار) من كل سنة.

وخلت الشوارع لأول مرة منذ 23 سنة من مظاهر الاحتفال المشطة التي رافقت نظام بن علي، ولم تزين شوارع العاصمة التونسية إلا بالعلم التونسي. وغابت صور الرئيس لأول مرة كذلك، كما اختفت الأعلام واللافتات المكتوبة والملونة باللون البنفسجي، اللون المفضل لابن علي. كما اختفت صوره وعبارات الاعتراف بالجميل لصانع التغيير التي دأبت هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم، على توزيعها على مختلف شوارع العاصمة وبقية مدن البلاد. وخلقت أجواء من الارتياح بعد إزاحة بن علي من الحكم في الرابع عشر من يناير (كانون الثاني) من السنة الحالية.

وحول حركة المليون علم تونسي قال الشاب الجامعي صابر الهمامي لـ«الشرق الأوسط»، إن الرسالة واضحة للغاية، فكل التونسيين يجمعون على حب تونس، وهذا لا يختلف فيه أحد مع الآخرين. نريد أن تذهب ملايين الدنانير التي كانت تصرف على الأعلام واللافتات وعبارات الشكر والامتنان لابن علي، في اتجاه تشغيل الشباب العاطل عن العمل، وفي اتجاه تنمية المناطق التي اندلعت من أجلها الثورة التونسية.

وحول الاحتفال بالذكرى 55 لاستقلال تونس ودعوة بعض التونسيين إلى إلغاء الفترة التاريخية لابن علي وربما يطال الإلغاء فترة بورقيبة باعتبار تكامل العهدين، قال خالد عبيد، أستاذ التاريخ السياسي المعاصر بالجامعة التونسية في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يجب في كل الأحوال إلغاء كل الأحداث التي مرت خلال الفترتين الماضيتين، رغم المساوئ التي رافقتهما وخاصة عهد بن علي». وتابع: «المقارنة لا تجوز بين بن علي وبورقيبة، فالأخير يحبه الكثير من التونسيين ويذكرون له تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي، أما عهد بن علي فهو مظلم تماما وهذا لا يعني إلغاءه من عداد التاريخ، بل علينا غربلته واستخلاص الكثير من الدراسات العلمية التاريخية منه». عبيد قال أيضا إنه من الخطأ شطب كل الفترة الماضية وبداية التاريخ من 14 يناير، تاريخ الإطاحة بابن علي.

ويأتي الاحتفال بالذكرى 55 لاستقلال تونس وسط تجاذبات سياسية كثيرة بين اليمين واليسار وتخوفات عبر عنها كثير من القوى السياسية وترجمتها الخلافات الكثيرة التي شهدتها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي عرقل أول اجتماع لها ووجهت لها اتهامات حول تركيبتها، حيث إن معظم الشخصيات الوطنية المكونة للهيئة لم تحسم انتماءها إلى عهد بن علي وهي إلى جانب ذلك معروفة بتوجهها العلماني كما قالت تيارات إسلامية.

وفي محاولة لخلق أرضية تعايش مشترك بين مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي بعد بن علي، دعت مجموعة من الشخصيات الحقوقية والمستقلة إلى «وثيقة لالتزام ديمقراطي وطني» تكون بمثابة إحدى ضمانات إنجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي. واحتوت الوثيقة بالخصوص على دعوة لتجاوز الجدل الحالي حول فصل الدين عن الدولة، وفصل الدين عن السياسة أو كذلك النقاش الدائر حول الهوية العربية الإسلامية لتونس. الموقعون على الوثيقة ناشدوا رئيس الحكومة المؤقتة «وضع ضمانات قوية وواضحة وملزمة لكي يكون دستور تونس المقبل ديمقراطيا حاميا للحريات الفردية والجماعية معبرا عن مبادئ ثورة الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة وجامعا لكل التونسيين بقطع النظر عن انتماءاتهم».

كما دعا الموقعون إلى تحويل الالتزام إلى وديعة لدى ثلاثة أطراف تتعهد بحمايته من الانتكاس وهي رئيس الجمهورية المؤقت وطرف يمثل القضاء التونسي مؤقتا لدى رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة.