حماس تصر على حوار قبل تشكيل حكومة.. وفتح تنتظر جهود الجامعة العربية

تصريحات قيادي حماس تثير شكوكا كبيرة حول إمكانية زيارة الرئيس الفلسطيني لغزة

أطفال إسرائيليون في مستوطنة «غيفات عساف»، غير الشرعية، القريبة من رام الله يلعبون مرتدين ألبسة تقليدية للاحتفال بعيد بوريم اليهودي (إ.ب.أ)
TT

في وقت يخطط فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لزيارة غزة الأسبوع المقبل، بانتظار رد إيجابي من حركة حماس حول مبادرته التي أعلن فيها أنه مستعد للذهاب إلى غزة لتشكيل حكومة مستقلة وحيادية، مهمتها إجراء انتخابات عامة، بعد 6 أشهر، تلقي تصريحات قياديين في حماس شكوكا كبيرة حول نجاح مبادرة أبو مازن.

ويشترط أبو مازن لإجراء زيارته إلى غزة قبل حماس تشكيل حكومة مستقلة، ولا ينوي الرجل خوض أي حوار مع الحركة. وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أبو مازن لن يقبل ولن يفتح أي ملف على الإطلاق. غير أن هذه المبادرة رفضت كما يتضح من تصريحات قياديي حماس الذين يصرون على إجراء حوار والاتفاق على مصالحة قبل تشكيل حكومة الوحدة، وليس كما يطرح أبو مازن. وجاء الرد الأول عبر محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحركة حماس الذي شن هجوما عنيفا على أبو مازن، قائلا إنه «وبطانته» لم يفهموا أو يستوعبوا الدرس بعد، شأنهم شأن كثير من «الطغاة والمستبدين»، الذين لم يفهموا أو «فهموا» متأخرين بعد فوات الأوان.

وأضاف نزال في تصريح صحافي مكتوب: إن «القول إن زيارة عباس تهدف إلى تشييع الانقسام، وليس للبحث في كيفية إنهاء الانقسام، هو منطق غريب ومقلوب، إذ إن التشييع هو عملية دفن الميت، ولا يمكن أن تتم هذه العملية، في حالة الوجود والحياة، فكيف لنا تشييع الانقسام، وهو لا يزال حيا يرزق، تمده الأطراف المعروفة بأسباب البقاء والحياة». وطالب نزال بـ«قتل» هذا الانقسام، حتى يتم تشييعه. معتبرا الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، والدعوة إلى الانتخابات، لن ينهي هذا الانقسام، بل سيزيده اتساعا. وتساءل نزال، «إذا كانت وصفة الحل وخارطة الطريق، تكمن في الانتخابات، فلماذا لم تتحقق في آخر انتخابات تم إجراؤها عام 2006؟ وماذا لو فازت فيها حركة حماس مرة أخرى؟ إلا إذا كانت النية هذه المرة، أن تفوز فيها حركة فتح». ونفى نزال أن يكون الحوار سيتحول إلى حوار طرشان، وقال إن الحوار السابق في القاهرة كان معمقا. متهما «الراعي» السابق، بالانحياز لفتح، و«الضلوع في اللعبة الإقليمية – الدولية، لإخراج حماس من المشهد السياسي».

وجدد نزال موقف حماس، بالدعوة إلى «حوار فلسطيني شامل وجاد على أرضية سياسية واضحة تكون المقاومة ضد الاحتلال ركيزتها، وتنهي التنسيق الأمني الذي يحاصرها ويقمعها، على أن يتم تحديد سقفه الزمني». مؤكدا أن الحوار هذه المرة، «سيكون بمنأى عن الضغوط المباشرة، التي كان يمارسها الراعي، الذي أصبح في ذمة الله».

وهذا الموقف، يأتي بينما يبحث وفد رفيع من فتح في القاهرة، يرأسه عضو اللجنة المركزية، عزام الأحمد، مع الجامعة العربية، سبل ترجمة مبادرة الرئيس عباس على الأرض من خلال تدخل الجامعة وممارستها ضغوطا على حماس.

ومن المقرر أن تبدأ الجامعة العربية اتصالات مع حماس، لحملها على إنهاء الانقسام. وستنتظر فتح نتائج هذه الاتصالات، وردا رسميا من حماس.

وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، أمس، أن حركة فتح مصممة على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة بين شطري الوطن مهما كلفها ذلك من تنازلات. وقال زكي للصحافيين في رام الله: «إن الدعوة التي أطلقها الرئيس محمود عباس هي دعوة صادقة لزيارة غزة لإنهاء الانقسام، ونتمنى على حماس التجاوب السريع لموقف الرئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني».

ويعتقد كثيرون في فتح أن موقف حماس في غزة قد يكون مختلفا عن موقفها في الخارج، غير أن تصريحات الحكومة المقالة التي يرأسها إسماعيل هنية في غزة، صبت في نفس الاتجاه الذي ذهب إليه نزال. وقال طاهر النونو، المتحدث باسم الحكومة المقالة، «نحن رحبنا باستجابة الرئيس أبو مازن لمبادرة إسماعيل هنية، وقلنا لا يمكن وضع العربة أمام الحصان. الحوار أولا تنتج عنه حكومة فلسطينية ونحن مع الحوار الشامل الذي يؤدي إلى إنهاء الانقسام وليس العكس، فقد جربنا في حكومة الوحدة تشكيل الحكومة وتأجيل الحوار، ولم يؤد إلى استقرار كامل وإنما حدث بعده انقسام».

ولم تذهب كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس بعيدا عن هذا الموقف، ورهن الناطق الإعلامي باسم الكتائب، أبو عبيدة، نجاح زيارة أبو مازن إلى غزة، بإطلاق سراح مئات المعتقلين السياسيين في سجون السلطة بالضفة الغربية. ونقلت صحيفة «الرسالة» الموالية لحماس عن أبو عبيدة قوله: «إنه عار على جبين سلطة فتح أن تتحدث عن المصالحة، وهي تعتقل المجاهدين، وتحمي الاحتلال من خلال التنسيق الأمني معه». مضيفا «للأسف عباس لا يجد من يصدقه، لأن أجهزته الأمنية تعتقل المقاومين الشرفاء وتستمر في استدعائهم وملاحقتهم من خلال التنسيق الأمني مع الاحتلال». ووصف أبو عبيدة مبادرة أبو مازن، بأنها «ستبقى فقط مجرد فقاعات وحبر على ورق إذا لم تكن مصدقة ومشفوعة بأداء وطني على الأرض من خلال وقف الاعتقال السياسي والملاحقة الأمنية للمقاومين ووقف التنسيق مع الاحتلال».