أوغلي يدين استخدام القوة.. وموسى يعبر عن انزعاجه لقمع المسيرات السلمية باليمن

المعارضة ترفض «حالة الطوارئ».. والحكومة تدين الحادث «الأليم»

صورة ترجع لأوائل الشهر الحالي ليمنيين من احدى القبائل يجلسون في خيمة أقاموها بعد انضمامهم للمتظاهرين في العاصمة صنعاء احتجاجا على نظام الرئيس علي عبد الله صالح (إ. ب. أ)
TT

أدان أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، استعمال القوة والعنف المفرط ضد المسيرات السلمية في اليمن، ولفت بيان صحافي للأمين العام للمنظمة إلى أن استخدام القوة ضد تلك المسيرات قد أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين اليمنيين. وطالب إحسان أوغلي السلطات اليمنية بالتحقيق في هذه الأحداث المؤسفة ومحاكمة المتسببين فيها.

من جهة ثانية، جددت منظمة المؤتمر الإسلامي موقفها الثابت والداعم لوحدة اليمن واستقراره وأمنه وسلامة أراضيه، وأكدت في الوقت نفسه ضرورة اللجوء إلى الحوار لإيجاد الحلول السلمية للأزمة الراهنة في اليمن.

وفي موضوع ذي علاقة، عبَّر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن انزعاجه الشديد من الموقف القائم في اليمن، وسقوط ضحايا كثر بإطلاق النار عليهم، واصفا ذلك بأنه في غاية الخطورة. وقال موسى، في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس الأحد عقب جلسة مباحثات بمقر الجامعة العربية، مع رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك، في تعليقه على الأوضاع في اليمن: «نحن منزعجون جدا بسبب الموقف في اليمن وما وصل إلينا من سقوط ضحايا كثر بسبب إطلاق الرصاص عليهم من أفراد موجودين فوق أسقف المنازل». ووفقا لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا» فقد وصف موسى الوضع في اليمن بـ«الخطير للغاية». وأضاف: «قد تحدثت في هذا مع الدكتور أبو بكر القربي، وزير خارجية اليمن، منذ يومين، وسيكون هذا جزءا من المشاورات الحالية لعقد اجتماع لمجلس الجامعة لمتابعة الأوضاع عموما في العالم العربي؛ حيث يوجد في أكثر من مكان في الدول العربية الكثير من المظاهرات وربما أيضا المواجهات». وقال: «الحمد لله أن المواجهات ليست في الدول كلها». وشدد موسى على «ضرورة حماية الأطقم الصحافية وتركهم لتأدية مهامهم الإعلامية والسماح لهم بحرية الحركة؛ لأنهم ينقلون للرأي العام العربي ما يحدث في كل مكان».

وفي موضوع آخر جُرح جنديان بمأرب في هجوم لقبيلة آل شبوان على موقع عسكري بمنطقة صحن الجن، ودمر مسلحون من القبيلة 3 أبراج كهرباء، مما تسبب بانقطاع الكهرباء في معظم عموم المحافظات، بينما قصف الجيش منازل القبيلة بالمدفعية وحلق الطيران بأجواء مأرب. تأتي هذه التطورات بعد خروج حملة عسكرية من الجيش والأمن برفقة فريق فني لإصلاح أنبوب النفط الذي قامت آل شبوان بتفجيره منذ الأسبوع الماضي، وهو ما ترفضه القبيلة المطالبة بالكشف عن المسؤولين عن مقتل الأمين العام للمجلس المحلي بمأرب، الشهيد جابر الشبواني.

ويعاني اليمن موجة احتجاجات في عدد من المحافظات والمدن اليمنية، مطالبة بتغيير النظام، ويحاول تثبيت هدنة هشة مع الحوثيين في الشمال، بالإضافة إلى مواجهة حركات انفصال في جنوب البلاد.

اعتبرت أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» إعلان حالة الطوارئ في «حكم العدم»؛ لأنها أعلنت من قبل «نظام فقد شرعيته الدستورية بخروج الملايين من اليمنيين إلى الشارع للمطالبة برحيله ثم بإقدامه على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، على حد قولها، وأضافت أن حالة الطوارئ تعتبر «اعتداء على حقوق المواطنين وحرياتهم»، وأنها «جرائم تضاف إلى الجريمة الإرهابية التي ارتكبها علي عبد الله صالح يوم الجمعة الماضي عن عمد وسبق إصرار وترصد وبأسلوب ينبئ عن نفسية متعطشة للدماء، لا لشيء وإنما إرضاء لشهوة مجنونة للبقاء على كرسي السلطة بأي ثمن كان»، حسب تعبيرها في بلاغ صحافي صادر عنها، اتهمت فيه المعارضة الرئيس صالح، شخصيا، وأقاربه بـ«ارتكاب جريمة العدوان الإرهابي المتعمد ضد المعتصمين في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء في جمعة الكرامة بهدف إيجاد المبرر لإعلان حالة الطوارئ».

وأضافت أن إعلان حالة الطوارئ يستهدف «الزج بالقوات المسلحة للمشاركة في جريمة سفك الدماء، والانقلاب على الدستور وأسس النظام السياسي»، وأن الحكومة اليمنية اقترحت مشروع قانون للطوارئ وأن البرلمان ستوكل إليه مهمة إقرار المشروع على الرغم من أنهما، الحكومة والبرلمان، حسب المعارضة «فقدا شرعيتهما تبعا لفقدان الرئيس شرعيته». ودعت أحزاب اللقاء المشترك أعضاء البرلمان إلى عدم المشاركة «في التصويت على قتل اليمنيين، وألا يمنحوا شبهة الشرعية لممارسة القتل والسطو على الممتلكات»، داعية إياهم لإعلان «استقالتهم من المجلس لعدم شرعيته»، كما دعت القوات المسلحة والأمن إلى «الوقوف إلى جانب الشعب ورفض المشاركة في سفك الدماء»، متوجهة بالنداء إلى المجتمع الدولي «لتحمل مسؤوليته لحماية الحق في الحياة لليمنيين».

في السياق ذاته، أصدرت قوى سياسية واجتماعية وشخصيات في داخل اليمن وخارجه، أمس، بيانا حيوا فيه «ثورة الشباب»، ودعوا «كل من لا يزال يمت بصلة إلى النظام مباشرة أو بطريقة غير مباشرة من رموزه أو أتباعه أن يتخلى عن هذا الارتباط أو الصلة». وقالوا إن من لم يغادر موقعه الآن «فإن شعبنا سوف يعتبره شريكا في هذه المجازر أو مؤيدا لها أو راضيا عنها أو حتى متغاضيا عن حدوثها»، وقال البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن الموقعين عليه يرفضون «رفضا قاطعا أي حوارات أو مفاوضات أو وساطات أو مبادرات أو صلات مع هذا النظام بصورة مباشرة أو غير مباشرة»، من قبل وبعد كل «ما ارتكب من مجازر»؛ وذلك لأن النظام «يستغل ذلك ليرتكب المزيد من المجازر لأمله وظنه الكاذب والخادع والآثم في البقاء وشراء الوقت ولو بضعة أشهر»، حسب البيان الذي، أكد مصدروه أنه «لن يقبل من هذا النظام إلا الرحيل الفوري والكامل.. ولن يقبل شعبنا أن يتولى أي من رموز هذا النظام؛ فالقضية ليست شخصية مع علي عبد الله صالح وإنما مع منظومة النظام كاملا.. وما علي عبد الله صالح إلا رمزها الأول».

وطالب البيان، الذي وقعت عليه عشرات الأحزاب والمنظمات الحقوقية والشبابية وأكثر من 200 شخصية صحافية وحقوقية ووطنية، بـ«محاكمة عادلة لهذا النظام ولمرتكبي الجرائم والقائمين والموافقين عليها والساكتين على ارتكابها من رموز هذا النظام وستتم ملاحقتهم محليا ودوليا ليقتص منهم شعبنا عبر محاكمة عادلة»، ودحضوا ما يطرح من أن إسقاط النظام «ستترتب عليه فوضى تحت مسمى الإرهاب أو بوجود قبائل مسلحة». وأضافوا أن «تضخيم الإرهاب صنيعة النظام وسيتضاءل بذهاب هذا النظام، وبقيام نظام حكم مدني ديمقراطي يسود فيه القانون فإن مناطق القبائل أصبحت تواقة إليه بعد معاناتها نظام الفتن والاقتتال، مما جعلها أكثر نضجا وحرصا على أمن البلد واستقراره».

وأعربت مستويات حكومية مختلفة عن أسفها وإدانتها لمقتل المعتصمين بجوار جامعة صنعاء، وقال اجتماع مشترك للأمانة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر الحاكم، وعدد من قيادات الدولة المدنية والعسكرية، انعقد في وقت متأخر من ليل أول من أمس، إنه يدين «الحادث المؤلم الذي يستنكره الجميع»، وإنه «لم يكن للدولة فيه ناقة ولا جمل»، واعتبر الاجتماع، الذي ترأسه الرئيس علي عبد الله صالح، أن الحادث ناتج عن «التعبئة والتحريض اللذين تقوم بهما، للأسف، أحزاب اللقاء المشترك والعناصر المرتبطة بها، فيما يسمى باللجنة التحضيرية للحوار الوطني، التي أدت إلى خلق هذه الفتنة وإزهاق الأرواح بين المعتصمين والمواطنين من سكان بعض الأحياء المجاورة لساحة الاعتصام».

أما مجلس الوزراء اليمنيين فقد أدان، في اجتماع استثنائي أمس، الحادث ووصفه بـ«الأليم»، وأشار إلى حرص كبير على «توليه لجانب حماية المعتصمين والحفاظ على السكينة العامة». وأكد المجلس أن على لجنة التحقيق، التي شكلها مجلس الدفاع الوطني «سرعة إنجاز عملها للكشف عن الحقيقة المرتبطة بهذا الحادث وضبط المتهمين فيه وإعلان النتائج في أسرع وقت ممكن لما من شأنه خدمة الحقيقة وقطع الطريق أمام من يسعون إلى استغلال هذا الحادث المؤسف لأهداف معروفة سلفا وفي المقدمة تعقيد الأوضاع الراهنة»، وجدد «الوزراء اليمني» تأكيد أهمية «احتكام الجميع إلى الحوار البنَّاء الذي يؤدي إلى حماية الوطن من الفتنة وشرورها على حاضر الوطن ومستقبله». وأشاد بقرار الرئيس صالح باعتبار من سقطوا قتلى في الحادث وغيره من الحوادث المماثلة «سواء في حي الجامعة بصنعاء أو تعز أو عدن أو غيرها من المحافظات، شهداء للديمقراطية وتعويض أسرهم، ومعالجة الجرحى على نفقة الدولة».

كان وزير الداخلية اليمني، اللواء مطهر رشاد المصري، قد استعرض في تقرير له أمام اجتماع الحكومة «الأجواء التحريضية التي سبقت هذا الحادث، المتمثلة في خطبة الجمعة التي ألقاها خطيب ساحة الجامعة وحرض فيها المعتصمين على تدمير الحواجز التي أقامها سكان الأحياء السكنية المجاورة لجامعة صنعاء».