ملك البحرين يعلن إفشال مخطط خارجي «يحاك منذ 30 عاما» ضد مجلس التعاون

مسؤول في الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: أبعدنا القائم بالأعمال الإيراني لـ«سوء استخدام صلاحياته»

ملك البحرين لدى زيارته لقوة درع الجزيرة التابعة لمجلس التعاون الخليجي، أمس (بنا)
TT

أعلن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أمس، عن إفشال مخطط خارجي «يحاك منذ ثلاثين عاما ضد البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي».

وقال الملك حمد خلال زيارته قوات درع الجزيرة والتقائه بضباط من الإمارات والبحرين والسعودية وقطر والكويت وعمان: «إن الذي شهدته البحرين هو امتحان من رب العالمين، ولكن هناك مخطط والمخطط خارجي وعمل عليه لمدة لا تقل عن ثلاثين أو عشرين عاما بحيث تكون الأرضية جاهزة للأمر، فإن نجح هذا في إحدى دول مجلس التعاون فقد يعم وهذا ليس بالسهل أن يمر في البحرين أو في أي دولة من دول مجلس التعاون ولله الحمد. وأعلن أمامكم اليوم أن هذا المخطط فشل».

وتأتي تصريحات الملك البحريني في الوقت الذي دخلت فيه العلاقات البحرينية - الإيرانية في منعطف غامض إثر طلب السلطات البحرينية من القائم بأعمال السفارة الإيرانية محمد فضلي مغادرة البلاد في غضون 24 ساعة، وفقا لقيامه بممارسات وأنشطة مشبوهة وتخابر مع منظمة إرهابية حسب ما أبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط». في حين اكتفى مسؤول في وزارة الخارجية بالرد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن سبب الإبعاد هو «سوء استخدام الدبلوماسي الإيراني لصلاحياته الدبلوماسية».

وجاء طرد المسؤول الإيراني بعد يوم واحد من تقديم البحرين لمذكرة احتجاج لدى هيئة الأمم المتحدة بشأن التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية ومحاولاتها تأجيج الأوضاع في البحرين.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الشيخ عبد اللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية (الجمعيات السنية في البحرين) إن الجهات الأمنية كشفت الممارسات «غير المسؤولة للقائم بأعمال السفارة الإيرانية خلال وجوده في مستشفى السلمانية خلال احتلاله من قبل المحتجين الشيعة، ونشاطه في مهام غير دبلوماسية ولا تتعلق بعمله»، وأضاف المحمود أن الدبلوماسي الإيراني حاول أن يخرج مجموعة من الأسلحة التي قام بإدخالها، كما عثر على معدات استخباراتية في المستشفى، وآخر في دوار اللؤلؤة وتبلغ قيمة كل منهما نحو 52 ألف دينار (138.7 ألف دولار)، «وحاول تفكيكه قبل وصول الجهات الأمنية ولكن تمت مصادرته».

وأشار المحمود إلى أن البحرين حاولت سحب السفير لعدم تأجيج الأوضاع، ولكن ظهر بجلاء تورط إيران في أزمة البحرين، سواء كان ذلك من خلال بيانات الساسة الإيرانيين أو من التصعيد الذي تشنه قنوات التلفزة الإيرانية الناطقة بالعربية، مما يؤكد أنهم شركاء في تأجيج الأوضاع في البحرين.

وقال الشيخ المحمود سمعت أن بعضا من تلك القنوات تبنت دعم وفتح الباب للشباب الاستشهاديين من المتطوعين، لإرسالهم إلى البحرين. وهو ما يؤكد أن إيران تسير سيرا حثيثا على طريق ما يحدث في البحرين، كما أن المعارضة التي أججت الأزمة تستمد دعمها من إيران.

وقال إن إيران لن تراجع مواقفها المسيئة للعرب وأبناء الخليج ما لم يتخذ حيالها موقف موحد ومعلن من الجميع.

من جهته، كشف الشيخ عادل المعاودة نائب رئيس البرلمان البحريني عن تحرك لمجموعة من النواب للمطالبة بإغلاق السفارة الإيرانية «كون نشاطها أصبح مشبوها»، مضيفا أن طرد القائم بالأعمال «هو أقل ما يمكن أن يتخذ في هذا الشأن لوقف النشاط الإيراني الذي يضر بمصلحة البحرين». وقال المعاودة إن هناك أنباء تتردد عن كشف خيوط وممارسات غير مصرح بها للقائم بالأعمال «واستمرار وجوده قد يصل بنا إلى قضايا خطيرة»، مضيفا أن تدخل إيران في الشؤون الداخلية للبحرين وتحركاتها على مختلف الأصعدة أصبحت معلنة إلى الحد الذي وصل بها إلى تقديم شكوى ضد البحرين في أوضاع داخلية لا شأن لها بها.

وأضاف أنه أصبح من المألوف الممارسات غير النظامية لكثير من السفراء الإيرانيين والجرأة التي يتصفون بها للتدخل في الشؤون الداخلية. مبينا أن رصد ممارسات السفارة الإيرانية سيتبعها كشف حقائق جديدة بعد اكتمال التحقيقات والمتابعة من السلطات الأمنية البحرينية التي تحرص دائما على عدم الاستعجال في كشف القضية إلى أن تتمكن من جمع المعلومات والوصول إلى الحقيقة، كما ستكون الأيام المقبلة حبلى بكثير من المعلومات والحقائق حول تورط القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية.

وأشار المعاودة إلى أن الأمن البحريني أثبت كفاءاته في كشف الكثير من القضايا الخطيرة وفي زمن قياسي. وطالب المعاودة بعدم التوقف عند قرار الطرد بقدر التجاوب مع المطالب بإعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية ليس مع البحرين فقط بل مع دول الخليج مجتمعة والدول العربية والإسلامية، لأن ممارساتها تخالف القوانين والأعراف الدولية وتضر بمصلحة العرب والمسلمين جميعا.

إلى ذلك، دعت كتلة المستقلين في البرلمان البحريني إلى اجتماع مشترك لوزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي لبحث اتخاذ الإجراءات اللازمة إزاء التهديدات الإيرانية المتواصلة للأمن والاستقرار الخليجي، في ظل تدخلها في الشأن البحريني واستمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وتسمية الخليج العربي بـ«الفارسي»، وغيرها من الأطماع التوسعية التي تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، آملة التوصل إلى قرار خليجي جماعي «بطرد» السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الإيرانية المعتمدة لدى دول المجلس ما لم تتوقف إيران عن سياساتها العدائية والاستفزازية، وتحترم قواعد العلاقات الودية وحُسن الجوار. وأكدت الكتلة أن «قيام الخارجية الإيرانية بتوجيه رسائل استفزازية إلى المنظمات الإقليمية والدولية واعتراض عدد من كبار المسؤولين في طهران على الإجراءات البحرينية لحفظ الأمن والاستقرار الداخلي، يمثل انتهاكا لسيادة الدولة، ويكشف عن حقيقة النوايا الإيرانية العدوانية إزاء دول المنطقة العربية بما يخالف مبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية». واستنكرت كتلة المستقلين البرلمانية التدخل الإيراني السافر في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين سياسيا وإعلاميا، باعتباره يتنافى مع ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكافة الاتفاقيات الدبلوماسية والمواثيق الدولية، التي تفترض إقامة العلاقات بين دول العالم على أساس قواعد حُسن الجوار والاحترام المتبادل ورفض المساس بسيادة الدول واستقلالها السياسي، وعدم التدخل بتهديد أمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها.