كردستان تحتفل بعيد النوروز وسط تماسك في أربيل وانقسام في السليمانية

احتفالان في مدينة طالباني.. أحدهما رسمي والآخر نظمته المعارضة

جانب من احتفالات عيد النوروز التي أقامتها حكومة إقليم كردستان في أربيل، أمس («الشرق الأوسط»)
TT

ألقت الخلافات السياسية الكردية بظلالها على احتفالات هذا العام بعيد النوروز القومي وبدء العام الكردي الجديد، فكان هناك احتفالان بالعيد على عكس العقود السابقة التي اعتاد مواطنو كردستان الاحتفال بهذا العيد موحدين متقاطرين زرافات ووحدانا على السهول والبراري لعقد حلقات الدبكات الكردية على أنغام نشيد النوروز بصوت المطرب الكردي الشهير حسن زيرة، وهو النشيد الذي كان يوحد الجميع بهذا العيد، لكن احتفال هذا العام انقسم إلى شطرين كما نشيد النوروز الذي ظهرت منه عدة أنغام جديدة من مطربي الجيل؛ ففي حين انتقل جزء من احتفالية السليمانية إلى ساحة السراي التي أصبحت ترمز إلى المعارضة، حافظت أربيل على وحدتها المتماسكة باحتفال مركزي أقيم في متنزه شاندر بمركز المدينة وسط حضور لافت لعدد كبير من السفراء والممثلين الدبلوماسيين الذين استضافهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني لحضور الاحتفال الجماهيري الذي حضره عشرات الآلاف وهم يرفعون أعلام كردستان، في ظل غياب تام للأعلام الحزبية.

ورعى احتفال أربيل محافظها نوزاد هادي بكلمة تهنئة وجهها إلى جماهير المدينة إيذانا ببدء الاحتفالات، ثم بدأت الفرق الموسيقية والفلكلورية التابعة لوزارة الثقافة بحكومة الإقليم بتقديم فعالياتها الفنية والموسيقية وسط صخب جمهور كبير من الشباب الذين بدأوا يتراقصون على أنغام الدبكة الكردية التي انطلقت من مكبرات الصوت.

وعلى الرغم من دعوة عدد من علماء الدين الإسلامي في مدينة أربيل إلى مقاطعة احتفالات السلطة بعيد النوروز، كما أورد ذلك موقع «سبةي» الكردي المعارض الذي نشر نداء منسوبا إلى عدد من علماء الدين ومثقفي مدينة أربيل وهم يدعون إلى عدم المشاركة بالمراسيم الاحتفالية بعيد النوروز التي تقيمها السلطة بكردستان، لكن المشاركة الشعبية التي تجاوزت حدود عشرات الآلاف من مختلف الأعمار المتدفقين إلى متنزه شاندر والمتنزه المقابل (منارة) كانت ردا واقعيا لرفض جماهير أربيل للانقسام وشطر الشارع الكردي، على عكس مدينة السليمانية، معقل الرئيس العراقي جلال طالباني، التي جرت فيها احتفاليتان منفصلتان، الأولى نظمتها محافظة السليمانية بشارع «سهولةكة»؛ حيث تم إيقاد شعلة النوروز هناك إيذانا ببدء الاحتفالات التي تخللتها فعاليات فنية متنوعة، منها عرض للأزياء الفلكلورية الكردية وتقديم مجموعة من الأكلات الشعبية رافقتها حفلات موسيقى الراب وألعاب الأطفال، وبعيدا عن ذلك الشارع بحدود 500 متر جرت احتفالات المعارضة بساحة السراي بالمدينة التي حاول رئيس حركة التغيير نوشيروان مصطفى الوصول إليها لإلقاء خطاب في الجماهير المحتشدة هناك، لكن بسبب الزحام الكبير تعذر عليه الوصول إلى منبر الخطابة فاكتفى بإنابة أحد أعضاء حركته لإلقاء الكلمة نيابة عنه، التي اقتصرت على توجيه التهاني إلى المتظاهرين والمعتصمين بالشارع بهذه المناسبة.

وفي إطار احتفالات أربيل بأعياد النوروز ورأس السنة الكردية الجديدة نظمت محافظة أربيل مراسم تشغيل أول ساعة كبيرة بمدينة أربيل، تكلفت 60 ألف دولار من ميزانية المحافظة. وقال نوزاد هادي، محافظ المدينة: «إن هذه الساعة التي تحتل مركز المدينة تتطابق مع عدد كبير من الساعات التي تزين مراكز المدن الأوروبية، وإن تصميمها بالشكل الحالي يحاكي تلك الساعات التي تشكل في بعض المدن والعواصم العالمية رمزا من الرموز التاريخية مثل ساعة بيغ بين في لندن».

ونصبت الساعة في حديقة المدينة (باغي شار) ضمن إطار مشروع المحافظة لتجميل المدينة وإبراز جمالية القلعة التاريخية التي تطل على الحديقة المركزية بالمدينة.

كان رئيس الحكومة برهم صالح قد وجه برقية إلى شعب كردستان بحلول عيد النوروز ورأس السنة الكردية الجديدة، قال فيها: «نحن إذ نستذكر هذا العيد القومي، فإن كردستان تمر بظروف حساسة؛ لذا فمن واجبنا جميعا أن نتصرف بروح المسؤولية القومية والوطنية ونعمل على جعل اختلافاتنا عاملا لتقوية هذه التجربة ومعالجة جميع مشكلاتها؛ بحيث يكون المواطنون والمصلحة العامة أساسا لحسم أي نزاع سياسي».