الذكرى الثامنة للغزو الأميركي للعراق.. تمر مرور الكرام

بغداديون منشغلون بأعياد نوروز.. وبعضهم بهمومهم اليومية.. وآخرون بالاضطرابات العربية

TT

قبل أيام أعلن البرلمان العراقي المنتخب تعطيل أعماله بسبب الاستعدادات لأعياد نوروز، وهو العيد القومي للأكراد الذي كان يطلق عليه أيام النظام السابق «عيد الشجرة». وعلى الرغم من أنه كان حتى في ظل النظام السابق عطلة رسمية، وذلك بناء على بيان الحادي عشر من مارس (آذار) عام 1970، فإنه لم يكن سوى عطلة فقط. لكن اليوم وبعد ثمانية أعوام من التغيير الذي حصل في العراق بعد الاحتلال الأميركي الذي بدأ على شكل قصف جوي مكثف في العشرين من مارس من عام 2003، تبعه بعد ساعات الغزو البري من الأراضي الكويتية باتجاه بلدة أم قصر العراقية على الحدود، فإن العراقيين وعلى الرغم من انشغالاتهم بهمومهم اليومية المتلاحقة، فضلا عن استمرار المظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، فإن هناك مئات العائلات من مختلف أنحاء العراق توجهت إلى مدينة أربيل التي تسمى الآن عاصمة إقليم كردستان للمشاركة في احتفالات الكرد في أعياد نوروز التي تصادف الحادي والعشرين من مارس من كل عام.

وبين يوم العشرين من مارس المصادف لذكرى الغزو الأميركي للعراق قبل ثمانية أعوام، حيث كانت بغداد قد شهدت آنذاك ولأول مرة حفر المزيد من المتاريس الترابية والخنادق عند تقاطعات الشوارع والساحات العامة، فضلا عن انتشار كثيف لأعضاء حزب البعث المسلحين ببنادق الكلاشنيكوف ومعهم المئات مما كانوا يسمون «الفدائيين العرب». وبين يوم العشرين من هذا الشهر وعقب مرور هذه المدة الزمنية فإن البغداديين الذين كانوا قد شعروا بالانزعاج والاشمئزاز لمنظر مدينتهم التي تحولت ساحاتها وشوارعها الرئيسية إلى ميادين قتال، فإنهم اليوم لا يقلون اشمئزازا بعد أن تحولت بغداد وبعد مرور هذه الفترة الزمنية ومع كل ما وعدوا به من رفاهية وديمقراطية إلى كتل وحواجز كونكريتية ونقاط تفتيش في كل شارع وزقاق وساحة. المفارقة اللافتة للنظر أنه في الوقت الذي تستعد فيه الصحف العراقية إلى الاحتجاب عن الصدور بسبب أعياد نوروز، حيث يلزم العراقيون بيوتهم وبالتالي لا أحد يمكن أن يقتني عشرات الصحف التي تصدر في العاصمة والمدن الأخرى، فإن صحف الأحد لم تستذكر أي منها يوم الغزو الأميركي للعراق. وإذا كان العراقيون قد اختلفوا أول الأمر بشأن مفهومين، الأول يذهب إلى تسويق مصطلح «تحرير العراق» من النظام السابق، والثاني يذهب إلى تسويق مصطلح «الاحتلال» انسجاما مع ما أعلنته كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا من أنهما قوة احتلال طبقا للقانون الدولي، وكذلك مع الأخذ في الاعتبار بروز تيارات المقاومة بشتى صنوفها التي تبنى بعضها مبدأ المقاومة المسلحة. وسواء لم تعكس الصحف ووسائل الإعلام مزاج الشارع أم لا، فإن الهموم اليومية للمواطن العراقي التي تتمثل في البحث عن الحاجيات الأساسية للحياة، وهي الماء والكهرباء والحصة الغذائية وفرص العمل والأمان والاستقرار، جعلت من يوم العشرين من مارس يوما أشبه باليوم النمطي الذي لا يختلف عن سواه من الأيام.

المتغير الوحيد في الشارع العراقي الآن هو المظاهرات التي عكست حالة بدت ضرورية من حالات التغيير للمزاج الشعبي والنفسي لعموم العراقيين. ومع أن المظاهرات أخذت في العراق خلال الأسابيع الماضية صيغا مختلفة من حيث طبيعة المطالب وسقوف هذه المطالب، فإنها حتى مع التحول في اتجاه آخر يتمثل في تنظيم مظاهرات منددة بقوات «درع الجزيرة» في البحرين، فضلا عن الاستعداد لتنظيم شتى أنواع المظاهرات ما دام أنها تمثل من وجهة نظر الكثيرين نوعا من الحل، فإن ذكرى الغزو لم تحفز أحدا على تسيير ولو مظاهرة واحدة، ولو من أي باب، خاصة أنه لم يلمس العراقيون أي تغيير عقب مرور ثمانية أعوام، ما دام أن المتاريس الترابية آنذاك تحولت إلى حواجز كونكريتية الآن.