من ضحايا وثائق «ويكيليكس»: استقالة سفير أميركا لدى المكسيك

بعد أن انتقد في رسالة قدرة القوات المكسيكية على مواجهة عصابات تهريب المخدرات

TT

مع استمرار ردود فعل نشر موقع «ويكيليكس» في الإنترنت لوثائق الخارجية الأميركية بسبب معلومات في برقيات سفارات أميركية إلى رئاسة الوزارة، استقال السفير الأميركي لدى المكسيك لأن برقية كان أرسلها انتقدت قدرة القوات المكسيكية المسلحة على مواجهة عصابات تهريب المخدرات.

وبينما استقال وزراء في دول أخرى، بالإضافة إلى تأثير المعلومات السرية على أحداث في دول كثيرة، مثل ثورتي مصر وتونس، صار السفير الأميركي لدى المكسيك أكبر مسؤول أميركي يستقيل بسبب نشر معلومات الوثائق.

وكان السفير، كارول باسكوال، وهو أميركي من أصل مكسيكي، عيّن في منصبه قبل سنة ونصف سنة. في ذلك الوقت قالت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، عند إعلان تعيينه، إنه «مثال للدبلوماسي المتفاني، ويعرف المكسيك أكثر من كثيرين غيره».

وأمس علقت كلينتون على الاستقالة، ووصفت السفير أوصافا إيجابية، وقالت إنها تحس بـ«أسف كبير» لاستقالته. وأضافت بأن «كارلوس طلب أن يتأجل تاريخ تركه المكسيك عائدا إلى واشنطن، وذلك لأنه يريد أن يبقى لبعض الوقت ليعمل، كمواطن أميركي خاص، في حقل توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك، وذلك بالنظر إلى تصريحات الرئيس كالديرون».

وقال مراقبون في واشنطن إن إشارة كلينتون إلى تصريحات الرئيس المكسيكي في خطاب قبول استقالة السفير توضح أن العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك وصلت إلى مستوى منخفض. وكلينتون نفسها وصفت تصريحات الرئيس المكسيكي بأنها «يمكن أن تحول الأنظار عن العلاقات والمصالح القوية بين البلدين».

ويعود التوتر الأخير إلى أن الرئيس المكسيكي عندما زار واشنطن مؤخرا، انتقد بطريقة دبلوماسية نظرة الاستعلاء الأميركي. وكان يتحدث عن اتهامات أميركية بعدم قدرة المكسيكيين على مواجهة عصابات تجارة المخدرات. وقال الرئيس المكسيكي في مقابلات في تلفزيونات أميركية إن الأميركيين ينكرون أن ازدهار تهريب المخدرات في المكسيك سببه إدمان الذين يستعلمون المخدرات داخل الولايات المتحدة.

وأشار المراقبون إلى مشكلة أخرى، وهي تحول الخلاف حول أحسن الطرق لمواجهة تجار المخدرات إلى خلاف شخصي بين الرئيس المكسيكي والسفير الأميركي. وفي بداية هذا الشهر، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، انتقد الرئيس كالديرون السفير باسكوال بسبب ما قال السفير في الوثائق التي كشفها «ويكيليكس» بأن القوات المكسيكية «لا تريد المغامرة» في حربها ضد تجار المخدرات. وقال الرئيس إن السفير لا يريد فقط انتقاد القوات المكسيكية، ولكن أيضا الإيقاع بينها وبين قوات الأمن المكسيكية التي تعمل أيضا في الحملة ضد تجار المخدرات.

وفسر الرئيس تصرفات السفير بأنها «تدخل مع جانب ضد جانب آخر». وبعد تصريحات الرئيس لصحيفة «واشنطن بوست» نشرت الصحيفة، وصحف أخرى، تصريحات لمسؤولين أميركيين دافعوا عن السفير. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من أوائل الذين دافعوا عن سفيرها. وقالت في ذلك الوقت إن «عنده خلفية قوية أقوى من غيره تؤهله» ليكون سفيرا لدى المكسيك. ويبدو أن هذه إشارة إلى أن السفير عمل في مختلف المراحل الدبلوماسية في وزارة الخارجية، وفي وكالة المساعدات الأجنبية، لثلاث وعشرين سنة. وأيضا إشارة إلى خلفية السفير المكسيكية.

وقال مراقبون في واشنطن إن التوتر الشخصي في العلاقات بين الرئيس والسفير من أسبابها حساسية طويلة المدى، ليس فقط بين الأميركيين والمكسيكيين، ولكن أيضا بين الأميركيين من أصل مكسيكي والمكسيكيين. وإن الأواخر يتهمون الأوائل بأنهم يتعالون عليهم. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «اتهامات السفير عن عدم كفاءة القوات المكسيكية المسلحة ليست جديدة للذين يتابعون التطورات في المكسيك لمواجهة تجار المخدرات. وما نشر موقع (ويكيليكس) ليس جديدا، لكن حكومة المكسيك صارت حساسة لاتهامها بأنها تقصر، ولأن الاتهامات جاءت من الولايات المتحدة، ولأنها سببت إثارة إعلامية حرجة».