باريس حريصة على تعزيز الحضور العربي في صفوف التحالف الدولي

4 سيناريوهات متداولة في فرنسا لنهاية نظام القذافي

مؤيدون ومعارضون للقذافي يشتبكون فيما بينهم أمام مبنى الجامعة العربية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

فيما تسعى باريس لتعزيز الحضور العسكري العربي في صفوف التحالف الدولي الذي يقتصر حتى اليوم على بضع طائرات حربية قطرية، فإنها عمدت في الوقت ذاته إلى التخفيف من وقع الانتقادات الدولية والعربية التي بدأت تظهر ضد طريقة قيادة العمليات العسكرية والقصف الصاروخي للمواقع العسكرية والقيادية ومراكز الاتصالات في ليبيا.

وقالت مصادر سياسية في باريس إن فرنسا «حريصة على تفهم الرأي العام العربي» لما يقوم به التحالف الدولي خصوصا أنها دأبت على تقديم العمليات العسكرية على أنها «استجابة» لما طلبته الجامعة العربية في ندائها إلى مجلس الأمن حيث دعته إلى «تحمل مسؤولياته»، وإنشاء منطقة حظر جوي فوق ليبيا وتوفير الحماية للمدنيين.

وأمس، ردت وزارة الخارجية الفرنسية على الانتقادات التي وجهها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى التحالف الدولي بالقول إن «العمليات العسكرية الجارية في ليبيا تندرج تماما في إطار القرار 1973 الذي يتيح للدول القيام بكل التدابير الضرورية لإنشاء منطقة الحظر الجوي وحماية المدنيين في كافة أنحاء ليبيا».

ورغم الجهود التي بذلتها باريس مع العواصم العربية، والتي آتت ثمارها بداية بحضور عمرو موسى وخمسة وزراء خارجية عرب قمة باريس ضمنهم الوزير العراقي هوشيار زيباري باعتبار أن العراق هو الرئيس القادم للجامعة العربية، إلا أن المشاركة العربية الفعلية ما زالت هزيلة. وأفادت تقارير صحافية في باريس أمس أن الرئيس ساركوزي اتصل برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ليحثه على مشاركة بلاده بمجموعة من الطائرات القتالية في فرض منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا، مقترحا أن ترابض هذه الطائرات في قاعدة سولانزارا الجوية الموجودة جنوب جزيرة كورسيكا، الواقعة على مسافة ساعة طيران من الشواطئ الليبية.

وكان وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد قد حضر قمة الإليزيه. وحسب مصادر حضرت الاجتماع، فإنه «وعد» بمشاركة بلاده، على أن تعلن عنها في وقت لاحق. وبحسب باريس، فإن الإماراتيين وعدوا، بداية، بالمشاركة بـ 24 طائرة، لكن يبدو أن العدد تراجع كثيرا.

وترتبط باريس وأبوظبي باتفاقية دفاعية تنص في أحد بنودها على التزام فرنسا الدفاع عن أمن وسيادة وسلامة أراضي الإمارات في حال تعرضها إلى اعتداء خارجي. وعمدت باريس، بناء على طلب إماراتي، إلى بناء قاعدة جوية - بحرية في أبوظبي شارك الرئيس ساركوزي في تدشينها في شهر مايو (أيار) 2009.

وكانت فرنسا تعول على مشاركة عربية أكبر، انطلاقا من حرصها على تفادي أن تظهر العمليات العسكرية وكأنها «حرب الغرب على العرب». وتعزو المصادر الفرنسية تردد العرب إلى التطورات الداخلية المقلقة التي تعرفها العديد من البلدان العربية التي تمنعها من ركوب مخاطر إضافية. ويبدو أن باريس كانت تركز على مشاركة مصر التي زارها وزير الخارجية آلان جوبيه قبل التصويت على القرار الدولي في مجلس الأمن ولكن من غير فائدة.

وعزت مصادر واسعة الاطلاع في باريس مشاركة قطر إلى العلاقة الخاصة التي تربط الرئيس ساركوزي بأميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي استقبله في قصر الإليزيه يوم الخميس الماضي.

وأمس، التقى وفد من المجلس الوطني الليبي المؤقت «المعارضة» مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية، وهي المرة الثانية التي تستقبل فيها فرنسا ممثلين عنه. والمعروف أن فرنسا هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعترفت بالمجلس ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الليبي، ووعدت بإرسال سفير إلى بنغازي.

وعمدت باريس، الأحد، إلى تعزيز قوتها الضاربة مقابل الشواطئ الليبية بإرسال حاملة الطائرات شارل ديغول (20 طائرة، منها 15 قتالية) ذات الدفع النووي ترافقها مجموعة المواكبة المشكلة من 3 فرقاطات وغواصة نووية وباخرة تموين.

ويتم في باريس تداول أربعة سيناريوهات للحرب في ليبيا؛ أولها انهيار نظام العقيد معمر القذافي بفعل الضربات التي يتلقاها، واستقواء المعارضة التي ستتمكن من استعادة ما خسرته، الأمر الذي يعني تهالك النظام أو حتى انقلاب بعض المحيطين بالزعيم الليبي عليه أو حتى التعرض لحياته. ويشكل هذا السيناريو «الحل الأمثل» لدول التحالف، إذ يعني أن الحرب لن تدوم، وأن حكومة مؤقتة ستقوم وتهيئ الانتقال إلى نظام جديد.

أما السيناريو الثاني، فيتمثل في قبوله الخروج من ليبيا مقابل ضمانات معينة إلى بلد في أميركا اللاتينية أو في أفريقيا أو أي عاصمة مستعدة لاستقباله. غير أن المروجين لهذا السيناريو قلائل بالنظر لشخصية القذافي، ولتأكيده أنه يريد أن يموت في ليبيا.

وتتخوف المصادر الفرنسية من السيناريو الثالث، الذي يعني استطالة أمد الحرب، وتقسيم البلاد، وعجز المعارضة المسلحة، رغم دعم التحالف الدولي، عن الإطاحة بالقذافي مع ما يعنيه ذلك من قيام حرب أهلية و«صوملة» ليبيا وتحولها إلى بؤرة توتر دائمة على الشاطئ الجنوبي للمتوسط، وانعكاسات كل ذلك على الإرهاب والهجرة غير المشروعة وما شابهها. ولا يستبعد أن يفضي السيناريو الثالث إلى السيناريو الرابع المتمثل في اضطرار قوات التحالف إلى إرسال قوات أرضية إلى ليبيا للتخلص من القذافي علما بأن القرار 1973 لا ينص على ذلك. لكن النصوص القانونية يمكن أن تفسر بأشكال مختلفة.

فضلا عن ذلك، فإن القوة الأرضية يمكن أن ترتدي أشكالا مختلفة كقوة كوماندوس أو قوة للمساعدة على حماية المدنيين أو توفير ممرات آمنة، مما يعني أن باب التكهنات واسع وأن «فجر الأوديسا»، وفق التسمية الأميركية، مفتوح على أكثر من احتمال.