ميدفيديف يكشف عن سبب عدم استخدامه «حق الفيتو» ضد قرار مجلس الأمن.. وينتقد تقديرات بوتين لما يجري في ليبيا

الإقالة المفاجئة لسفير روسيا في طرابلس تثير الكثير من اللغط في موسكو

TT

بعد صمت لم يدم طويلا، كشف كل من الرئيس دميتري ميدفيديف، ورئيس حكومته فلاديمير بوتين، عن تباين تقديراتهما تجاه جوهر قرار مجلس الأمن رقم 1973 حول فرض الحظر الجوي ضد ليبيا، وما تتخذه قوات التحالف من إجراءات عسكرية لتنفيذه، فبينما انتقد بوتين هذا القرار، مشيرا إلى أنه يسمح بالتدخل الأجنبي في أراضي دولة مستقلة ذات سيادة ووصفه بأنه أشبه بدعوات القرون الوسطى لشن حملات صليبية، قال ميدفيديف بضرورة الابتعاد عن مثل هذه التعبيرات التي تبدو في جوهرها دعوة إلى صدام الحضارات.

وانتقد الرئيس الروسي استخدام بوتين لتعبير «الحروب الصليبية»، مؤكدا أنه «غير مقبول»، وأنه يمكن أن يفضي إلى ما هو أكثر مما يجري على أرض الواقع، وعلى الجميع أن يتذكر ذلك، على حد قوله، في إشارة مباشرة إلى رئيس حكومته.

وكان بوتين انتقد قرار مجلس الأمن، وقال إنه رغم أن السياسة الخارجية لا تدخل ضمن دائرة صلاحيات الحكومة، فإن لهذه الحكومة وجهة نظر تقول إن نظام معمر القذافي لا يتطابق مع المعايير الديمقراطية لكن ذلك لا يعطي البلدان الأجنبية حق التدخل الخارجي في النزاعات السياسية الداخلية بما فيها المسلحة للدفاع عن أحد طرفي هذه النزاعات.

وأعرب بوتين عن قلقه تجاه ما وصفه بالسهولة التي تتخذ بها واشنطن قراراتها بشأن استخدام القوة المسلحة في الساحة الدولية. ومضى بوتين في انتقاداته مذكرا بما سبق وفعلته الولايات المتحدة إبان سنوات حكم الرئيسين الأميركيين بيل كلينتون وجورج بوش ضد بلغراد والعراق وأفغانستان، متسائلا: «أين المنطق؟! وأين الضمير؟!» ليجيب في الوقت نفسه بأنه لا وجود لهما! ووصف رئيس الحكومة الروسية قرار مجلس الأمن بأنه مدمر ويشوبه العوار لأنه يسمح بكل شيء، ويعيد إلى الأذهان ما سبق وتعالى من نداءات كانت تدعو إبان سنوات القرون الوسطى إلى شن الحروب الصليبية.

ومن جانبه، كشف الرئيس ميدفيديف عن موقف مغاير، حيث كشف عن تأييده لقرار مجلس الأمن الذي يجيز فرض الحظر الجوي، وأنه أشار إلى أنه أصدر تعليماته إلى مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن بعدم استخدام «حق الفيتو» لعرقلة صدور القرار نظرا لاتفاقه حول ضرورة التصدي لما يفعله القذافي تجاه السكان المدنيين في ليبيا واحتجاجه ضد تجاهل القذافي لنداءات المجتمع الدولي وللقرار 1970 الصادر عن مجلس الأمن، والذي حظي بإجماع أعضاء المجلس، ومنهم روسيا.

إلى ذلك، أثارت الإقالة المفاجئة لسفير روسيا الاتحادية في ليبيا، فلاديمير تشاموف، الكثير من اللغط في الساحة الروسية في أعقاب الإعلان عنها في نهاية الأسبوع الماضي. وكان الكرملين كشف عن توقيع الرئيس ميدفيديف لمرسوم الإقالة دون الإشارة إلى الأسباب وهو ما أماطت صحيفة «ازفيستيا» اللثام عن بعض جوانبه نقلا عن مصادر مطلعة في الخارجية الروسية، التي قالت إن تشاموف لم يحسن تفسير موقف روسيا خلال لقائه الأخير مع العقيد القذافي.

وكان القذافي حرص على اللقاء مع سفراء دول روسيا والصين والهند، التي أعلنت عن رفضها لقرار توجيه أي ضربات عسكرية ضد ليبيا. وعلى الرغم من أن موسكو كانت أعلنت عن مرسوم الكرملين حول تجميد أموال القذافي وأبنائه وأقاربه في روسيا وحظر دخولهم إليها إلى جانب عدم اعتراضها على قرار مجلس الأمن رقم 1973، الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية لفرض الحظر الجوي، فقد سارع القذافي ليؤكد أنه يعطي موسكو أفضلية الاستثمارات والعمل في ليبيا. ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن مصادر في الرئاسة الروسية قولها إن السفير تشاموف قام بتمثيل مصالح دولة أخرى بدلا من العمل على تحقيق مصالح بلاده، في إشارة إلى تعاطف السفير الروسي مع ليبيا، واحتمال إبلاغها بمواقف مؤيدة لها ولسياسات القذافي مناقضة لما أعلنته القيادة الروسية التي طالما أكدت على ضرورة رفضها للجوء إلى القوة العسكرية، والتحول إلى الأساليب السياسية والحوار مع فصائل المعارضة في سبيل الخروج من المأزق الراهن.

وأشارت صحيفة «ازفيستيا» إلى أن ميدفيديف كان قد حرص في لقائه السنوي مع سفراء روسيا لدى البلدان الأجنبية في يوليو (تموز) الماضي، على ضرورة العمل والمساعدة في «أن تتسم سياسات الأنظمة الاجتماعية في كل بلدان العالم بالطابع الإنساني».