ناشط ليبي: الثوار يفكرون في طرح 3 أمور لاستفتاء شعبي بعد التحرير

محمد مخلوف عاد إلى مسقط رأسه في بنغازي بعد 36 عاما في المنفى.. وتجربته محور وثائقي تلفزيوني بريطاني

محمد مخلوف في ميدان الشهداء ببنغازي («الشرق الأوسط»)
TT

عبر ناشط سياسي ليبي مقيم في لندن، بعد عودته من زيارة دامت 10 أيام إلى معاقل الثوار في ليبيا، عن «اندهاشه» من دقة التنظيم الذي وقف عليه في المناطق الشرقية «المحررة» و«العزيمة العالية» التي وجدها لدى هذا «الجيل الجديد من الشباب» الذي فجر الثورة. كان محمد مخلوف، وهو إعلامي وناشط، أسهم من لندن في الحملة الإعلامية الإنترنتية التي سبقت انطلاق الثورة، قد توجه خلال الأيام الماضية إلى ليبيا في إطار مهمة لقناة «آي تي في» التلفزيونية البريطانية، بهدف إعداد فيلم وثائقي ستبثه القناة الخميس المقبل ويكون محوره «عودة مواطن ليبي إلى بلده بعد 36 سنة في المنفى»، وعنوانه «القذافي وأنا».

وقال مخلوف لـ«الشرق الأوسط» إن رحلته مع الفريق الإعلامي البريطاني، إلى المناطق الشرقية الليبية عبر الحدود المصرية، كانت «مفعمة بالعواطف والذكريات»، خاصة أنه زار خلالها قبر والده الذي توفي عام 1993 من دون أن يره. وقال إنه دهش «لكثرة التنظيم» الذي وجده في طبرق وبنغازي وعدة مدن أخرى في الشرق؛ إذ إنه لاحظ وجود شبان متطوعين يشتعلون على مدار الساعة في مجال حراسة الطرق وتنظيم المرور. ويقول أيضا إنه فوجئ بالحياة اليومية العادية؛ إذ يتجمع الناس طوال الوقت في مجموعات كبيرة لمشاهدة تطورات الوضع في بلده على القنوات التلفزيونية. ونفى صحة ما تردد عبر وسائل الإعلام الرسمية عن نقص المواد الغذائية في المناطق الشرقية. وقال: «على العكس أنا كنت أهرب من كثرة العزائم». وعزا هذا «الخير الكثير»، على حد تعبيره، إلى عاملين، أولهما: الحدود المصرية التي تتدفق منها المواد الغذائية والأدوية، وثانيا: التضامن بين الناس بسبب الثورة. وقال إنه هو والفريق الإعلامي الإنجليزي المرافق له لاحظوا «فرحة عارمة تعم وجوه الناس. الناس فرحون بالحرية بعد 41 سنة (من حكم القذافي)». وتابع: «من أهم نتائج الثورة التفاف الناس ومحبتهم لبعضهم».

وبعد الدور الذي لعبه على «فيس بوك» (عبر صفحة «حملة صوت الحرية») في التحضير مع كثيرين لبدء الثورة، قال مخلوف إنه كان حريصا على الاطلاع على النشاط العسكري للثوار. وقال إنه لاحظ أن مراكز التدريب منتشرة في المدن الشرقية كلها، وأن المتطوعين للعمل العسكري تتراوح أعمارهم بين 15 و60 سنة. وأضاف أنه وقف على حالة رجل تطوع مع ابنيه للقتال. وتابع: «كنت أرى المئات يتطوعون يوميا» للانضمام إلى الثوار. لكن مخلوف تحفظ على الكشف عن أماكن التدريب أو هويات وأعداد الضباط الذين يشرفون على العمل العسكري. ولدى سؤاله عن هذه التفاصيل قال: «التدريب كله ليبي. المشرفون عليه ضباط وعقداء سابقون في الجيش الليبي. أما الأماكن فلا أستطيع أن أكشف لك» عن مواقعها. وتحدث أيضا عن دور التبرعات المقبلة من الداخل أو الخارج للثوار، فقال إنه وجد شخصا في مدينة بنغازي تبرع بـ3 ملايين دينار (مليوني دولار). وقال: «كل الثروة التي جمعها في حياته تبرع بها». وتابع: «وفي الخارج، هناك عشرات الليبيين يتبرعون أيضا للثورة».

كما تحدث عن الأسرى الذين رغب في التقائهم رفقة الفريق الإعلامي البريطاني. وقال: «هناك أسرى (ممن كانوا يقاتلون في صفوف القذافي) في بنغازي والبيضاء». وأشار إلى أن الكثير من هؤلاء الأسرى كانوا في الأساس خلايا نائمة، وعادة ما يخرجون لإطلاق النار بعد القصف. وقال: إن قيادة الثوار تتحفظ على الكشف عن هويات الضباط الأسرى، لكنه كشف لـ«الشرق الأوسط»، عن هوية مسؤول أمني كبير في اللجان الثورية في بنغازي قبض عليه الثوار مؤخرا. ويتعلق الأمر بـ(و. السنوسي)، «الذي كان من كبار القيادات الأمنية في بنغازي وكان يعذب الناس في السجون ويشرف على عدة عمليات شنق» على تعبير مخلوف.

وأكد أن الثوار مهتمون أيضا «بإحصاء أعداد الشهداء». وقال إن الثوار يسجلون أسماء القتلى على جدران ساحة الشهداء في بنغازي، مؤكدا أن «عدد الشهداء زاد على 5 آلاف». كانت تقارير أخرى قد قالت إن الرقم ربما وصل إلى 8 آلاف.

ولم يخف أن الثوار، خصوصا فئة الشباب التي كانت وراء انطلاقة انتفاضة 17 فبراير (شباط)، يتناقشون كثيرا حول أمور المستقبل، في حال الإطاحة بنظام القذافي. وقال إنهم يتبادلون الأفكار حول 3 أمور رئيسية، هي: النظام السياسي للبلد (جمهوري أو العودة للملكية) والعلم (العودة لعلم العهد الملكي أو اختيار علم آخر) واسم البلد، مشيرا إلى أن كثيرين بدأوا يتداولون اسم «الجمهورية العربية لليبية» بدلا من الجماهيرية. لكنه شدد على أن هناك إجماعا لدى الثوار على أن هذه الأفكار كلها سيجري البت فيها عبر استفتاء شعبي.

وحول النشاط الإعلامي للثوار، قال مخلوف: إن هناك 3 صحف على الأقل تابعة للثوار، واحدة منها صحيفة «قورينا»، التي كانت تتبع لسيف الإسلام، نجل القذافي، وجرى تغيير اسمها. وللثوار أيضا إذاعة في طبرق اسمها «راديو الأحرار» وأخرى في بنغازي اسمها «صوت الحرية» كان يشرف عليها شاب يدعى محمد نبوس، وقد قتل قبل 3 أيام بعدما خرج ليسجل مشاهد ليبثها عبر إذاعته الإنترنتية. وقال: إن نبوس متزوج من أميركية، وهو «إعلامي من الجيل الجديد». وحسب مخلوف فإن الثوار يعملون من أجل مشروع إقامة قناة فضائية قد تبث على النايل سات وتدعى «ليبيا الحرة».