وزير الخارجية الإماراتي: الظروف الاستثنائية في العالم العربي لها انعكاسات طويلة الأمد

الأمير تركي الفيصل: ما المانع من امتلاك قوة نووية خليجية لمواجهة إيران؟ * العطية يدعو للمزيد من المشاركة الشعبية

TT

أكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، أن العالم العربي يمر بظروف استثنائية ستكون لها انعكاسات كبيرة وطويلة الأمد على المنطقة. وقال في كلمة ألقاها أمس في المؤتمر السادس عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إن جلسات المؤتمر ستكون فرصة لتبادل الآراء وعرض الأفكار التي يقدمها نخبة من المسؤولين والأكاديميين والباحثين والمختصين حول التطورات الاستراتيجية المتوقعة والمسارات التي يمكن أن تتخذها الأحداث.

من جهته، دعا الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إلى ضرورة العمل على تحقيق «وحدتنا ووحدة قراراتنا الأمنية والسياسية، وإعادة النظر في مسيرة مجلس التعاون وأهدافه، وما الذي يمنع أن يتحول المجلس إلى اتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي، وإنشاء جيش خليجي موحد، وما المانع من امتلاك قوة نووية تواجه القوة الإيرانية، إن فشلت الجهود الدولية في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، أو القوة النووية الإسرائيلية».

ووصف الأمير تركي الفيصل في كلمته ما شهده العالم العربي خلال الأشهر الماضية، بزلزال سياسي وقال: «تم تقسيم السودان، وسقط نظامان سياسيان في تونس ومصر، وتتعرض ليبيا لزلزال آخر، وكادت تلحق بها مملكة البحرين». وحذر الأمير تركي الفيصل في كلمته أمام المؤتمر من أن مجلس التعاون يواجه تحديات لا بد من التغلب عليها لكي نكون في مقدمة الركب، مشيرا إلى أن استقراء الواقع الحالي يبرز انكشافنا أمنيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، ويفرض ألا نركن إلى أن الاستقرار والنمو الذي تحقق سيدوم للأبد، مؤكدا أن «تغير الأحوال هو سنة الحياة، ولهذا لا ينبغي للانكشاف الاستراتيجي أن يدوم طويلا وعلينا بذل جهود مضاعفة لولوج المستقبل بثقة واطمئنان». وقال في هذا الصدد «إننا وصلنا إلى مرحلة تتطلب منا إعادة التفكير في كثير من المسلمات التي كانت مناسبة لحياتنا من قبل وسمحت لنا بكثير من الاستقرار ومواجهة تحديات، كالثورة الإيرانية، والحرب الإيرانية – العراقية، وغزو الكويت، واحتلال العراق، فما تتمتع به المنطقة من ثروة غير كاف لتحقيق الاستقرار، وعلينا أن نكون فاعلين أساسيين في جميع القضايا الدولية، وألا نسمح بفرض خيارات الآخرين علينا بحجة الانكشاف الذي نعانيه».

ودعا أيضا إلى ضرورة مراجعة مفهوم السيادة الوطنية التي لو بقي التمسك بها لما نجح أي عمل جماعي، وقال «إننا في منطقة الخليج نؤمن بأن أمن أي منا أمن للآخر، ومصيبة أي منا بلوى على الجميع، وعليه فإن سيادتنا واحدة، وأي تنازل عن جزء من عناصر السيادة الوطنية لصالح السيادة الجماعية لا يجب أن يؤخذ بحساسية». ولفت إلى استجابة دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا للتحديات التي واجهت بعض أعضائه كسلطنة عمان ومملكة البحرين، ومن قبل التصدي لغزو العراق للكويت. وشدد الأمير تركي الفيصل على «أننا بحاجة إلى التقدم في مسيرتنا كتكتل إقليمي متحد وإدارة الخلاف والاختلاف من خلال الحوار والتفاهم والثقة، والقناعة بأن مستقبلنا واحد، ومن ذلك موضوع الوحدة النقدية والبنك المركزي الخليجي».

ودعا في ختام كلمته إلى «الالتفات إلى أوضاعنا الإقليمية، وإجراء ما يلزم من إصلاحات لتعزيز استقرارنا الداخلي، فلا نفع للقوة الخارجية بغير القوة الداخلية»، مشددا على ضرورة مراجعة سياساتنا الاقتصادية التي سمحت بأن نكون سوقا لعمالة العالم، وأبناؤنا عاطلون عن العمل، وأن نراجع سياساتنا الثقافية وتعزيز مفهوم المواطنة وتعزيز المواطنة الخليجية».

من جانبه، دعا عبد الرحمن بن حمد العطية، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى المزيد من المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار الجماعي في إطار مجلس التعاون، لافتا إلى أن «قرار إنشاء الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى في عام 1997م خطوة للاستفادة من الكفاءات والخبرات الخليجية، اقتناعا بأهمية توسيع قاعدة التشاور بين الدول الأعضاء، فإن قرار المجلس الأعلى في دورته الـ27 ديسمبر (كانون الأول) 2007 باستحداث آلية لعقد اجتماعات دورية للمجالس التشريعية الشورى والنواب والوطني والأمة، تحت مظلة مجلس التعاون، خطوة أخرى مهمة، إلا أن المطلوب في المرحلة القادمة خطوات أوسع وأشمل لتعزيز المشاركة بما ينسجم ومتطلبات تحديث مؤسسات العمل الجماعي».

وأكد العطية في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، ضرورة تكريس مفهوم المواطنة في دول المجلس بما يحمله هذا المفهوم من قيم الانتماء والولاء للوطن، والمشاركة الفاعلة من قبل المواطن نحو المجتمع الإنساني الذي ينتمي إليه، وهو تفاعل راسخ يتعدى الولاءات التقليدية القبلية والمذهبية، مشيرا إلى أن هذا المفهوم يكتسب وجوده الجمعي من المشاركة السياسية الفاعلة في ظل مشروع حضاري إنساني متكامل الأبعاد.