زوليك: هناك الكثير الذي يجب أن نتعلمه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

البنك الدولي يستضيف أول ندوة مفتوحة عبر الإعلام الجديد لسماع «أصوات عربية»

TT

أقر رئيس البنك الدولي روبرت زوليك أمس بأن على المنظمة الدولية تعلم الكثير عن العالم العربي وتحسين أداء البنك في تطبيق البرامج على خلفية الثورات والمظاهرات التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقال زوليك في افتتاحه ندوة حول تطورات المنطقة في واشنطن أمس: «لقد أنتجنا الكثير من التقارير والعمل حول القضايا التي تهم المنطقة، ولكن سجلّنا في التطبيق متراوح الفعالية.. وهناك الكثير الذي علينا تعلمه».

وافتتح زوليك وحضر ندوة استمرت نحو 3 ساعات في مقر البنك الدولي أمس حملت عنوان «أصوات وآراء عربية»، وهي أول ندوة مفتوحة يستضيفها البنك بمشاركة مستخدم الإعلام الجديد ومواقع الإعلام الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر». ووصف زوليك الحدث بأنه «مناقشة منعشة للأحداث التاريخية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، مضيفا: «إنني أتطلع إلى استماع آراء وأسئلة المشاركين عبر الإعلام الاجتماعي». وتحدث زوليك عن التغييرات في العالم العربي، قائلا إن «الشعوب نزلت إلى الشارع للمطالبة بالتغيير والحصول عليه في بعض الأحيان». وأضاف أن هناك «أسبابا كثيرة لذلك، منها اقتصادية واجتماعية، إلا أنها اتخذت طابعا سياسيا». وعدد زوليك 4 أسباب رئيسية يعتبرها البنك تدفع مطالب التغيير في المنطقة، قائلا: «انعدام الوظائف الجيدة، وانعدام الفرص الاقتصادية الجيدة، وانعدام مؤسسات حكم شفافة يمكن محاسبتها، وانعدام قنوات رسمية لسماع أصوات الناس». وشدد زوليك على أهمية الاستماع إلى مطالب الشعوب وآرائهم، موضحا أن هذا الهدف من الندوة التي شارك فيها خبراء عرب يقيمون في واشنطن والعالم العربي، حيث شملت لائحة المشاركين في الندوة أمس أكاديميين وصحافيين ومحامين وغيرهم من عرب من مختلف المنطقة. أوضح زوليك: «هذه ليست ندوة يقيمها البنك الدولي أو من أجل البنك الدولي، فلا يوجد مشاركون من البنك الدولي في الندوة، لكننا نفسح المجال الملائم للتعرف على الناس من المنطقة».

ولفت زوليك إلى أن المشكلات في المنطقة «ستستغرق وقتا طويلا لحلها»، موضحا: «القضايا لن تتبخر فقط لأن حكومة ما سقطت أو لأن قائدا معينا حل محل قائد آخر». وأضاف أن هناك حاجة لـ«عقود اجتماعية جديدة» بين حكومات المنطقة وشعوبها، مؤكدا أن البنك الدولي من المؤسسات التي تسعى إلى مساعدة هذا المسار. ويذكر أن مسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يشعرون بقلق من تبعات الثورات في تونس ومصر والمظاهرات في دول مثل الأردن، حيث شهدت انفتاحا اقتصاديا نسبيا بدعم برامج المؤسستين الدوليتين، ولكن أدت إلى غضب واستياء جزء كبير من شعوب تلك الدول. وهذه السياسيات، وعلى رأسها رفع الدعم عن منتجات أساسية مثل القمح والوقود، أدت إلى الإساءة إلى سمعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مما دفع المؤسستين إلى النظر إلى تواصل أكبر مع صحافيين ومنظمات غير حكومية في المنطقة لمعالجة هذه القضية.

وحضر زوليك وأعضاء من البنك الدولي الندوة التي قسمت إلى جزأين، الأول عن «المحاسبة الاجتماعية» واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي لمحاسبة المسؤولية والتعبير عن رأي الشعوب، بالإضافة إلى طريقة فتح المجال الاقتصادي أمام الشعوب. ويذكر أن البنك الدولي أنشأ صفحة على موقع «تويتر» باللغة العربية يوم 14 مارس (آذار) الحالي، سعيا للتواصل مع الناشطين والشباب العرب، بالإضافة إلى أنه أنشأ صفحة على موقع «فيس بوك» بالعربية أيضا. وقالت نسرين حج أحمد، وهي واحدة من مؤسسي «مبادرة التنظيم المجتمعي في الشرق الأوسط»، خلال الندوة إن هناك قيما أساسية تقود المظاهرات والثورات في المنطقة، وهي «قيم الحرية والعدالة والكرامة التي حركت الشعوب، والتي غيرت اليأس إلى الأمل، لكن علينا البناء على هذا النجاح». وردا على سؤال من الحضور حول المزاج العام في المنطقة، قالت من عمان: «التفاؤل والأمل والقدرة على اتخاذ المجازفات».

ومن بين المقترحات التي طرحت على البنك الدولي والمنظمات الدولية تقوية المؤسسات وسيادة القانون. وقالت المحامية ريما علي المقيمة في واشنطن: «تاريخيا هناك حاجز بين الشعوب والقادة، القنوات القانونية لم تجعلهم يشعرون بأن هناك تواصلا عبر الأنظمة والآليات الملائمة». وأضافت أنه من الضروري «خلق آليات للمشاركة في اتخاذ القرارات، وذلك سيولد شعورا بالانتماء». وكان هناك تشديد على أهمية خلق فرص العمل ومنع الفساد تماشيا مع أي انفتاح اقتصادي. وقال منير ديفيد من منظمة «حبر لبناني»: «الشباب على وعي في التفكير في طريق الانتقال الحالي في المنطقة، فإذا فتحت الأسواق، هل هناك فرص للبنى التحتية؟ هذه قضية أساسية يجب معالجتها». أما الأكاديمي المصري - الأميركي سامر شحاتة من جامعة جورج تاون في واشنطن فشدد على ضرورة تبني مقاييس جديدة للنمو والتقدم الدولي. وقال: «في مصر منذ 2004 إلى العام الحالي كنا ننظر إلى المؤشرات الخاطئة، من 2004 إلى الآن مصر كانت تحصل على إشادات إلى نمو بمعدل 6 في المائة وجذب الاستثمارات، وحصلت مصر أيضا من هنا على جائزة (الدولة الإصلاحية الأفضل) قبل بضعة أعوام. إلا أن أي شخص يزور البلد لأسبوعين كان يرى بلدا مختلفا، فيه معدلات تضخم عالية جدا، وتزايد الفقر وزيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء». وأضاف: «هناك حاجة لطرق جديدة لقياس الأوضاع، مثل الفقر ومعدلات الفجوة بين الفقراء والأغنياء بالإضافة إلى حريات العمالة والحريات السياسية، وعلى المؤسسات الدولية التواصل أبعد من الحكومات والوزارات ومعرفة أوضاع العالم».