احتفل الإيرانيون برأس السنة الفارسية (عيد نوروز) أمس، وهنأ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الإيرانيين بالمناسبة، غير أنه قال إن الذكرى تمر بالتزامن مع «القمع» الذي تتعرض له الشعوب الإسلامية، الأمر الذي «سلب حلاوتها»، في إشارة إلى الثورات والاضطرابات التي يشهدها عدد من الدول العربية. ومن جانبه هنأ الرئيس الأميركي باراك أوباما الشباب الإيرانيين وبعث لهم رسالة تضامن، ندد خلالها بالنظام الإيراني وأعرب عن تضامنه مع المتظاهرين الشبان وأنه يدعمهم.
وقد رحب الزعيم الأعلى الإيراني بالعام الفارسي الجديد قائلا إن مشاعر الإيرانيين مع المحتجين المناهضين للحكومات في الدول الإسلامية والذين يتعرضون «لقمع عنيف»، وأضاف في كلمة تلفزيونية إن «الحوادث المرة التي تشهدها الشعوب بالبحرين واليمن وليبيا سلبت منا حلاوة العيد وتمنع الإنسان من الشعور بالفرح والسرور بشكل كامل».
وعلى الرغم من إعرابه عن التأييد للمتظاهرين في المنطقة وتنديده بالقمع الحكومي، فقد سحقت إيران احتجاجات في الداخل وسجنت عشرات المتظاهرين منذ انتخابات رئاسية متنازع عليها في عام 2009.
وخلال العامين الماضيين تضمنت الرسالة السنوية لخامنئي ردا على مبادرات الرئيس الأميركي باراك أوباما لإيران من خلال رسالته بمناسبة عيد «نوروز»، الذي يعني الانتقال من فصل الشتاء إلى الربيع، عارضا العمل من أجل الحد من العلاقات العدائية. وبعد عام من نجاح واشنطن في تشديد عقوبات الأمم المتحدة على إيران بسبب برنامجها النووي لم يعرب أي من الجانبين عن الأمل في حدوث تقارب، وقال خامنئي إن إيران ستجعل العام المقبل عام «جهاد اقتصادي» لإحباط أعمال أعدائها، وأضاف أن «العقوبات التي فرضها أعداء الشعب الإيراني تم القيام بها بنية توجيه ضربة لتقدم بلادنا ومنعها من تحقيق ثمرة جهودها المطردة. بالطبع لن تتحقق نيتهم».
وقللت إيران من تأثير العقوبات التي أصابت الاستثمار الأجنبي في قطاعها النفطي وجعلت من الصعب عليها بشكل أكبر الحصول على خدمات مصرفية دولية.
وتقول واشنطن وحلفاؤها إنهم يخشون من احتمال أن تكون إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وهو أمر تنفيه طهران، وأشاد خامنئي بسياسة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في التخلص تدريجيا من الدعم السنوي الذي يبلغ حجمه مليارات الدولارات بوصفها «خطوة رئيسية» في الإصلاح الاقتصادي.
ومن جانبه، فقد تواصل أوباما مع الشباب الإيرانيين بمناسبة عيد نوروز، وقال في شريط مصور بث على موقع البيت الأبيض على الإنترنت، في وقت يختتم فيه أوباما، في ريو دي جانيرو، جولة يقوم بها على أميركا اللاتينية لمدة خمسة أيام، إن «مستقبل إيران بيد الشبان.. الشبان هم الذين سيحددون مصيرهم، موهبتكم وآمالكم وخياراتكم ستشكل مستقبل إيران وتساعد على إنارة العالم. وعلى الرغم من أن الأوقات قد تبدو مظلمة فأريد منكم أن تعرفوا أنني معكم».
وقال أوباما «أعتقد أن بعض القيم عالمية، حرية التجمع السلمي وتشكيل جمعيات وإمكانية أن نعبر عن رأينا ونختار قادتنا. وما نشهده في المنطقة برمتها هو الإرادة بأن تكون هناك حكومات مسؤولة تجاه شعبها»، وتابع «وإذ يؤكد سكان المنطقة على وجوب أن يختاروا الطريقة التي يحكمون بها! فإن حكومات المنطقة اختارت التجاوب كل على طريقتها».
وشدد قائلا إن «الحكومة الإيرانية ردت حتى الآن بإظهار اهتمامها بحماية سلطتها أكثر بكثير مما تكترث لاحترام حقوق الإيرانيين»، ورأى أن «هناك حملة تخويف وتجاوزات تجري منذ نحو سنتين. إن الشعب الإيراني بشيوخه وشبانه! رجاله ونسائه! أثريائه وفقرائه! تعرض للاضطهاد.. العالم شاهد هذه الأعمال الظالمة بقلق».
وأضاف الرئيس الأميركي أن «هذه الخيارات ليست دليل قوة، بل دليل خوف. حين تخشى حكومة مواطنيها إلى حد لا تسمح لهم بالوصول بحرية إلى المعلومات أو التواصل فيما بينهم! فهذا يقول الكثير عنها»، واستطرد قائلا «هذه فترة أمل وتجدد» مضيفا «نعرف أنها أيضا مرحلة واعدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولو أن هناك كذلك تحديات هائلة».
ومع اجتياح الثورات الشعبية منطقة الشرق الأوسط أبدت الولايات المتحدة تضامنها مع نشطاء الديمقراطية في إيران، ولكن طهران لم تر حتى الآن المظاهرات الضخمة التي حدثت في بعض الدول الأخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وهذه ثالث رسالة يوجهها أوباما بمناسبة رأس السنة الإيرانية منذ توليه مهامه في يناير (كانون الثاني) 2009 وهي تتسم بنبرة جديدة حيال النظام الإيراني بعدما اعتمد أوباما سياسة اليد الممدودة لإيران خلال حملته الانتخابية والأشهر الأولى من ولايته.
وفي 2009 قام بمبادرة تاريخية إذ توجه مباشرة إلى القادة الإيرانيين، عارضا عليهم تخطي ثلاثين عاما من العداء بين البلدين. وبإبدائه تصميمه على «السعي إلى حوار صريح يقوم على الاحترام المتبادل»، فقد تبنى أوباما قطيعة مع سياسة سلفه جورج بوش، إذ اعتبر أن النظام الإسلامي يمكن أن يكون محاورا.
غير أن هذه النبرة تبدلت عام 2010 بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في منتصف 2009.