كندا تصبح هدف المهاجرين الإيرانيين.. وبعضهم يطلق على تورونتو اسم «طهرانتو»

جيل الشباب لا يرى فرصا في بلاده ويبحث عنها بدول أخرى

TT

عندما يجتمع إيرانيون يرغبون في الهجرة إلى الخارج، فغالبا ما يتفقون على أن كندا هي مقصدهم المفضل؛ فالدولة الواقعة في أميركا الشمالية تحولت إلى جنة عدن جديدة للذين لا يرون أي مستقبل في موطنهم إيران.

وتقول هالة، وهي مهندسة كيميائية (30 سنة) في طهران تعتزم التوجه إلى تورنتو في الصيف: «لقد تعبت من وطني الذي أحبه، وأنا أريد أن أواصل حياتي بالعيش في مكان بلا قيود أو تفرقة في الجنس».

ويقول تقرير لوكالة الأنباء الألمانية إن هالة ليست الوحيدة في إحباطها، ازداد عدد الإيرانيين الباحثين عن حياة جديدة في كندا بمعدل 30% على الأقل في العشرين شهرا الأخيرة، وفقا لعدة وكالات في طهران تتعامل مع الهجرة إلى هناك.

وقال مراقبون إن أحد الأسباب الأساسية هي الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) 2009 التي شابها التزوير، فاحتجاجات الشوارع ضد إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تم قمعها بعنف وأيضا أي أمل في التغيير في الجمهورية الإسلامية.

وقال عالم اجتماع في طهران إن الحماس السائد قبل الانتخابات والأمل في أن إيران ستتحرك قدما نحو الديمقراطية تحول إلى إحباط، مما دفع جيل الشباب بصفة خاصة إلى التفكير في الرحيل.

وقال عالم الاجتماع: «ما نشهده الآن هو هجرة الشباب والمتعلمين الذين لا يرون أي فرص أخرى في إيران»، وأضاف: «إنهم لا يريدون أن يخسروا أنفسهم هنا، ولكنهم يبحثون عن بداية جديدة في بلد مثل كندا حيث يعتقدون بإمكانية الاعتراف بإمكاناتهم».

وقد حدثت الموجة الأولى من الهجرة من إيران في السنوات التي أعقبت ثورة 1979 وتأسيس جمهورية إسلامية يحكمها رجال الدين. ووفقا للمسؤولين، فإن هناك خمسة ملايين إيراني يعيشون في الخارج، لكن المراقبين يقولون إن الرقم أعلى من ذلك لأن أطفالهم المولودين في الخارج غير مسجلين بالضرورة في إيران.

ويتساءل أستاذ جامعي في طهران عن مدى إدراك هؤلاء النشء لأصولهم، وقال: «من المحتمل أن لا يكونوا يتحدثون اللغة الفارسية أيضا»، واستطرد قائلا: «إنهم الجيل الضائع في إيران الناجم عن الوضع بالبلاد في العقود الثلاثة الأخيرة».

وقد برزت كندا في السنوات الأخيرة كوجهة جديدة للهجرة. وبسبب معاييرها الانتقائية الخاصة بالهجرة، فإنه يسمح أساسا للإيرانيين المتعلمين والمؤهلين مهنيا بالهجرة.

ويحدد إحصاء يعود إلى عام 2006 رقم الإيرانيين الذين هاجروا إلى كندا بنحو 92085 إيرانيا، ويقال إن الرقم قد يزيد الآن على 250 ألفا. ونظرا لأن معظم الإيرانيين يفضلون الإقامة في تورنتو، فقد أطلق على المدينة اسم «طهرانتو».

ومن مظاهر الهجرة الجديدة إلى كندا أن الإيرانيين الذين ينتقلون إلى هناك ليس دافعهم في الأساس المال، لأن الكثير منهم يتمتع بمستوى معيشة جيد في إيران.

وعلي طبيب عمره 43 عاما وزوجته لديهما دخل مزدوج جيد ويعيشان معيشة مريحة، ولكنهما ما زالا مصممين على التوجه إلى تورنتو، ويقول علي: «أنا أحب كندا لأن أي محاولة من جانبي لأكون سعيدا لا يتم إحباطها أو العدول عنها أو تحقيرها أو ما إلى ذلك».

ومحمد طبيب أسنان لديه عيادته الخاصة في طهران ويعتقد أن دخله ببلده سيكون أكثر من تورنتو حيث يعتزم الذهاب قريبا، ويقول: «أنا أستطيع تحقيق دخل أكبر في إيران، ولكن ما أفتقده ببساطة هو وجود خيارات في بلد ليس به خيارات؛ سواء سياسية أو اجتماعية». وقال: «إنها ليست المكان الذي أريد أن أمضي فيه بقية حياتي». ويرى الكثير من الإيرانيين الذين يعتزمون الذهاب إلى كندا أن خياراتهم السياسية تم تجاهلها في الانتخابات الرئاسية عام 2009 وقمعت احتجاجاتهم بعنف.

وقالت فاريناز، مهندسة معمارية (37 سنة) وتريد أيضا الهجرة إلى كندا: «إذا أدليت بصوتي لصالح أناس وأحزاب سياسية مختلفة وحتى إذا خسروا، فأنا ما زلت أتوقع أن يكونوا فاعلين كمعارضة وليس إبعادهم بشكل مفاجئ عن المشهد السياسي».