بعد أسبوعين من الصمت، اضطرت السلطات الإسرائيلية، الليلة قبل الماضية، إلى الاعتراف بأن المهندس الفلسطيني، ضرار موسى أبو سيسي، ابن مدينة غزة، الذي فقد أثناء زيارته لأوكرانيا في الشهر الماضي، معتقل في إسرائيل. وقد ظهر أبو سيسي في المحكمة الإسرائيلية في بيتح تكفا، عندما اقتيد للبحث في تمديد اعتقاله، واتضح أنه يتعرض للتحقيق في أحد مقرات المخابرات وسط البلاد.
وقد حاولت المخابرات الإسرائيلية الاستمرار في التعتيم على مصيره، بدعوى عدم انتهاء التحقيق والخوف من أن يؤدي النشر إلى تشويش التحقيق، لكن جمعية حقوق الإنسان والمواطن توجهت إلى المحكمة، طالبة كشف أمر الاعتقال ومنحه حقوق المعتقل، خصوصا أن قصة اختطافه قد انتشرت في الخارج. ووافقت المحكمة على النشر، لكنها منعت نشر تفاصيل الاتهامات التي بسببها تم اختطافه، كما منعت نشر تفاصيل عن طريقة اختطافه، ووافقت على تمديد اعتقاله لمواصلة التحقيق 30 يوما إضافيا. بينما نفى مصدر في المخابرات الإسرائيلية أن أبو سيسي قد اختُطف بأيدي رجالها، مما زاد في التخمينات حول ظروف وصوله إلى معتقلاتها.
كان أبو سيسي، البالغ من العمر 42 عاما، قد فُقد في ظروف غير معروفة في الساعات الأولى من يوم 19 فبراير (شباط) الماضي بعد أن استقل قطارا في مدينة خاركيف، شرق أوكرانيا، الذي كان من المقرر أن يتوجه إلى العاصمة كييف، وذلك حسب ما قالته الناطقة بلسان وزارة الداخلية الأوكرانية، فيكتوريا كوشنر. وأضافت أن أبو السيسي كان في زيارة لأوكرانيا للحصول على الجنسية.
من جهتها، قالت فيرونيكا، زوجة أبو السيسي، وهي أوكرانية الجنسية، إن زوجها وصل إلى أوكرانيا في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، لإجراء آخر الترتيبات للحصول على الجنسية؛ حيث إنه كان، خلال تعليمه، قد عاش في أوكرانيا منذ سنة 1988 وحتى سنة 1998، وقد درس هناك هندسة الكهرباء وحصل على شهادة الدكتوراه، ثم عاد إلى غزة لكي يسهم، بخبرته، في المجهود الوطني، وقبل العمل في محطة توليد الكهرباء.
وفي الزيارة الأخيرة، كان من المفترض أن يلتقي ضرار مع شقيقه يوسف في مطار كييف، علما بأنهما لم يلتقيا منذ 15 عاما. وقد انتظره صديقه في محطة القطار، لكي ينقله، حيث شقيقه يوسف، الذي قدم بدوره من هولندا، حيث يعمل ويعيش. ولكن لم يصل بالقطار. وقد اتهمت زوجته جهاز الموساد الإسرائيلي باختطاف زوجها خلال تلك الرحلة، وذلك لتخريب محطة الكهرباء الرئيسية في غزة؛ حيث كان يعمل مديرا هناك. وقد توجه شقيقه يوسف إلى إدارة محطة القطار، طالبا التحقيق في المسألة، فأبلغوه أن رجلين غربيين دخلا إلى المقصورة التي وُجد فيها شقيقه ضرار، لدى التوقف في محطة على الطريق، ومنذ ذلك الحين اختفت آثاره. وأبلغ الشطة الأوكرانية بالأمر، لكن هذه لم تفعل شيئا لإلقاء القبض على الخاطفين.
وقال مصدر إسرائيلي: إن التحقيق مع أبو سيسي لا يعني بالضرورة تقديمه إلى المحاكمة وإن المخابرات تعتقد أن لديه معلومات كبيرة عن نشاط حماس في البلاد والخارج، وربما عن ظروف احتجاز الأسير الإسرائيلي لدى حماس، غلعاد شليط. وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن أبو السيسي قد اعتُقل من قبل إسرائيل كجزء من التحريات غير أنها أبقت باقي التفاصيل ضمن حظر النشر من قبل السلطات الإسرائيلية. وأوكلت زوجة السيسي المحامية الإسرائيلية سمدار بن نتان لتمثيل زوجها، بينما وصف أصدقاء السيسي بأنه مؤيد لحماس وذلك لمنصبه الذي يتولاه في محطة كهرباء غزة؛ حيث إنه كان يعمل نائبا لمدير المحطة.
يُذكر أن اختطاف أبو السيسي على الأراضي الأوكرانية بدا محرجا لرئيس الوزراء الأوكراني، لدى زيارته لإسرائيل الأسبوع الماضي.. فقد سأله الصحافيون الإسرائيليون عن ذلك، فأجاب: «لا أريد أن أتخيل حدوث مثل هذه الأشياء على ترابنا الوطني». لكن أوساطا إسرائيلية قالت إنه لا يمكن تنفيذ اختطاف كهذا من دون معرفة المخابرات المحلية.