العراقيون يبحثون عن فسحة الأمل في ثاني أعلى «دولاب هواء» في الشرق الأوسط

مصدر في أمانة بغداد لـ «الشرق الأوسط» الدولة لم تدفع فلسا واحدا من سعره

TT

على الرغم من تعدد أسمائه لدى العراقيين فإن «عيد نوروز» بات يمثل منذ ثمانية أعوام على الأقل وبعد أن تحول الأكراد إلى جزء من المنظومة السياسية في البلاد عيدا وطنيا شاملا يتعدى حدود العطلة الرسمية التي كان معمولا بها حتى على عهد النظام السابق.

ومع أن الاحتفالات بأعياد نوروز تبلغ ذروتها في مدن إقليم كردستان الثلاث الكبرى أربيل والسليمانية ودهوك فإنها تجد حضورها الواسع في المدن والمناطق الأخرى سواء المختلطة أو حتى تلك التي ليس فيها أكراد. وبينما يكتفي العراقيون في المحافظات الغربية من العراق مثل الأنبار وصلاح الدين والجنوبية مثل ذي قار وميسان والبصرة وحتى الوسطى مثل النجف وبابل وكربلاء بالتمتع بيوم عطلة في مثل هذا اليوم الذي اتخذ في الذاكرة الشعبية تسميات مختلفة أبرزها «عيد الشجرة» أو «عيد الربيع» أو حتى «دخول السنة» فإنه في المدن المختلطة مثل نينوى وكركوك وبغداد يمثل نوعا من التلاقح الفني والفلكلوري الذي يظل يحمل طابعا خاصا.

وفي بغداد كان يوم أمس لافتا بالنسبة للعراقيين الذين كان كل ما يربطهم في العقود الماضية بعيد نوروز هو كونه عطلة رسمية تم الإتفاق عليها منذ بيان الحادي عشر من مارس «آذار» الذي أعلنه النظام العراقي السابق والذي تم بموجبه إعلان الحكم الذاتي لمنطقة كردستان العراق. وفي الوقت الذي رحب فيه الأكراد بذلك البيان ودخل في أدبياتهم السياسية بوصفه بيانا تاريخيا لأنه مثل أول حالة اعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الكردي فإن النظام السابق سرعان ما تخلى عن التزاماته حيال تطبيق بنود البيان وأقام مؤسسات اعتبرت كارتونية بالنسبة للقيادة الكردية. الشيء الوحيد الذي بقي بين المركز وكردستان آنذاك هو عطلة عيد نوروز. وبينما لم يكن بوسع العراقيين من خارج محافظات الشمال أو كردستان فيما بعد القيام بزيارات إلى مدن كردستان خصوصا بعد عام 1991 فإن الأوضاع سرعان ما اختلفت تماما على إثر التغيير الجذري بعد سقوط النظام السابق عام 2003 والذي انسحب على عيد نوروز الذي صار يوما خاصا للفرح عند العراقيين الذين كثيرا ما تصطبغ حتى أعيادهم بمزيد من مسحات الحزن في وقت تكثر فيه المناسبات الحزينة بالقياس إلى أيام الفرح. والسبب المباشر في ذلك يعود إلى طبيعة الشعب الكردي المحب للفرح والحياة والذي يتمثل في الملابس ذات الألوان الزاهية والصارخة معا التي ترتديها النساء والفتيات الكرديات مما يجعل عيد نوروز يوما استثنائيا لاستعراض شتى ألوان الطيف الشمسي.

وبالقياس إلى السنوات الماضية فإن العوائل العراقية وجدت في هذه المناسبة فرصة للبحث عن فسحة الأمل عقب قيامهم خلال الأسابيع الماضية بتنظيم العديد من التظاهرات المطالبة بتحسين الخدمات وفي المقدمة منها الكهرباء والماء والبطاقة التموينية. ومع أن شمس شهر مارس (آذار) تبدو مناسبة للتجوال في شتى أرجاء العاصمة بغداد فإن الأماكن التي سجلت أعلى نسبة في الحضور الجماهيري اللافت وكما رصدتها «الشرق الأوسط» هي مدينة الألعاب في متنزه الزوراء والبحيرة التي تقع قرب مجمع الجادرية ـ جامعتي بغداد والنهرين والتي كانت تسمى «بحيرة صدام» والمساحات المفتوحة الكائنة بين القادسية والجادرية الواقعة عند امتدادات جسر الجادرية الرابط بين الكرادة والسيدية.

وكان الحضور اللافت يتمثل في مدينة الألعاب بوجود «دولاب الهواء» الذي اعتبرته أمانة بغداد ثاني أكبر «دولاب هواء» في المنطقة بعد دولاب هواء مدينة الشارقة. وطبقا لما أبلغ به المستشار الإعلامي لأمانة بغداد أمير علي الحسون «الشرق الأوسط» فإنه «لا علاقة لأمانة بغداد في دفع تكاليف هذا الدولاب الذي بلغت 6 ملايين دولار» مشيرا إلى أن «شركة مدينة الألعاب في الزوراء تديرها شركة استثمارية منذ عهد النظام السابق على شكل مساطحة حتى عام 2025 وبالتالي فإن المستثمر هو الذي جلب هذا الدولاب حيث إنه يستأجر المدينة من الأمانة التي تتقاضى إيجارا سنويا».

وانتقد المستشار الإعلامي الأصوات الإعلامية والسياسية التي انتقدت الأمانة لكونها استوردت دولابا للهواء كلفته 6 ملايين دولار، معتبرا أن «كل من تحدث بذلك لم يكن يريد أن يعرف الحقيقة فالفلوس هي فلوس المستثمر وهو أعرف كيف يديرها بمشروع منذ عهد النظام السابق والعقد لا يزال مستمرا حتى نهاية مدته». وحول مواصفات هذا الدولاب قال حسون إن «ارتفاعه يبلغ 60 مترا بينما يبلغ ارتفاع دولاب إمارة الشارقة 72 مترا فهو يأتي بالدرجة الثانية بعد أكبر دولاب هواء في المنطقة وكلفة صعوده بالنسبة للمواطن 4000 آلاف دينار عراقي (نحو 3 دولارات)» مشيرا إلى أن «الشركة التي أنجزته وتقوم بأعمال الدورية عليه بين فترة وأخرى هي أكبر شركة إيطالية متخصصة في مجال الألعاب».