أوباما: البرازيل نموذج للانتقال إلى الديمقراطية

زار مدينة صفيح في ريو.. وقال إن التغيير في الشرق الأوسط يجب ألا يخيف

عضوان من الخدمة السرية (الحرس الرئاسي الأميركي) يراقبان الوضع قبل مغادرة أوباما ريو دي جانيرو، أمس (رويترز)
TT

في أول يوم لزيارته إلى البرازيل، أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما أوامر التدخل العسكري الأميركي في عمليات الأمم المتحدة العسكرية ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي. وفي آخر يوم، قال إن البرازيل يمكن أن تكون «نموذجا» تحتذي به دول الشرق الأوسط. وأشار إلى سنوات الحكم العسكري في البرازيل، وفي غيرها من دول أميركا اللاتينية.

وكان أوباما يتحدث في ريو دي جانيرو، حيث أشار إلى التطورات في ليبيا، ونفى أن تكون للولايات المتحدة مطامع في ليبيا، وتعهد بأن الولايات المتحدة لن تنزل قوات هناك، وأنها تنفذ فقط حظر الطيران فوق ليبيا حسب قرار مجلس الأمن رقم 1973.

وقال أوباما في كلمة إلى البرازيليين في ريو دي جانيرو في اليوم الثاني والأخير من جولة إلى أميركا اللاتينية تستغرق خمسة أيام: «لا أحد يستطيع أن يعرف بدقة ما الذي سيقود إليه التغيير» في ليبيا، «لكنني أعرف أن التغيير ليس بالأمر الذي يجب أن نخشاه». وأضاف: «عندما يطالب الرجال والنساء بحقوقهم بطريقة سلمية، فإن إنسانيتنا المشتركة يجب أن تلبي هذه المطالب. حيثما يشعل ضوء الحرية، يصبح العالم أكثر نورا». وتابع: «هذا نموذج البرازيل. البرازيل بلد يبرهن على أن الدكتاتورية يمكن أن تصبح ديمقراطية حية. البرازيل بلد يبرهن على أن الديمقراطية تتيح للشعوب الحرية بقدر ما تتيح لها فرص الرخاء. البرازيل بلد يبرهن على أن الدعوة للتغيير التي تبدأ في الشارع يمكن أن تغير مدينة، ووطنا والعالم أجمع».

وأشار أوباما إلى ميدان «سينلانديا»، المقابل للمسرح البلدي الذي كانت تحدث فيه مظاهرات مطالبة بالديمقراطية، وتكللت بالنجاح، مع وضع حد لـ 21 عاما من الدكتاتورية العسكرية، عام 1984.

وربما ليبرهن على أهمية الطبقات العاملة والفقيرة، زار أوباما، في آخر يوم له في البرازيل، مع زوجته ميشيل وابنتيهما ساشا وماليا، مدينة صفيح في الضاحية الغربية لريو دي جانيرو، حيث يعيش أكثر من 40 ألف نسمة، وكانت مرتعا لتجار المخدرات، حتى نظفتها الشرطة مؤخرا. ونقلت وكالة «رويترز» من ريو دي جانيرو أن قوات الشرطة والجيش انتشرت بأعداد كبيرة في الحي، وانتشر قناصة على أسطح المباني. غير أن سكان الحي رحبوا بحرارة بزيارة أوباما.

وفي وقت لاحق، حضر أوباما وعائلته حفلة موسيقية، وعرضا لرقصات تقليدية. ثم خرج إلى الشارع وشارك أطفالا في لعبة كرة القدم التي اشتهرت بها البرازيل حول العالم. ثم زار مع عائلته تمثال «كرايست ريديمار» (المسيح الفادي) في قمة جبل يطل على مدينة ريو دي جانيرو. وأمس الاثنين، توجه أوباما إلى العاصمة التشيلية سانتياغو حيث كان مقررا أن يلقي خطابا شاملا عن سياسة إدارته في أميركا اللاتينية، ثم يزور سان سلفادور (عاصمة السلفادرو) اليوم الثلاثاء، قبل أن يعود إلى واشنطن. وأشار مراسل لصحيفة «الواشنطن بوست» رافق أوباما إلى البرازيل، إلى أن البرازيليين نظروا نظرة خاصة إلى أوباما لأنه أول رئيس أميركي أسود، مع العلم أن نصف سكان البرازيل سود. ونقلت الصحيفة عن ميلو ماسيقوتو، 47 سنة، وهو مستشار في الحملة ضد المخدرات: «في البرازيل، لدينا جميع أنواع الثقافة والناس. لكن جزءا كبيرا من هويتنا الداخلية يأتي من أفريقيا. لهذا السبب أعتقد أن أوباما مهم بالنسبة لنا وبالنسبة للعالم لأن أصله من أفريقيا، ولأنه تربى تربية فقيرة، ثم فجأة أصبح الرجل الأكثر أهمية في العالم».

قبل أربعمائة سنة تقريبا، استقر المستكشفون البرتغاليون في البرازيل، وتلتها موجات من الإسبان والإيطاليين والألمان والأوروبيين الآخرين. وبسبب نقلهم أعدادا كبيرة جدا من الأفارقة، صار الآن ما يقارب نصف السكان (إجمالي سكان البلد نحو 200 مليون شخص) سودا أو من خليط أسود وأبيض. وقالت «واشنطن بوست»: «عادة، ما يحتفل المجتمع البرازيلي بهذا الدمج العنصري. لم تكن العنصرية أبدا مؤسسة كما كانت في الولايات المتحدة (نص عليها الدستور الأميركي، قبل تعديله)».

وقفزت العلاقات العرقية والطبقية في البرازيل قفزة كبيرة إلى الأمام مع انتخابات عام 2002 عندما صار لويس إيناسيو دا سيلفا رئيسا للبلاد. ورغم أنه أبيض، جاء من شمال شرقي البرازيل حيث الأغلبية من السود الفقراء. وعندما كان صبيا، كان يلمع الأحذية في الشارع. وأصبح في وقت لاحق نقابيا، وقاده هذا إلى رئاسة الجمهورية.

وخلال السنوات الثماني التي قضاها في منصبه، ارتفع نحو 30 مليون شخص من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى. وتحولت البرازيل إلى قوة اقتصادية تفوق إيطاليا، وسابع أكبر دولة اقتصادية في العالم. وحتى الرئيسة الجديدة لولا روسيف، وهي بيضاء أيضا، بدأت من الشارع، بل اشتركت في عمليات عسكرية وحرب عصابات، واعتقلت مرات كثيرة، من قبل النظام العسكري خلال السبعينات.