محتجون يتظاهرون في جنوب سورية لليوم الخامس

الاتحاد الأوروبي: قمع المتظاهرين في سورية «غير مقبول»

متظاهرون سوريون بالقرب من الجامع العمري في مدينة درعا أمس حيث تشهد المدينة احتجاجات منذ عدة أيام ضد حكومة الرئيس الاسد (رويترز)
TT

تظاهر مئات الأشخاص لليوم الخامس على التوالي أمس في جنوب سورية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد وهتفوا «حرية حرية.. سلمية سلمية».

وتجمع المحتجون قرب المسجد العمري القديم في درعا وبلدة نوى القريبة في هضبة حوران الاستراتيجية بالقرب من الحدود مع الأردن مستلهمين موجة من الاحتجاجات في العالم العربي أطاحت حتى الآن برئيسي تونس ومصر.

وقال أحد المحتجين في درعا، حيث تراجعت محاصيل الحبوب العام الماضي بمقدار الربع بسبب موجة قحط اجتاحت البلاد التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة: «نريد خبزا لكن أيضا نريد الحرية».

وقتلت قوات الأمن أربعة محتجين حين اندلعت المظاهرات في درعا يوم الجمعة وتوفي طفل،11 عاما، بعد استنشاقه غازات مسيلة للدموع.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن السلطات السورية اعتقلت أمس ناشطا بارزا مدافعا عن المحتجين الذين يطالبون بالحرية والقضاء على الفساد. وأفاد بيان المرصد أن لؤي حسين الذي كان سجينا سياسيا بين عامي 1984 و1991 أخذ من منزله في منطقة بالقرب من دمشق.

وقال المرصد السوري إن الأمن السوري اعتقل أمس الكاتب والناشر الناشط السوري لؤي حسين بعد اقتحام منزله في منطقة صحنايا (ريف دمشق)، بينما كانت عائلته خارج المنزل. وأكد المرصد أنه «حتى الآن لا يعرف مصير الناشط». جدير بالذكر أن الكاتب لؤي حسين يملك دارا للنشر وسط دمشق وهو من مواليد 1960، وسبق اعتقاله لأسباب سياسية على ذمة حزب العمل الشيوعي بين عامي 1984 إلى 1991. وقال المرصد في بيانه: «كان لؤي قد بادر بالأمس إلى طرح بيان للتوقيع عبر الإنترنت تضامنا مع أهالي درعا وحق جميع السوريين بالتظاهر السلمي وحرية التعبير».

ونقلت قناة تلفزيون «المنار» اللبنانية عن فاروق الشرع نائب الرئيس السوري قوله أمس، إن الأسد ملتزم بمواصلة طريق الإصلاح والتحديث في سورية. وأضاف أن الأسد لا يمكن أن يكون ضد أي مواطن سوري. ولم تقدم القناة تفاصيل.

وفي جنيف قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن السلطات «في حاجة للوقف الفوري للإفراط في استخدام القوة ضد المحتجين المسالمين وخصوصا استخدام الذخيرة الحية».

ومن المطالب الرئيسية للمحتجين إنهاء ما يصفونه بالقمع من جانب الشرطة السرية التي يرأسها في محافظة درعا أحد أقارب الأسد الذي يواجه أكبر تحد لحكمه منذ خلافته لوالده حافظ الأسد عام 2000. وتخضع سورية لقانون الطوارئ منذ استيلاء حزب البعث على السلطة عام 1963. وتجاهل الأسد مطالب متزايدة بإنهاء العمل بقانون الطوارئ وتقييد سلطات أجهزتها الأمنية وتعزيز حكم القانون والإفراج عن آلاف السجناء السياسيين والسماح بحرية التعبير والكشف عن مصير عشرات الآلاف من المنشقين الذين اختفوا في الثمانينات.

وقال هيثم المالح، 80 عاما، المحامي والقاضي السابق الذي أمضى حياته في المقاومة السلمية لاحتكار حزب البعث الحاكم للسلطة، إن الثورة أصبحت على الأبواب والنظام ما زال يراوغ في إجراء التغيير. وتطالب الاحتجاجات بالحرية وإنهاء الفساد والقمع وليس الإطاحة بالأسد.

وانتهجت السلطات أمس أساليب أقل عنفا فيما يبدو ولم تتدخل ضد المحتجين رغم أن نشطاء قالوا إن مئات اعتقلوا في أنحاء سورية الأسبوع الماضي.

وحذر المرصد أيضا السلطات السورية من المساس بالشخصية الوطنية البارزة عيسى المسالمة، مطالبا بالإفراج الفوري عنه وعن كافة معتقلي الرأي والضمير في السجون السورية وطي ملف الاعتقال السياسي. وقال بيان المرصد السوري «علم المرصد أن الأجهزة الأمنية داهمت أول من أمس، منزل الشاب رامي سليمان إقبال في مدينة داعل بمحافظة درعا واعتقلته بسبب اتصال هاتفي مع إذاعة (بي بي سي) العربية تحدث خلاله عن الأوضاع في درعا ولا يزال مصيره مجهولا». وأضاف البيان أن «المرصد السوري لحقوق الإنسان يستغرب استمرار السلطات السورية باتباع سياسة الحلول الأمنية والاعتقالات التعسفية بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، بدلا من سياسة الحوار البناء لما فيه خير لسورية وشعبها».

إلى ذلك، أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس أن قمع المتظاهرين الذين يحتجون على نظام الرئيس بشار الأسد في سورية هو أمر «غير مقبول». وقالت أشتون في بيان، إن الاتحاد الأوروبي «يدين بشدة القمع العنيف، بما في ذلك استخدام الرصاص الحي، للتظاهرات السلمية» في سورية، «مما أدى إلى مقتل العديد من الأشخاص». وشددت على أن هذا الأمر «غير مقبول». وحضت أشتون السلطات السورية على عدم استخدام العنف بحق المتظاهرين وإحالة مرتكبيه على القضاء و«الإصغاء إلى المطالب المشروعة» للشعب السوري. وقالت إن على دمشق أن تعالج المشكلات «عبر إصلاحات حقيقية وليس عبر القمع».

ويأتي موقف أشتون بعدما أعلن ناشط حقوقي أمس أن متظاهرين شكلوا درعا بشريا حول جامع العمري في درعا بجنوب دمشق خشية اقتحامه بعد أن قام الجيش وقوات الأمن بتفريق مظاهرة احتجاجية انطلقت لليوم الخامس على التوالي.

وشهدت مدينة درعا تظاهرات عدة استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريقها واعتقلت عددا من المشاركين فيها! بينما ارتفعت حصيلة القتلى إلى ستة منذ الجمعة.

ونددت فرنسا والبيت الأبيض باستخدام العنف ضد المتظاهرين في سورية.